سعر الجنيه الذهب اليوم الخميس 16-10-2025 في السوق المحلية    بعد حادثة عم فوزي.. محافظ الدقهلية في جولة ميدانية جديدة بحي غرب المنصورة    باحثة بالشأن الأفريقي: مصر أكثر دولة تفهم تعقيدات المشهد السوداني ولن تسمح بانقسامه    وزير الحكم المحلي الفلسطيني: خطة التعافي الفلسطينية تعتمد على البرنامج العربي لإعمار غزة    ستاد المحور: تأخر وصول بعثة الأهلي إلى بوروندي بسبب رحلة الطيران الطويلة    نجم الزمالك السابق: الموسم لا يزال طويلًا وفقد النقاط وارد.. وناصر الأنسب لتعويض غياب الدباغ    الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الجمعة 17-10-2025    منة شلبي تُكرم في مهرجان الجونة السينمائي وتُهدي جائزتها لوالدتها    محافظة الإسماعيلية تستعد لإقامة النسخة 25 من المهرجان الدولي للفنون الشعبية    مواقيت الصلاة غدًا الجمعة 17 أكتوبر 2025 في المنيا    صحة بني سويف تُطلق حملة في 188 مدرسة للتوعية بصحة الفم والأسنان    الخطيب يكلف عبد الحفيظ بملف كرة القدم في الأهلي: «خبرته تجعله جزءًا من صناعة القرار»    100 مغامر يحلقون ب «الباراموتور» |سياح 38 دولة فى أحضان وادى الملوك    محافظ الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يشهدان احتفالات عيد القوات الجوية    مصادر أمريكية: واشنطن أبلغت إسرائيل اهتمامها بمواصلة تنفيذ اتفاق غزة    لتفادي نزلات البرد .. نصائح ذهبية لتقوية المناعة للكبار والصغار    حسام شاكر: ذوو الهمم في قلب الدولة المصرية بفضل دعم الرئيس السيسي    مواجهات نارية في ذهاب دور ال32 من دوري أبطال إفريقيا 2025    الوطنية للانتخابات تعلن قوائم المرشحين في انتخابات مجلس النواب 2025    الحليب المكثف المحلى في البيت.. وصفة سهلة بطعم لا يقاوم    غارات إسرائيلية تستهدف عددا من مناطق جنوبي لبنان وبلدة في الشرق    رابطة المحترفين الإماراتية تعلن موعد طرح تذاكر السوبر المصري في أبوظبي    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    بيع أكثر من مليون تذكرة ل كأس العالم 2026 والكشف عن أكثر 10 دول إقبالا    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    بعد مقتل رئيس أركان الحوثي.. نتنياهو: سنضرب كل من يهددنا    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الله حرم الخمر والخنزير والبعض يبحث عن سبب التحريم    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    ضبط فتاة بالجامعة العمالية انتحلت صفة "أخصائى تجميل" وأدارت مركزًا للتجميل بمركز جرجا    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    وزير العدل: تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تعزز الثقة في منظومة العدالة    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    أوبريت «حلوة بغداد» يختتم فعاليات الدورة السادسة لمهرجان المسرح    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    «يمامة» يشكر الرئيس السيسي: عازمون على تقديم رؤى تناسب الجمهورية الجديدة    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي بمدخل المراشدة في قنا    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    بعثة بيراميدز تتفقد منشآت الدوحة استعدادًا للمشاركة في كأس الإنتركونتيننتال بدعوة من "فيفا"    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع السياسي في ظل الربيع الدموي
نشر في المصريون يوم 13 - 02 - 2013

