أوقفنى الرجلُ مغضباً مشدداً على رغبته فى الحديث معى ، رحبت بذلك جداً؛ فالرجل فى سن والدى، أعرفه محبٌ للدين والسنة، محافظٌ على الصلاة فى وقتها ، يعظم حرمات الله ، يحترم أبناء التيار الإسلامى قاطبةً وكان يتجشم المشاق فى حشد الجماهير من جيرانه وأهله ومعارفه وأصدقاءه لصالح مرشحى الأحزاب الإسلامية فى الانتخابات التى مرت …جلست على كرسى أمامه أرمقه وقد بان على وجهى الاستفهام ، فعاجلنى قائلا: يا بنى أنتم تذبحوننا ! لما ياعم ؟! ألا ترى يا بنى هذا الصراع الدائم المحتدم بين العلماء والدعاة والحركات الإسلامية فى مصر ؟ لقد صبرنا على لأواء وشظف العيش أملاً فى غاية تحلِّقُ فى أذهاننا وهى تمكين الشريعة والدين، فما بالكم قد فرغ بعضكم للنيل من بعض وكأننا صرنا فى تمكين ما بعده تمكين! هل صرنا يا بنى فى خلافة راشدة؟! إن الأكباد تجأر إلى الله وتشكو جوعتها ، وإنَّ الله لعليم بالحال ! أتعجزون أن تتناسوا خلافاتكم قليلا ريثما تنتهوا من منازلة عدوكم الذى جعل أوزاعاً متفرقة إلباً واحداً على ما بينهم من خلاف أصيل جذرى لا لشىء إلا لاستئصال شأفتكم والقضاء على وحدتكم ؟! لقد صدقت يا عم! ….إنهم يذبحوننا ، وبسكين بارد ،فياليتهم أحدّوا شفرتهم وأحسنوا القِتلة ! …هل تناسوا الجماهير التى وثقت فيهم ورغبت فى صدارتهم لتشوفهم لأمل مشرق جديد؟! إنى لأعلم من كان يقترض أجرة المواصلات ليذهب إلى لجنته الانتخابية على بعدها !...إى والله! رأيت من تنحدر دموعه وهو ذاهب ليختار مرشحاً يتبنى مشروعاً إسلامياً ؛ أملاً فى الحياة الكريمة واليد البيضاء الطاهرة والدين والخلق، وتمر الأيام والشهور وصاحبنا صابرٌ صامد!؛ فقد كذَّب كلَّ وسوسة إعلامية تدعوه إلى التنصل منكم فما استجاب ! ضاق رزقه وتحجرت الحياة، وما زاد إلا بتكرار كلمات الأمل والتفاؤل والثقة فى الله وكرمه ، يلخصها لك بقوله : (ربك كريم!) ربما لم يستطع أبناء الحركات والأحزاب الإسلامية فى مصر أن يشاركوا فى رفع الأعباء والهموم التى يرزح فى نيرها الكثير والكثير من أبناء هذا الوطن فى ظل هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة ….ربما!...ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لكن الاستقرار النفسى لدى الجماهير المُحبّة للمشروع الإسلامى وفكرته ومن حمل لواءه أنعجز عن مراعاته؟! إن البعض قد جعل من لسانه سيفا مصلتا على رقاب إخوانه صباح مساء بدعوى النصح والتقويم وتصحيح المسار، ومابين التراشق والتلاسن على شاشات الفضائيات وكلمات على صفحات وتقليد وتعصب الأتباع يقف الرجل المحب من الجماهير التى وثقت فى التيار الإسلامى وأملت فيه خيراً مشدوهاً كسيراً ولسان حاله : لا خيلَ عندكَ تهديها ولا مالُ فليسعد النطقُ إنْ لمْ تسعد الحالُ! إن الجماهيرالمحبة للتيار الإسلامى قد تصبر لحرارة الإيمان ونبض الغيرة على الدين على الضوائق والنوازل وضيق ذات اليد إذا استشعرت أن هذه التضحيات لأجل دينها وإسلامها ، أما والله وقد فرغ بعضكم لبعض ، وتتبع أحدنا عورات أخيه؛ فلن يتحملنا أحد ، وسيكفر الناس بنا لا بفكرتنا ، وسيحملون هم الراية بعد أن تذوب وتتلاشى أشباحنا الثلجية حينما تسطع عليها شمس ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) ، فإمّا أن نتمسك ب( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ، وإمَّا أن نردد بعد النتيجة الحتمية ( قل هو من عند أنفسكم) بدلا من قولنا (أنّى هذا) ! أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]