ومن عَجَبٍ أن يتبختر الباطلُ ويتمايس فى عنجهية وعُجبٍ مقبلاً بحده وحديده على الحق الأبلج محاولاً ثلم حصنه فيعجز ويتوارى مدبراً كالفلِّ الذى يحملُ سيفاً أفلّ! ….ثم يفكر ويدقق ويذعن لوحى فكره الخبيث الذى يسوّل له أنَّ الطريقة المثلى لعرض باطلك أن تزعم أنه الحق لكن فى إهَابٍ جديد وطور سديد وعرض شيق أنيق ! ياله من دهاء ومكر إبليسىٍّ تفتقت عنه أذهانُ هؤلاء ! لقد حاولت الشيوعية أن تجتث الإسلام من جذوره وتهدم قلاعه فوق أتباعه، فاكتشف عرابوها أنَّ نزع حبّات قلوب المسلمين أهون عليهم ألف مرة من التفريط فى معالم دينهم وشريعتهم ، فيا ترى ما الحيلة ؟! الحيلة أن تقول أنَّ الإسلام والاشتراكية سيّان كلاهما جاء لتحقيق الأمن والرخاء والعدالة بين الطبقات المجتمعية، وسد رمق الأفواه الجائعة والأكباد الملتهبة، ألم يأتِ الإسلام لذلك ؟! أجل!....هنا صرخ الصارخ منا: والاشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوى الحقدِ والنكرانِ! درس صاحبنا فى جامعة غربية، وانبهر فى سنوات قضَّاها هناك أيما انبهار، وتعلم أن الذات الإنسانية مقدسة وهى مدار الكون، وأن العقل البشرى هو البديل المتطور لنصوص الوحى ، وأنَّ للإنسان أن يعبد ربه بالطريقة التى تريح نفسه ويسكن لها فؤاده، المهم أنك لست ملحداً، بل تثبت وجود الخالق…فماذا عساك أن تفعل أكثر من ذلك ؟! ولمَّا عاد بعد تُخْمة من منابع الغىِّ ، جاء وقت التقيؤِ فى أذهان الأهل والأصدقاء والجيران !...حالةٌ من الإحباط تسيطر على صاحبنا، ماهذه العقول المتحجرة التى لا تستجيب ولا تُفْتحُ مغاليقُ فكرها؟! الحل الأمثل الذى بدر لذهن اليائس القانط أن يقول لصاحبه وهو يحاوره: ألست تحب ربك ؟! قال بلى ! ألست تصلى وتصوم وتحج وتعتمر؟! قال بلى ! هنا تهللت أساريرُ وقسماتُ وجهه فقال : إذن أنت ليبرالىٌ مؤمن متدين!، ولا فرق لعلمانى أو ليبرالى أو إسلامى إلا بالتقوى! أن تعتقد أن حاكمية الله وهمٌ وسرابٌ فيكفيك أنك متدين ! أن تنحى شريعة الرحمن جانباً وتستبدلها بزبالات أفكارك ، فتكفيك تمْتمتك بالدعاء! أن تزعم أن العبودية قد حُصِرتْ فى الشعائر التعبدية بين جدران المساجد، ومشاعر وجدانية تسرى بين الفينة وأختها فى خَلَجاتِ النفوس والصدور، فهل التقوى إلا فى القلوب ؟! وهكذا تتنازعنا الأهواء يا عزيزى ، وتمضى سِنى العمر ما بين لفحات الجدل وسجالات الدفاع عن الباطل أهو هو الإسلام ، أم جاء غازياً لقيطاً لا يقوم على قدم ولا ساق ؟! والقاعدة الذهبية المُتَبعة فى ذلك: لا تقل فكرتى تتصادم مع الإسلام ، بل قل هى من صميم الدين، واصبر على لجاجة هذا الجيل وحِجاجه ؛ فربما جاء جيلٌ يستمرىء ويستسيغ! لكنَّ اليقين أنَّ الجبلَ الصخرىَّ الأشمَّ إذا صُبَّ عليه الماء أرسله من كل جوانبه ، وأفاضه إلى أسفل، أما الأرض المنخسفة فما أكثر ما يستنقعُ فيها الماء! [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]