أثارت مبادرة حزب النور المعلنة بتاريخ 30 يناير 2013 حالة من الصخب فى المشهد السياسى المصرى . نصت المبادرة فى أهم بنودها على ضرورة تغيير النائب العام من خلال ترشيحات يقررها مجلس القضاء الأعلى ويختار منها رئيس الدولة ,كما تبنت مقترحا بتشكيل لجنة خبراء لبحث وإقرار المقترحات الخاصة بتعديل المواد المختلف عليها فى الدستور وكذلك أقرت تشكيل حكومة ائتلافية تقود العمل الوطنى فى المرحلة القادمة. حالة البلبلة التى أثارتها المبادرة نجمت عن سببين رئيسيين :- الاول :- مضمونها الذى لايخلو من تعارض مع توجهات حزب الحرية والعدالة وسائر القوى الإسلامية بل وربما معسكر الموالاة بأكمله حيث ظل حزب النورحليفا استراتيجيا طيلة الشهور الماضية لجبهة التأييد . الثانى :- مكان إعلان المبادرة ,حيث كان ذلك فى مقر حزب الوفد قلب جبهة الانقاذ والتى بدورها تقود المعارضة الشرسة ضد الرئيس والتى لم تخلو فعالياتها من العنف تارة او دعوات بإسقاط الرئيس تارة أخرى . السؤال المطروح الآن هو :- هل أراد حزب النور من خلال مبادرته فقط إحداث حالة من التوافق ولم الشمل وتضميد الجراح ؟؟ ذلك هو المعلن من خلال تصريحات جميع قيادات الحزب . ولكن .. هل يلحظ المراقب للأحداث أهدافا أخرى لتلك المبادرة المثيرة للجدل ؟ أغلب الظن ان لحزب النور فى مبادرته مآرب أخرى , من أبرز تلك الأهداف :- 1- يريد الحزب تثبيت فكرة لدى جموع الشعب - وبالأخص الناخبين منهم – أنه ليس حليفا استراتيجيا لأحد كما هو أيضا ليس عدوا إسترتيجيا لأى من الاحزاب أو التكتلات ( قائل العبارة السابقة نصا هو أشرف ثابت نائب رئيس الحزب فى لقاء تليفزيونى على قناة النهار بتاريخ 12 فبراير 2013 )وهذا يحقق له حالة الإستقلالية والإنفراد باتخاذ القرار الذى يحقق مصلحته الخاصة ويوسع من قاعدته الجماهيرية ويفتح أفقا للانفتاح على سائر القوى السياسية . 2- التخلص من عبء الاخطاء التى وقع فيها حزب الحرية والعدالة ومؤسسة الرئاسة خلال الشهور السبعة الاخيرة والتى من المؤكد كانت لتضر بموقفه الانتخابى. 3- الروح التوافقية للمبادرة تظهر حزب النور بمظهر التكتل العاقل الوسطى الذى يبحث عن المصلحة العامة ورأب الصدع كما تخرجه من حالة الإستقطاب القائم والذى تبذه الجماهير مما يعود بالنفع على شعبية الحزب وثقة الجماهير به وبالتالى تزايد فرصه فى الانتخابات البرلمانية المقبلة . 4- المبادرة تمثل رسالة من الحزب للمنشقين عنه -والذين قاموا مؤخرا بتأسيس حزب الوطن برئاسة د.عماد عبد الغفور – بأنه لا يزال صاحب السبق والرصيد وأنه سيظل الحزب السلفى الاوفر حظا . 5- المبادرة ترفع أسهم الحزب فى بورصة التحالفات والتربيطات الإنتخابية كما تفرض حضوره كذلك فى جلسات الحوار الوطنى كلاعب أساسى و طرف فعال . 6- إكتسب الحزب مساحة إعلامية ضخمة وحضور مميز فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية مما أكسبه تميزا عن سائر القوى الإسلامية . لاشك أن نجاح المبادرة أو فشلها مرهون برد فعل مؤسسة الرئاسة وما ستسفر عنه جلسات الحوار الوطنى الماراثونية ولكنها تظل معلما بارزا وتغيرا استراتيجيا فى مواقف الحزب الإسلامى الاكثر إثارة للجدل : حزب النور . *مواطن مصرى مقيم بالخارج أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]