حينما بشر أبي بمولدي , و هو ككل الرجال , يحلم بإنجاب البنين , كي يذكر اسمه بعد مماته و يأتي من يشد عضده ويقوي به ذاته , أكفهر وجهه حين علم بأني أنثى , لن أساعده في جلب المال , ولن أدافع عنه حين يشتد النزال , فأتى هو ليرشد أبي وينصحه , وعده بالجنة إن أحسن معاملتي و بشره بالنعيم إن هو أكرم مثواي , لم يزل يوصيه بي , ويرغبه ويمنيه , حتى إستحال همه سكينة وحزنه سرورا , فصرت قرة عين والدي , أنعم بالتدليل , و أحظى بالتقدير , حتى حسدني على ما أنا فيه إخوتي البنين , عشت مكرمة بين أهلي , بفضل نصحه لأبي وأمي . و منذ الطفولة .. و حلم الأمومة يراودني , أعشق الأطفال وأهيم بهم , طار قلبي فرحا حينما تزوجت و رزقت بأولادي , أحببتهم حبا يفوق كل وصف , وخفت من عقوق يتقطع منه القلب , فوجدته يوصي أولادي بطاعتي و بري , بل داوم على نصحهم , وعدني بالجنة وبشرني بحسن الثواب إن أنا أحسنت إليهم , ووعد أولادي بالنعيم إن هم بروني وأكرموني, أرشد زوجي للإحسان إلي , وحذره من إهانتي أو حتى إهمالي , علمه كيف يكون لي الزوج الصالح , والسكن الهانئ , والحضن الدافئ , والملجأ الأثير , صارت حياتي بتعاليمه روضة من نعيم , صرت ملكة متوجة وقبله لم أك شيئا على الإطلاق , كنت أسمع عن قصص جداتي التي دفنت تحت التراب بعد لحظات من ولادتهن , وعن أخريات كن يورثن مع المتاع فتؤول ملكيتها لأخ الزوج بعد وفاته , لم يكن لنا أي حقوق , حينما أتى إلى البشرية , كانت هناك حضارات تؤرقها قضية أن تتيقن : هل المرأة كائن بشري أم غير ذلك ? جاء إلى الدنيا فأعاد إلي كرامتي , ساوى بيني وبين الرجل في الحقوق والواجبات , رفع من شأني بنتا و أما وأختا وزوجة , أكرمني وعززني أكثر مما حلمت به , جعل أموالي لي خاصة ..لا ينازعني فيها أحد وألزم زوجي بالإنفاق علي وقبلها أبي وإن مات فإخواني , جعل القوامة لزوجي , هو القائم برعايتي وأنا الأميرة على قلبه , يقوم بسداد طلباتي وتلبية حاجاتي , له علي الطاعة بالمعروف و لي عليه الرعاية والإنصاف , حياتي كلها تسير بفضل توجيهاته لي ولكل من حولي , هو مصباح منير أضاء لي دنياي , و جسر مضئ أعبر به للجنان , كيف لا يملأ حبه قلبي , كيف لا أحبه أكثر من أبي وأمي , كيف لا أحبه أكثر من زوجي وفوق أولادي , لقد أحببته حبا يفوق حتى حبي لذاتي , كيف لا ?? وهو بلسم حياتي ونور فؤادي و شفاء صدري وسبب سعادتي وهنائي , هو النبي المجتبى والحبيب المصطفى , بعثه الله إلينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور , وقرن بين توحيدنا له والإيمان بنبوته , هو سيد الأولين والآخرين , هو خير الأنام ومسك الختام , هو الرحمة المهداة ... هو محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام . في ذكرى ميلاده تتلألأ الأنوار وتتفتح الأزهار , وتملأ السعادة الأرجاء , كل عام ونحن دوما نسير على نهجه ونتمسك بسنته , ننعم بحبه ونلتزم بطاعته , نذوب شوقا لرؤيته , ونتطلع لشربة هنيئة من حوضه والفوز يوم القيامة بشفاعته , كل عام والأمة الإسلامية بكل خير و عز وسلام , في ذكرى ميلاد الحبيب و سيد الأنام . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]