ظهرت شخصية "الخمينى" - زعيم الثورة الإيرانية - أول مرة أوائل عام 1963 لقيادة المعارضة التى تحركت ضد برنامج الإصلاحات الذى أعلنه الشاه والمعروف باسم "الثورة البيضاء"، التى شملت إعطاء حق التصويت والاقتراع للنساء، وتغيير قوانين الانتخابات التى أتاحت انتخاب ممثلين للأقليات الدينية للبرلمان، وإجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، الذى يمنح المرأة المساواة القانونية فى الزواج، وتوزيع ممتلكات بعض رجال الدين الشيعة. وفى العام التالى نشبت أعمال شغب بعد أن اعتقل الخمينى ثلاثة أيام على أثر تصريحه بأن الشاة "رجل بائس سيئ"، وقد واجهت الشرطة أعمال الشغب تلك مستخدمة القوة المفرطة، وسقط الكثير من القتلى، وأعلنت تقارير الحكومة وقتها سقوط 86 قتيلًا، فيما ادعت المعارضة أن الرقم يصل إلى الآلاف، لكن التقارير التى أعدت بعد قيام الثورة أشارت إلى أن أكثر من 380 لقوا مصرعهم على يد الشرطة. تم وضع الخمينى تحت الإقامة الجبرية لمدة 8 شهور ثم أفرج عنه، وتابع التحرك ضد الشاه بخصوص علاقته مع إسرائيل، وخصوصًا "تنازلات" الشاه لتمديد الحصانة الدبلوماسية لعسكريين أمريكيين، أعيد اعتقال الخمينى فى نوفمبر 1964، وأرسل إلى المنفى وبقى فيه لمدة 14 عامًا حتى قيام الثورة. برز بين هذه القيادات الخمينى الذى طور ونمى وروج لنظرية مفادها "أن الإسلام يتطلب حكومة إسلامية يتزعمها ولى فقيه"، أى كبار فقهاء القانون الإسلامى، فى سلسلة محاضرات بدأت منذ أوائل سنة 1970، وصدرت فيما بعد فى كتاب، بيَن الخمينى أن المذهب الشيعى يتطلب الانصياع لقوانين الشريعة وحدها، وفى سبيل ذلك لا يكفى أن يقود الفقهاء جماعة المسلمين، بل عليهم أن يقودوا الحكومة أيضًا. وفى أكتوبر توفى مصطفى ابن الخمينى، وفى حين يعتقد أن الوفاة نجمت عن أزمة قلبية، إلا أن المجموعات المعارضة للشاه ألقت بالمسئولية على السافاك، واتهمتهم بتسميم مصطفى واعتبر "شهيدًا"، وأقيمت صلاة الجنازة على روحه فى طهران، الأمر الذى عاد بالخمينى إلى دائرة الضوء، وبدأت مرحلة تحول عبرها الخمينى إلى قائد المعارضة المناوئة للشاه. مع حلول سبتمبر 1978، كانت البلاد مزعزعة على نحو شديد، وتحولت المظاهرات الحاشدة إلى أحداث منتظمة، فرض الشاة الأحكام العرفية، وحظرت كل التظاهرات، وفى يوم الجمعة 8سبتمبر 1978، خرجت مظاهرة حاشدة للغاية فى طهران، إنها المظاهرة التى حولت ذلك اليوم إلى ما بات يعرف اليوم باسم الجمعة الأسود. فى 16 يناير 1979، غادر الشاة وزوجته الملكة فرح ديبا إيران، نزولًا على طلب رئيس الوزراء الدكتور شاهبو بختيار، الذى كان لفترة طويلة زعيم المعارضة، وظهرت مشاهد الابتهاج العفوى لدى الشعب، ودمرت خلال ساعات كل رموز سلالة بهلوى، وأعلن بختيار حل البوليس السرى (سافاك) وأفرج عن السجناء السياسيين، ووعد بانتخابات حرة، وأمر الجيش بالسماح للمظاهرات الشعبية. وبعد عدة أيام من التوقف سمح بعودة الخمينى إلى إيران، وطلب إليه تأسيس دولة مثل الفاتيكان فى قم، ودعا المعارضة للمساعدة على الحفاظ على الدستور، وعاد فى مثل هذا اليوم عام 1979، محاطًا باستقبال أسطورى، وأصبح زعيمًا للثورة الإيرانية.