إن ما ميز التجربة الثورية المصرية هو تأرجحها بين الصبغة السلمية الجماهيرية والسياسية وبين البعد العسكري الأمني. ففي البداية لم تتضح معالم الحسم ولا موقع الجيش مما حدث أثناء الثورة ولا فيما بعدها. وقد بلغ هذا التجاذب أشده بعد انتخاب محمد مرسي رئيسا ولا نظنه انتهى بتغيير رئاسة المجلس العسكري ووزير الدفاع. أن جماعات المعارضة غالبا من تقوم بالتعبير عن حالة الاستياء المجتمعي واستغلاله لتحريض الشارع علي تصعيد احتجاجاته من أجل التغيير. ولاشك أن النخب التي تحقق فوائد اقتصادية واجتماعية هائلة من احتكار للسلطة، لن تسلم مصيرها إلي من تعتبرهم غوغاء، ولن تكون نهاية الصراع كما في مباراة كرة القدم؛ لأن الصراع لتصفية مصالح الفئات المستفيدة وبالتالي القضاء عليها، ليس لعبة رياضية، وإنما هو صراع تناحري بين فئات اجتماعية متناقضة؛ فريق منها يستبعد ويستغل الفريق الأخر ليزداد ثراء. وأصحاب نظريات المؤامرة يعشقون الغوص في تفاصيل تفصلهم عن جوهر الصراع، وبمنطق البرجوازي الصغير تصبح التفاصيل هي محور الصراع الأساسي والذي يحدد المواقف، ويتراجع جوهر الصراع ليجعله هؤلاء وهما أو شيئا ثانويا. أن جوهر الصراع في الربيع العربي من تونس إلي مصر إلي سوريا واليمن تمحور حول حق المواطن في الحرية والمشاركة في صناعة القرارات التي تمس مصيره، ما يجب أن يؤدي لتحسين مستوي معيشته؛ هكذا فهم الثوار المعادلة بمنتهي البساطة. وبدلا من استلام السلطة نتيجة لغياب القيادة الثورية السياسية للحراك، لجأ ثوار مصر وتونس بل وحتى سوريا للبحث عن مجموعات سياسية صالحة (ضمن المتوفر من وجهة نظرهم) تستلم السلطة، على أن تخضع لرقابة الشعب، وتكون مهمتها الأساسية تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. ولم تظهر في حسابات الثورات - التي غابت عنها القيادة السياسية القادرة علي تحديد محاور الصراع والحراك- الجماعات المتطرفة، وحجم دور الإسلام السياسي. وكان من الطبيعي أن يتصدر المشهد الإسلام السياسي في ظل غياب أو ضعف وتشتت بقية القوي السياسية، وهذا أمر ليس اختياريا وإنما إجباريا- أي لا مجال فيه لفذلكة المحللين- ذلك لأن هذه القوي التي انتشرت في المساجد والمناطق الفقيرة، وقدمت خدمات لمحدودي الدخل بدءا من العلاج مرورا بالتعليم انتهاءً بتشكيل كومونات تجارية اجتماعية امتلكت القاعدة الانتخابية. خلال الأعوام الماضية تحولت القوى السياسية العربية المعارضة للحكومات الديكتاتورية على اختلاف توجهاتها إلي مجرد ديكورات، لم تعد لديها امتدادات فاعلة ومؤثرة في الشارع العربي، وانحصرت في دائرة النخب، ليتحدد وضعها في اللعبة السياسية وفق نفوذها الاقتصادي والسياسي، إضافة لقدراتها على الحصول على دعم قوى دولية مؤثرة. هذان البعدان المتوازيان، السياسي المدني والعسكري، لهما كذلك جذور تاريخية منها العميق ومنا الظرفي القريب. فعلى مستوى مظاهر المدنية الحديثة لا تختلف مصر عن الحالة التونسية وربما كانت التجربة أعمق أحيانا في حالة مصر. الدولة الوطنية تعود إلى بداية القرن التاسع عشر مع محمد علي الذي انخرط في تجربة إصلاحية متميزة. حالة الهدوء تلك تحولت إلى صخب بين الحرس القديم والحرس الجديد، اللذين يتنازعان شرعية التمثيل والبرنامج السياسي. تشكل استقالة السياسي المخضرم "الجنرال" عبد الهادي المجالي، وهو أحد أبرز أقطاب العمل السياسي في البلاد في العقد الأخير، إعلانا عن طي صفحة الحرس القديم للدولة من اجل إضفاء صفة التجديد على الإدارة العامة للبلاد. تواري المجالي عن المشهد بإعلانه اعتزال العمل السياسي، يعكس رغبة الدولة في تجديد نخبها، لكن يبقى هذا المشروع قيد الاختبار، وهو ما ستكشف عنه الأيام والشهور المقبلة، عبر أداء مؤسسة البرلمان، التي تمثل الشرعية الوطنية، وندوتها السياسية، وتعبر عن مدى حقيقة مشاركة الشعب في إدارة شؤونه العامة. تمتلك مؤسسات الدولة "المشروعية الوطنية" منذ عقود، فتلك المؤسسات تولت إدارة الشأن العام في البلاد في ظل غياب أي شريك حقيقي، أو مشروع وطني خارج تلك المؤسسات، إلا أن تلك المشروعية واجهت عملية تجريف منهجية، بالقذف بسيل من انتقادات طالتها، كان أبرزها اتهام بعض رموز تلك المؤسسات "بالفساد والاستبداد".