رفضت محكمة النقض العسكرية أمس طعن المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد "الإخوان المسلمين" و17 من قيادات الجماعة ضد حكم المحكمة العسكرية العليا الصادر ضدهم بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و10 سنوات. وكانت المحكمة العسكرية العليا أصدرت أحكاما بالسجن بمدد متفاوتة على 39 من قيادات الإخوان على رأسهم المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان في 15 إبريل عام 2008، وكانت أقسى عقوبة ومدتها 10 سنوات ضد يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية بجماعة الإخوان ومعه 4 من قيادات الإخوان المقيمين خارج مصر والذين تم محاكمتهم غيابيا، في حين تم الحكم بالسجن 7 سنوات على الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك. وندد عبد المنعم عبد المقصود محامي الإخوان في تعليق ل "المصريون" بالمحاكمات العسكرية لقيادات وأعضاء "الإخوان"، واصفا المحاكمات أمام قضاء استثنائي بأنها محاكمات "غير عادلة"، لأنها تحرم المدنيين من المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، متهما النظام الحاكم بأنه يلجأ لإحالة المدنيين إلى القضاء العسكري عندما يرغب في استصدار أحكام للانتقام من خصومه السياسيين من "الإخوان". وأعرب عبد المقصود عن تشاؤمه الشديد من إمكانية حصول موكليه على حقوقهم من هذا القضاء الاستثنائي، وقال: "لا أمل في محاكمة عادلة أمام القضاء العسكري خاصة وأننا استنفذنا كل المحاولات التي يمكننا عملها وليس لدينا أي فرصة في الحصول على أية حقوق أمام هذا القضاء الاستثنائي". وأرجع ذلك إلى أن رئيس الجمهورية هو الذي يصدر قرارات الإحالة إلى المحاكم العسكرية التي تتألف من قضاة تابعين للسلطة التنفيذية ممثلة في تبعيتها لوزير الدفاع، وأكد أن المتهمين ليسوا وحدهم الذين ليس لهم حصانة، بل أن قضاة هذه المحاكم أيضا يفتقدون للحصانة، حيث أنهم قابلون للعزل أو عدم التجديد لهم من وزير الدفاع، خاصة وأن هؤلاء القضاة يجدد لهم بشكل سنوي بعد حصولهم على رتبة عقيد. وأصدر مركز "سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز"، بيانا أعرب فيه عن أسفه الشديد لرفض المحكمة العليا للطعون العسكرية قبول الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان المسلمين في القضية رقم 963 لسنة 2006 جنايات أمن دولة عليا، والخاص بضرورة الإفراج عن قيادات الجماعة المحالين للمحاكم العسكرية؛ حيث تمثل تلك المحاكمة انتهاك صارخ لإحكام القانون والدستور والمصري، فضلاً عن المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء الاستثنائي. واتهم المركز النظام السياسي المصري بالاستمرار في تعسفه مع الجماعة، وإصراره علي إقصاء قياداتها الذين شهد لهم المجتمع بالنزاهة ونظافة اليد، محذرًا من أن هذا يمثل خطرًا فادحًا على حاضر مصر ومستقبلها، ويمثل تشويهًا لصورتها ومكانتها أمام المجتمع الدولي، الذي يدين بل ويجرم التعدي على حقوق وحريات الآخرين دون وجه حق. وحذر من أن مصر تمر بمنعطف خطير، يتطلب تكاتف وتعاضد النظام مع كافة طوائف وشرائح الشعب، بما في ذلك المعارضة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حتى يتسنى لنا التصدي لمحاولات الغرب المستميتة لتمزيق وتفتيت الدول والمجتمعات العربية وعلى رأسها مصر، إذ لا يخفى على أحد المخططات الصهيو أمريكية الخاصة بالسيطرة والهيمنة علي ثروات ومقدرات الدول العربية، تلك المخططات التي بدأت ملامحها تظهر في العراق وأفغانستان والسودان والصومال واليمن، والتي يتوقع أن تنتقل إلى