أصدر الرئيس مبارك قرارين جمهوريين بدعوة مجلسي الشعب والشورى للانعقاد بدءا من يوم الأربعاء 23 ذو القعدة الموافق 11 نوفمبر 2009، مطلقا بذلك شارة البدء لدورة برلمانية جديدة يتوقع أن تكون حافلة بالمواجهات بين نواب الحزب "الوطني" ونظرائهم من "الإخوان المسلمين" والمستقلين والمعارضة. يأتي ذلك في الوقت الذي قرر فيه الحزب "الوطني" عدم إجراء أي تغييرات في المواقع القيادية داخل البرلمان، حيث لن يطرأ أي تغيرات على هيئة مكتب مجلس الشعب المكون من الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس والدكتور زينب رضوان وكيل المجلس عن الفئات وعبد العزيز مصطفي وكيل المجلس عن العمال، كما لن تجرى أي تغيرات على هيئات مكاتب اللجان النوعية بالمجلس. ويتوقع مراقبون أن تتسم الدورة البرلمانية القادمة والأخيرة من عمر هذه المجلس بالسخونة الشديدة، في ظل عدد من العديد من السيناريوهات التي رجحوا أن يتبناها أحمد عز أمين التنظيم بالحزب "الوطني" وينفذها نواب الأغلبية في مواجهة نواب "الإخوان" والمعارضة والمستقلين، وذلك في أعقاب الهجوم على ضد فصائل المعارضة تحت القبة وخاصة نواب "الإخوان" من قبل نواب "الوطني" خلال المؤتمر العام للحزب الذي عقد أخيرا. في المقابل، سيعمد نواب الإخوان والمعارضة والمستقلين إلى محاولة إحراج حكومة الحزب "الوطني" عبر تكثيف الاستجوابات التي ربما تزيد عن 400 استجواب والمئات من البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة التي تدور خصوصا حول الفساد والرشاوى الانتخابية، فيما يتوقع أن تلوح المعارضة برفع مذكرات احتجاج إلى البرلمان الدولي حول تهميش دورها المعارضة من قبل نواب الأغلبية. من جانبه، أعرب الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون البرلمانية والمجالس النيابية عن أمله في أن تمر هذه الدورة بهدوء، خاصة وأنها الأخيرة في عمر هذا المجلس، مشيرا إلى أن المجلس أمامه أجندة تشريعية، من بينها قوانين الآثار والاستخدام النووي في الأغراض السلمية وتعديلات قانون الخدمة العسكرية وتعديل الدوائر الانتخابية وتعديل قانون اليانصيب لمنع المسابقات غير المشروعة وأيضا قوانين نقل وزراعة الأعضاء البشرية والتامين الصحي والتأمينات والمعاشات والضمان الاجتماعي ومشاركة القطاع الخاص في إدارة المرافق العامة وقانون المحافظة على الوثائق وقانون البنك الزراعي وقانون الوظيفة المدنية، بخلاف القوانين الأخرى التي ينظرها المجلس. أما فيما يتعلق بمشروع قانون مكافحة الإرهاب وقانون الإدارة المحلية، فأكد شهاب أنه لا يزال محل بحث ودراسة، ملمحا إلى أنه لن يتم عرضها خلال الدورة البرلمانية القادمة، وأنه وربما يتم عرضها في دورات برلمانية أخرى. وقال شهاب: هناك 24 مشروع قانون طرحتها الوزارات المختلفة وسيتم عرضها في الوقت المناسب خاصة وأن هذه الدورة قصيرة بخلاف الدورات البرلمانية الأخرى، ومن بين مشاريع القوانين قانون البث المسموع والمرئي وقانون الكهرباء الجديد وقانون الشركات الموحد وقانون الإفلاس والرياضة. من ناحيتهم، أبدى النواب الدكتور إبراهيم الجعفري وصلاح الصايغ ومصطفى بكري ومحسن راضي توقعاتهم بأن تكون الدورة القادمة ملتهبة، وأن يمارس نواب الأغلبية أساليب لا تتوافق مع الأعراف البرلمانية من خلال التعليمات والإرشادات والاجتماعات المسبقة لأمين التنظيم أحمد عز مع نواب الأغلبية، لكنهم توعدوا قائلين: لن نسكت أو نصمت ولنا ردود أفعال سوف تحرج النظام والحزب "الوطني" بعدما وصفوا أنفسهم بأنهم أصحاب القاعدة العريضة. وأكد النواب أنهم سيتوجهون بالعديد من مشروعات القوانين وتعديلاتها التي سوف تتقدم بها الحكومة خاصة تعديل قانون الانتخابات، الذي يهدف إلى تفصيل دوائر بعينها لبعض نواب الحزب "الوطني" وتقسيم