تفاقمت حدة التوتر بين "الدعوة السلفية" وذراعها السياسية حزب "النور" من جهة، وجماعة "الإخوان المسلمين" وذراعها السياسية حزب "الحرية والعدالة" ومؤسسة الرئاسة من جانب آخر من جهة أخرى، بعد قيام الرئيس محمد مرسى بإقالة مستشاره لشئون البيئة الدكتور خالد علم الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون البيئة، بذريعة وجود تقارير رقابية تتهم الأخير باستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، وهو ما اعتبره خبراء نهاية للتحالف بين الفصيلين الإسلاميين الأبرز في مصر. واعتبر محللون أن إقالة علم الدين جاءت ردًا من جانب الرئاسة والإخوان على مبادرة حزب "النور" لحل الأزمة السياسية، والتى تضمنت إقالة الدكتور هشام قنديل وتشكيل حكومة إنقاذ وإبعاد النائب العام، وهو ما اعتبرته جماعة "الإخوان" أعطى قبلة حياة لجبهة الإنقاذ الوطني بعد أن لفظها الشارع، بحسب الإخوان. وتصاعدت الأزمة خصوصًا مع تمسك حزب "النور" بمبادرته ورفضه بشكل تام لجميع الضغوط لقطع صلاته بجبهة الإنقاذ، على الرغم من أن الجماعة لجأت إلى فتح النوافذ مع كل مِن الدكتور محمد البرادعى، والدكتور السيد البدوى شحاتة، للتوصل لصفقة مع الجبهة تفرغ مبادرة حزب "النور" من مضمونها، خاصة مع نفي الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب "الحرية والعدالة" مناقشة المبادرة خلال لقائه معهما. وجاء ذلك في الوقت الذي ترددت فيه بقوة أنباء عن وجود دور الرجل القوى بجماعة "الإخوان المسلمين" خيرت الشاطر" فى إشعال الانقسامات داخل الحزب ودعمه لانشقاق الدكتور عماد الدين عبد الغفور ومجموعته من الحزب وتأسيس حزب "الوطن" لإضعاف حزب "النور"، ردًا على دعم الأخير للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية وتأييده للفريق أحمد شفيق فى جولة الإعادة. وربط المحللون الأزمة أيضًا بالمذكرة التى قدمها وفد حزب "النور" للرئيس مرسى عن سيطرة نهج "أخونة الدولة" على نهج جماعة الإخوان وحزبها، والتى قدمها الدكتور يونس مخيون، رئيس الحزب، ونائبه سيد مصطفى، والأمين العام جلال مُرة عن شغل 13ألف إخوانى مناصب بمؤسسات الدولة لاسيما فى محافظة كفر الشيخ وحدها التى تم تعيين 54 شخصية إخوانية داخل إداراتها المختلفة. وعلم الدين أستاذ علوم البحار بجامعة الإسكندرية كان أكثر مستشاري الرئيس انتقادا لسياسات الدولة في ظل حكم الإخوان المسلمين ومعروف عنه موقفه الناقد لكثير من المواقف التي تحدث في مؤسسة الرئاسة وضعف ملاحقتها للفساد والعمل على أخونة الدولة وإقصاء الآخرين. وقد عرف منذ فترة أنه شخص غير مرغوب فيه في هيئة مستشاري الرئيس وأعلن رغبته في الاستقالة أكثر من مرة كما تقدم بها فعليا قبل أيام. ولكن قيادات إخوانية بحسب مصادر "المصريون" أرادت أن تبعث برسالة إلى "النور" من خلال إهانة أحد أبرز رموز الحزب ردا على انتقاداته للجماعة ومحاولة ضغط النور على الرئاسة في ملف الأزمة الحالية فى السياق ذاته، لوح علم الدين، باللجوء للقضاء للرد على حملة الرئاسة لتشويه سمعته، لافتا إلى أن مساعيه لفضح قضايا فساد تهدد الأمن القومى هى ما أشعلت غضب دوائر داخل الرئاسة الذين وضعوا العقبات أمام مشروع ضخم لتدوير المخلفات وجهود مكثفة لجذب مستثمرين للعمل فى 50 مشروعًا فى عدد من المحافظات. ولم يستبعد أن تكون الإقالة جزءًا من تصفية الحسابات بين حزبي "النور" و"الحرية والعدالة"، لافتا إلى أن أغلب المسئولين يعملون بشكل هادئ جدًا لا يتناسب مع معظم التحديات التى تجابه مصر، مشددًا على أنه سيعود لعمله فى كلية العلوم بجامعة الإسكندرية. وطلب علم الدين اعتذارًا رسميًا من الرئاسة على محاولة تشويهه وزعم استغلاله لمنصب لتحقيق مصالح شخصية، لافتا إلى أنه سعى لتحقيق شىء ذى قيمة لبلاده طوال مدة وجوده فى منصبه. من جانبه، أكد الدكتور عمار على حسن، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أن العلاقة بين حزب "النور" و"الإخوان المسلمين" يشوبها توتر منذ تحقيق "النور" نتائج قوية فى انتخابات مجلس الشعب المنحل وتسجيله حضورًا لافتًا فى الشارع شكّل نوعًا من الصدمة للجماعة التى أخذت على عاتقها ضرورة تحجيم دور الحزب السلفى خصوصًا بعد نجاحه فى اجتذاب جانب كبير من التيار المتدين. ولم يستبعد أن تكون إقالة علم الدين حلقة فى مسلسل التوترات بين الطرفين أو ردًا على تقارب حزب النور مع جبهة الإنقاذ وتصميمه على التمسك بمبادرته أو حسب ما يتردد عن وجود اعتراض سلفى عن سيطرة الأخونة على مؤسسات الدولة، لافتا إلى أن الدكتور علم الدين دفع ثمنًا للخلافات بين الإخوان والسلفيين.