عندما يغيب العدل وتندثر الحقيقة رغم وجود مَن يطالب بحقه حتى بح صوته وصمْت كل الأذن عن سماعه، وأصبح كمن يؤذن فى وادٍ فسيح لا يسمعه أحد، وكما يقول المثل المتداول بيننا "يؤذن فى مالطة" ودائمًا ما يأتيه فى منامه كابوس مخيف "إذ يرى أنه ينادى بأعلى صوته، ومع ذلك لا يسمعه أحد, وتهرب من أمامه الكلمات وتغيب عن خاطره المأثورات حتى يتعجب من كلمة "ما ضاع حق وراءه مطالب"، وضلت الحقوق طريقها ويتذكر بينه وبين نفسه كثيرين ممن ظلموا وضاعت حقوقهم ومن مات قهرًا وظلمًا, ومن أخذ صك الشهادة رغم أن الجميع يعلم أنه قاطع طريق ومن نزع منه كل شيء ولم يكرم حيًا وميتًا بالرغم من أنه يستحق التكريم, ومن ظهرت براءتهم بعد صعود أرواحهم إلى بارئها, الظلم باقٍ فى الحياة ولا يخلو زمان أو مكان من ظالم ومظلوم, وعندما يصبح السفهاء والجهلاء والفاسدون والمجاهرون نجومًا ويندثر وينسى العلماء والحكماء ويصبحون بلا قيمة, ويكذّب الصادق ويصدّق الكاذب ويوقر الظالم حيًا وميتًا ويستهان بالمظلوم, ويحكمنا قانون الغابة لا بقاء إلا للخارجين عن النظام ولا تقدير ولا تبجيل إلا لهم، إننى أرى أن الزمان الذى نعيشه غاب فيه كل شيء, ولا وجود إلا للوجوه الشاهبة أنهم أسوأ خلف لأسوأ سلف, حدث فى مصر تحول أخلاقى واجتماعى خطير فلن يستطيع أحد أن يعالج هذا الخلل الذى توغل فى أساس المجتمع، وأوشك أن ينهار وأن التصدعات التى نعيشها هى دلالة واضحة عن الانهيار القادم, كلماتى السابقة إحساس أعيشه، وأنا والكثيرون من أبناء جيلى الذى ضاع منهم كل شيء ولم يبق لهم فى الحياة أملا إلا أن تطمئن قلوبهم على أبنائهم, بعد ثورة يناير كان لدينا أمل كبير فى تحقيق التوازن الطبيعى فى المجتمع "من عيش وحرية وعدالة اجتماعية"، ولكن بعد ماراثون الصراع السياسى بين كل الأطراف المتنازعة والتى دفع فقراء الشعب فاتورتها باهظة وعرف الجميع أن كل ما حدث من ثورة وكانت له آثار سلبية ذهب أدراج الرياح، وأن الفرق بين النظام السابق والحالى هو تغيير فى الأسماء لا الأفعال، الأمور كما هى لا جديد، الوزير سيظل وزيرًا والخفير سوف يبقى على وضعه ولا عزاء للثوار. وأختم كلامى وأقول "صوت النوارس خلف البحر تخبرنى ... البحر يخفى خلف الموج طوفان ...هل أطلب الصفح من لص يطاردنى ...أم أطلب الصفح ممن باع أوطان.