كما ساهم البرنامج الاقتصادي والنهج السياسي، الذي مارس دور الوصاية على قناعات الناس من خلال التدخل في الانتخابات النيابية والبلدية إلى انعدام الثقة الشعبية بالإدارة العامة في البلاد.كما أن التجربة الدستورية المصرية لا تقل عراقة مثل ظاهرة الأحزاب (الوفد 1918) و الجمعيات (الإخوان المسلمون 1928)، ويعود انقلاب الوضع لصالح البعد العسكري في السياسة إلى ثورة 1952 التي أدرجت الجيش كمحرك وكمنظم للمجال السياسي ولسلطة الدولة وذلك تحت شعارات أيديولوجية قومية. وربما ساهمت الطبيعة الزراعية للمجتمع المصري في إنجاح هذا التحول خاصة وأن الأحزاب، ومنها حزب الوفد، كانت أحزابا مدينية بامتياز. هكذا شهدت المرحلة الناصرية هيمنة الجيش على مفاصل الدولة وذلك إلى حدود ما بعد حرب 1973 لأن الهاجس الأول كان المواجهة مع إسرائيل وحلفائها. كما احتلت العناصر العسكرية مكانة مرموقة وحظوة في سلم التراتبية الاجتماعية المصرية. تحولت المؤسسة العسكرية المصرية إلى لاعب اقتصادي مهم من خلال التصنيع الحربي وخاصة من خلال تصرفها المباشر في المساعدات الأميركية التحول الثاني كان مع إمضاء معاهدة كامب ديفيد التي أسقطت أولوية المواجهة مع إسرائيل ليتحول دور الجيش من عسكري أمني موجه للخارج إلى دور سياسي داخلي. وصاحب ذلك بداية عودة للأحزاب وانفتاح على الإسلاميين خاصة بعد اغتيال السادات. كما تحولت المؤسسة العسكرية إلى لاعب اقتصادي مهم من خلال التصنيع الحربي، وخاصة من خلال تصرفها المباشر في المساعدات الأميركية. أي أن المؤسسة العسكرية أصبحت ذات ثقل اقتصادي بالإضافة إلى ثقلها السياسي وهنا نفهم حرصها على التمتع بالاستقلالية المالية. هكذا وجد نوع من التوازن بين البعد العسكري والبعد المدني في السياسة المصرية بدا واضحا خلال العشريتين الأخيرتين. وهكذا كان الاستقطاب الأول بعد الثورة استقطابا بين المؤسسة العسكرية والأحزاب ومختلف قوى الثورة ليتواصل فيما بعد من خلال التعارض العسكري الإخواني. وأعتقد في هذا السياق أن تراجع دور الجيش سيؤدي إلى تنامي الصراع السياسي الحقيقي بين الأحزاب وبين قوى المجتمع المدني من أجل صياغة مشاريع مجتمعية بديلة. لكن الشرط الأول لذلك يتمثل في عدم السقوط في تعويض تغول الجيش بتغول الإخوان. بيد أن القمع المنظم الذي مارسته الأنظمة التسلطية العربية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية لم يرهب شباب الانتفاضات العربية الذين تبنوا بصورة واضحة شعار" الشعب يريد إسقاط النظام السياسي" .وأدركوا منذ البداية أهمية البعد الاجتماعي والاقتصادي في الصراع السياسي الدائر على الساحة العربية .وقد فاجأت الحركة الشعبية الفكر السياسي العربي،فكانت أكثر تقدما وجذرية من ممثلي غالبية الأحزاب والمنظمات السياسية والنقابية العربية.وعقدت حولها الكثير من المؤتمرات والندوات العلمية،وصدرت عشرات الكتب وآلاف المقالات بلغات عدة لدراسة أسباب تلك الانتفاضات، وتطوراتها، وآفاقها المستقبلية.وخصصت لها صحف ومجلات عالمية مساحات واسعة لمتابعة تحركات الشارع العربي المنتفض والساعي لإدخال تغيير جذري في بنية المجتمعات العربية. اليوم، بعد أكثر من عام ونصف على انفجار الحركات الشبابية في أكثر من دولة عربية، ورغم الصورة الضبابية للنتائج التي تمخضت عنها، ما زال "الربيع العربي" حلما يراود الشعوب العربية، وبشكل خاص عنصر الشباب والنساء منهم. وهو يمثل القلب النابض للعالم العربي،ومحط أنظار شعوبه بعد عقود طويلة من القهر والاستبداد والقمع وهيمنة ثقافة السلطة أو ثقافة التبرير على ثقافة التغيير الشامل ،على مختلف الصعد .
*دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.