جاءت نتيجة الانتخابات الإسرائيلية مخيبة لأمال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ليلقى بذلك تحالف نتنياهو- ليبرمان صفعة مدوية، فقياساً إلى الكنيست السابقة والتى كان رصيدهما معا يتكون من 42 نائبا، هبط إلى 31 فقط، بمعنى أنهما فقدا 11 نائبا من قوتهما المشتركة فيما خسرت كتلة اليمين 5 مقاعد قياساً بحالها فى الكنيست السابقة. وأوضح التحليل الذى نشره مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية أن الرسالة التى أرسلها الناخب الإسرائيلى إلى حزب الليكود تحديداً باتت واضحة بأنه أصبح من غير المسموح الغلو بشكل يجلب ضرراً على مستقبل الدولة, فالجمهور الإسرائيلى بات متحفظاً من اندفاع نتنياهو وحزب الليكود من معسكر اليمين التقليدى إلى اليمين المتطرف، ذلك نظراَ لما يشكله من استفزازات للمجتمع الدولى قد تضر بصورة اسرائيل وتجلب العزلة لحكومة نتنياهو- ليبرمان، فضلاً عن قلق الناخبين من السياسة الاقتصادية لنتنياهو، والتى أدت إلى عجز فى الميزانية بلغ 40 مليار شيكل. وأظهرت نتائج الانتخابات أن المنتصر الحقيقى فيها هو يائير لبيد زعيم حزب "هناك مستقبل" الذى وعد بمعالجة أوضاع الطبقة الوسطى، فهو رومانة الميزان فى الائتلاف القادم الذى سيمسك الثور من قرنيه، فهو ليس فقط يستطيع أن يحدد تركيبة الائتلاف القادم، بل أيضاً تحديد خياراته. وأوضحت النتائج أن جمهور الناخبين الإسرائيليين فى عمومه يفضل حكومة يمين- وسط بدلاً من يمين متطرف يمضى فى تحقيق تصوراته المتوافقة مع معتقداته الأيديولوجية فى الموضوعات التى طرحها قبل الانتخابات وهى ضم المنطقة (ج) والاستعداد لمواجهة حلفاء إسرائيل فى العالم بما يشكل ضرراً فادحاً على مستقبل "إسرائيل". وقد أثر عدد من الأمور على اختيارات الناخب الإسرائيلى أبرزها الموقف الأوروبى والأمريكى الرافض لسياسات نتنياهو الذى يعرض مستقبل إسرائيل للخطر، وذلك بسبب سلوكه السياسي، وعدم قدرته على أن يرى الواقع حوله على نحو سليم خطير, وكذلك الانتقادات المتكررة من أبرز قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لنتنياهو وطريقة قيادته، والتحذيرات المتكررة له خاصة أنه يمضى بإسرائيل للهاوية وبالتحديد فى موضوع معالجته للنووى الإيراني، السلام مع الفلسطينيين، العلاقات مع المجتمع الدولى ومن أبرزهم ديسكن، مائير دجان. وكذلك تعد انتقادات مستويات سياسية لنتنياهو كرئيس الدولة شمعون بيرس، رئيس الوزراء السابق, يهود أولمرت، تسيفى ليفني. كذلك رؤساء أركان سابقون فضلاً عن الاحتجاجات التى جرت فى صيف ، 2011والتى تركت أثراً على المجتمع الإسرائيلى وتوجهاته المستقبلية تهديدًا لنتنياهو حيث لم تعد المسائل المرتبطة بالاعتبارات السياسية والأمنية هى وحدها التى تهيمن على بؤرة الناخب الإسرائيلى . وكان تملص نتنياهو من المشاكل المتصلة بالأزمة الاقتصادية، والقضايا الاجتماعية، التركيز على ما سماه "التهديد الإيراني" والإصرار على أن "القدس عاصمة إسرائيل الموحدة"، والإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير وأطاحت بأحلام نتنياهو فى الاستئثار بالسلطة . فيما نجح لبيد فى أن يكيف برنامجه الانتخابى مع ما يثير اهتمام الناخب فى المجالين الاقتصادى والاجتماعي، فركز فى برنامجه على المساواة فى تحمل الأعباء، الخدمة الوطنية الإلزامية للجميع، منهم العرب والمتدينين اليهود، وتحسين الخدمات للجمهور وتعزيز سلطة القانون، تقليص العجز فى الميزانية، تخفيض أسعار السكن، وتطوير التعليم.