القت أزمة نقص السولار والبنزين المتشعبة بظلالها على مختلف مناحى الحياة فى مصر ، فباتت واحدة من ابرز الازمات الحياتية الخانقة التى عرفها المصريون ربما قبل سنوات ، و لكنها استحكمت بعد ثورة 25 يناير ، فأحكمت قبضتها على الحكومة والمواطن فى وقت بات فيه الاقتصاد فى عنق الزجاجة غير متحملا لاى مهاترات. وتعد مظاهر نقص الوقود وامداداته من المحروقات بكافة أنواعها، ماثلة للأعين من حين لآخر، فنقص الوقود ترك المصريون يصطفون بسياراتهم لساعات خارج محطات الوقود.. والنقص الحاد فى مخزون الديزل يضر بطاقة تشغيل وسائل النقل العام، والمساهمة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وخاصة المنتجات الزراعية. شغلت طوابير السيارات المنتظرة أمام محطات البنزين والسولار عدة كيلومترات ، فتحولت مصر الى جراج كبير ، وزادت من حدة ازمة المرور ، وارتفع زخم الغضب داخل النفوس من طول الانتظار فى طوابير امام محطات البنزين أو فى اشارات المرور ، فبات المصريون أكثر عصبية ، وأصبح مشهد الاشتباكات بالأيدي بين السائقين وأصحاب محطات الوقود، بسبب أولوية الحصول عليه ، معتادا. وتواصل أزمة نقص البنزين فى عدد من المحافظات ،أدى إلى انتعاش السوق السوداء، واللجوء إلى المخزون الاستراتيجى لسد احتياجات المواطنين ، وتتزايد الازمة مع الانفلات الامنى وعدم الاستقرار الاقتصادى والسياسى الذى يواجه مصر حاليا ، ولا تقتصر تداعياتها على طوابير السيارات وإنما تتعداه لتصل الى توقف بعض الافران عن إنتاج الخبز فى الصعيد والالات الزراعية فى الوجه البحرى التى تعتمد على السولار فى تشغيلها ويترتب على كل ذلك ارتفاع اسعار ابسط السلع والاشياء، مما يشجع رحى الفقر على الدوران بلا رحمة على الفقراء ومحدودى الدخل . وتتضح جذور المشكلة فى بيانات منظمة الاوبك التى تشير الى وجود فجوة ما بين الانتاج المصرى والاستهلاك من البترول خلال السنوات الاخيرة حيث بلغ الانتاج اليومى فى عام 2011 الى 534 الف برميل بترول خام ، فيما بلغ الاستهلاك اليومى فى نفس العام 671 الف برميل لتصل فجوة الاستهلاك الى 137 الف برميل يوميا ، ولذلك يعتبر صندوق النقد الدولى وغيره من المنظمات الدولية مصر من الدول المستوردة للبترول . وتشير بيانات وزارة البترول الى ان مصر تستورد 50 فى المائة من الاستهلاك المحلى من البوتاجاز و 30 فى المائة من السولار و 6 فى المائة من البنزين ، وان قطاع البترول يحتاج الى نحو 6 مليارات دولار شهريا لاستيراد تلك الاحتياجات الا ان ما توفره وزارة المالية يصل الى حوالى 150 مليون دولار فقط.. مما يتسبب فى قلة الكميات الواردة وحدوث اختناقات بالاسواق ويرجع ذلك للعجز فى العملات الاجنبية نتيجة تراجع ايرادات السياحة والاستثمار الاجنبى المباشر والمرتبط بتراجع ارصدة الاحتياطات من العملات الاجنبية لتلبية الاحتياجات الاستيرادية والدفاع عن استقرار سعر صرف الجنية المصرى امام العملات الدولية .