مصر قريباً، حيث تجري حالياً عمليات تطويق وحصار وتهديد الأمن القومي المصري على قدم وساق، مما يعني أن الخطر محدق بنا من كل اتجاه. واعتبر البيان أن إقصاء النظام لمعارضيه من خلال اعتقالهم تارة وإحالتهم للمحاكم العسكرية تارة أخرى، وذلك في مقابل تركه لأعضاء الحزب "الوطني" الذين اتهمهم بأنهم يتاجرون بأقوات وأرواح الشعب المصري، يساعد أعداء الوطن في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، حيث تفقدنا تلك الإجراءات التعسفية ضد أبناء الوطن الشرفاء القدرة علي الممانعة، لأنها لا تحرمنا فقط من أساتذة الجامعات ورجال الأعمال والمهندسين المشهود لهم بالكفاءة والتفاني في خدمة الشعب المصري والدفاع عن قضاياه العادلة، وإنما تفقد أبناء الشعب المخلصين الولاء والانتماء لهذا الوطن العزيز. وجاء في البيان أن "سبيل النظام الوحيد لمواجهة تلك الحرب، يتمثل في عودته مرة ثانية للحصول علي شرعية داخلية، تتيح له القدرة علي رفض التدخلات الخارجية في شئوننا وشئون دولنا العربية المغلوبة علي أمرها، وهذه الشرعية لن يحصل عليها ما لم تحدث مصالحة بين النظام والمعارضة السياسية بكافة طوائفها، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وهذه المصالحة لن تبدأ إلا بعد الإفراج عن كافة المحالين للمحاكم العسكرية، بل وبعد إلغاء القضاء الاستثنائي، وإلغاء قانون الطوارئ، وفتح صفحة جديدة مع الشعب المصري، الذي يناضل منذ زمن بعيد للحصول علي الحرية والاستقلال والبدء في التنمية والازدهار". ولذلك فإن المركز يطالب بضرورة تحقيق الآتي: أولاً: الإفراج عن قيادات جماعة الإخوان وغيرهم من المحاكمين أمام المحاكم العسكرية، وقصر تلك المحاكم علي العسكريين فقط، مع كفالة محاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي. ثانياً: احترام الحكومة المصرية لأحكام القانون والدستور، وكذلك الاتفاقات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والموقعة عليها مصر. ثالثاً: تدشين عقد اجتماعي جديد بين النظام والشعب المصري، تسود فيه قيم الحرية والمساواة والعدالة. رابعاً : إلغاء قانون الطوارئ، وكافة المحاكم الاستثنائية، وذلك من أجل أن ينعم الشعب المصرية بالحرية، دون خوف من عقاب، حيث تمثل تلك المحاكم سيف مسلط فوق رقاب المعارضة المصرية بكافة طوائفها. خامساً: تخفيف قبضة النظام على المعارضة السياسية، وخاصة على جماعة الإخوان المسلمين، وعدم التعسف في الإجراءات المتخذة ضدها، بزعم أنها تسعى لقلب نظام الحكم، وذلك بعد أن ثبت بالدليل القاطع بطلان تلك الادعاءات، ومخالفة استهداف أفراد الجماعة للقانون والدستور، فضلاً عن مخالفته للمواثيق والأعراف الدولية. سادساً: إتاحة الفرصة للمعارضة للتحرك في أوساط الجماهير، وذلك من أجل إحداث نوع من الحراك السياسي داخل المجتمع، إذ من شأن الاستمرار في سياسة تهميش المعارضة أن يؤخر مساعي الإصلاح والديمقراطية التي يتحدث عنها النظام ليل نهار. سابعاً: يطالب المركز في مواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الدول العربية من قبل الخارج من الأنظمة العربية وعلى رأسها مصر الاستقواء بالشعوب العربية وفي القلب منها الشعب المصري، والحصول علي الشرعية من خلال الحفاظ علي مصالح تلك الشعوب، وجعلها في مقدمة أولوياتهم. وأخيراً فإن المركز يطالب كافة المنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان، وكذلك مختلف طوائف الشعب المصري، التكاتف من أجل دفع النظام لإجراء إصلاح حقيقي، وكفالة الحريات، والإفراج عن أبناء مصر الشرفاء القابعين خلف أسوار المعتقلات.