إصرار الرئيس محمد مرسى على إجراء الانتخابات البرلمانية بسرعة وبدون التوافق السياسى حول القانون من كافة الأحزاب السياسية، وخصوصًا بعد الأخطاء القاتلة والتشكيك فى عدم دستوريته بعد تقرير المحكمة الدستورية، يجعلنا نتساءل لماذا هذا الإصرار على الانتخابات بعد تأكدنا أن الانتخابات ليست هى الطريق للاستقرار، فالتوافق والتفاهمات هى طريق الاستقرار، والأهم من ذلك مصر خاضت عدة انتخابات حول الرئاسة والشورى والدستور، فهل حدث استقرار؟ وهل مصر تتقدم؟ فنحن فى تراجع مستمر وانهيار واضح فى كافة جوانب الحياة فى مصر. والمؤسف أن نواب مجلس الشورى لم يعترفوا بفشلهم الواضح فى صياغة قانون لا يتم الطعن على مواده بعدم الدستورية، وأنه مخالف للقانون، والمدهش للسخرية هو هجوم نواب الشورى على قرار المحكمة الدستورية بضرورة تعديل عشر مواد وبدلا من الاهتمام بالمواد وتعديلها شاهدنا جلسة من الهجوم على المحكمة ووصفها بألفاظ لا تليق بقيمتها التاريخية ولا بدورها فى حماية القوانين المصرية وعادت للأذهان نغمة المحكمة تعادى الثورة وأنهم رجال مبارك وبعضهم تعالى فى غضبه لدرجة المطالبة بحل المحكمة وإلغائها وهذه التصرفات تعكس الاحتقان السياسى الواضح وقصر نظر بعض أعضاء الشورى وعدم إدراكهم لطبيعة المرحلة وضرورة التوافق والتفاهم من أجل الخروج من الأزمة والعبور بمصر نحو بر الأمان واستكمال مؤسسات الدولة. نواب الشورى وبسرعة غريبة فى يوم واحد وجلسات منفصلة قرروا تعديل القانون حتى يتم تمريره والعمل به من أجل سرعة إصداره وبدء عملية الانتخابات وكأنهم يريدون تلبية رغبة الرئيس فى الانتهاء من الانتخابات بأى شكل وكأنهم لا يتعلمون الدرس، فوجود ثغرات فى القانون من الممكن أن تبطله وتجعلنا ندخل أزمة المجلس المنحل مرة أخرى، وكلنا يتفادى أزمة تكرار الجريمة مرة أخرى، فسرعة إصدار قانون مثل هذا خطر على الجميع وستدخلنا جميعا فى أزمة لا نعلم كيف ستخرج مصر منها. لا أعلم كيف فى يوم واحد استطاع نواب الشورى تعديل دوائر مصر الانتخابية، ومن الواضح بعد إعادة التقسيم وزيادة عدد مقاعد المجلس أن القانون مفصل لخدمة جماعة الإخوان المسلمين بلا منازع، لأن الدوائر أصبحت غير طبيعية، كبيرة جدا من حيث المساحة وبعض الدوائر بعيدة زمنيا عن دوائر أخرى، وهناك مجاملات واضحة فى بعض الدوائر لصالح الجماعة، وكنا نتمنى صناعة قانون يلبى كافة المطالبات بضرورة وضع دوائر تضبط المشهد الانتخابى ولا تجعله فى خدمة فصيل واحد انتخابيا كما يعلم الجميع، وكلنا نطالب بدوائر عادلة تضمن للجميع الفرصة الحقيقية لنيل شرف تمثيل الشعب فى مجلس نيابى سيقود البلاد للتنمية والاستقرار. الإصرار الرئاسى وسرعة تعديلات الشورى تجعلنا لا نعلم ماذا يريدون، ولماذا هذه السرعة؟ وما فائدة مجلس منتخب يمكن حله بحكم محكمة لعدم دستورية مواده؟ وما قيمة مجلس مطعون شعبيا على قرار انتخابه ولا يوجد توافق شعبى وسياسى حوله؟ وما قيمة كل ذلك فى ظل حالة الاحتقان السياسى الذى تعيشه مصر؟ فهل يصر الرئيس على عناده المتكرر لكافة القوى السياسية؟ وهل هذه هى الديمقراطية؟ وهل هذه الثورة التى قامت مصر من أجلها؟ وليعلم الرئيس وجماعته وحزبه أن مصر أهم من برلمان، والتوافق هو الحل الحقيقى لكل أزمات مصر، ولن ينجح فريق واحد فى قيادة البلاد لو ملك عقول وأموال العالم، فمصر وطن للجميع وستنتصر على كل محاولات الانفراد بالسلطة والاستبداد فى إصدار قرارات رئاسية، فمصر لن يحكمها ديكتاتور بل رئيس عادل لكل المصريين. الأهم كيف ستجرى انتخابات بعد شهرين؟ وهل الوقت كافٍ لنزول المرشحين المستقلين والأحزاب وعمل الدعاية والحشد الشعبى فى وقت قصير كهذا؟ أم أن الأمر يعكس رغبة الإخوان المسلمين فى السيطرة على مجلس النواب؟ [email protected]