بعض الدوائر الكبرى وإعداد دوائر للمرأة، فضلا عن إعداد الدوائر الخاصة بمحافظتي حلوان و 6 أكتوبر، وأيضا قانون التامين الصحي الذي وصفه النواب بأنه يعد كارثة ومصيبة تواجه أصحاب المعاشات ومحدودي الدخل، بالإضافة إلى قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية الذي سوف يفتح الباب للاتجار في الأعضاء البشرية للفقراء تحت غطاء قانوني، على حد قولهم. وأشار النواب إلى أن استجواباتهم سوف تدور العديد حول قضايا الفساد وإهدار المال العام وتزاوج السلطة مع المال ومسئولية الحكومة عن زيادة إعداد الفقراء والمهمشين داخل المجتمع المصري، كما تعهدوا بفتح ملفات المشروعات القومية التي أنفق عليها المليارات دون الاستفادة منها، ومنها مشروعات توشكي ووادي التكنولوجيا والمشروع القومي لتنمية سيناء وتصدير الغاز لإسرائيل. كما تعهدوا بفتح ملفات "الشللية والمستشارين أصحاب الحظوة الذين يتقاضون الملايين من الجنيهات شهريا بعد خروجهم إلى المعاش وتسكينهم في الوزارات والشركات والهيئات على درجة مستشار"، وأيضا استيلاء "الحيتان" ونواب الحزب "الوطني" على أراضي بطرق غير شرعية وأيضا حول بيع شركات القطاع العام. وأكد النائب الإخواني الدكتور إبراهيم الجعفري أن التصريحات الحكومية تدور حول 23 قانونا وقرارا جمهوريا، لكن الحقيقة أنها رؤيتها لم تكتمل بعد حول أجندتها التشريعية التي ستدفع بها إلى البرلمان، وقال إن كل ما أثير خلال المؤتمر العام للحزب الحاكم وجاء على لسان الرئيس مبارك هو إطار عام للتشريعات التي يمكن أن تتقدم بها الحكومة. وأضاف أن الحكومة من عادتها أن تتقدم بتشريعات تتسم بالعجلة والعجائب، وهناك تشريعات "اللحظة" الأخيرة، مثلما حدث لقانون تمثيل المرأة في المجالس التشريعية وهناك تشريعات أصحاب النفوذ والمصالح الخاصة "اللوبي المالي والاقتصادي"، كما حدث في قانون حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية. وأشار الجعفري إلى أن أجندته التشريعية تتضمن تعديل قانون البناء والإسكان والضريبة العقارية وبعض القوانين المرتبطة بالشريعة الإسلامية وقانون الوظيفة العامة وقانون سلامة الغذاء وقانون ضمانات وديمقراطية النقابات وقانون تنظيم الوقف الأهلي وتعديل قانون حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية. وتحمل الأجندة التشريعية لكتلة نواب "الإخوان" ثلاث ملفت كبرى إلى جانب بعض الملفات الفرعية والملفت الكبرى، حيث تدور حول قضايا الفساد وملف الحريات والأمن العام وملف الصحة والتعليم. بدوره، نفى النائب مصطفى السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية أن يكون هدف نواب الأغلبية خلال الدورة البرلمانية القادمة تصيد الأخطاء والتراشق بالألفاظ سواء كان ذلك بين المعارضة والأغلبية، وقال إن هذه الأمور يعلم النواب إنه ليست في مصلحتهم وإنها سوف تؤثر عليهم داخل دوائرهم الانتخابية، خاصة وأن هناك مرشحون بدءوا في إعداد حملتهم الانتخابية وينتظرون أخطاء النواب الحاليين وقال السلاب إنه يتمنى من هذا المجلس ونوابه أن يجروا المزيد من المناقشات حول قضايا محدودي الدخل والفقراء وسكان المناطق العشوائية التي مازال أهلها محرومين من كافة الخدمات، وأوضح أنه لا يعتقد أن تنفلت الأمور خاصة وأن الدكتور سرور خلال الدورة البرلمانية الماضية نجح بدرجة كبيرة في إخماد العديد من الأزمات، رغم ما تردد في السابق عن حل هذا المجلس ومع ذلك استمر بثبات حيث نوقشت العديد من الاستجوابات والبيانات العاجلة وطلبات الإحاطة والأسئلة ومشروعات القوانين والحسابات الختامية للدولة، ومارست المعارضة دورها دون أي افتتات عليها سواء من الحكومة أو نواب الحزب "الوطني"، وقال علينا جميعا تهيئة الأجواء والابتعاد عن جو المشاحنات والمصدامات.