لا يكاد يفصلنا عن موعد قيام ثورة 25 يناير 2011 المجيدة سوى أيام قليلة وتتم الثورة عامها الثانى انقضوا بحلوهما ومرهما واستشهد مَن استشهد فى هذه الثورة العظيمة وأصيب من أصيب من الشباب والرجال الشجعان الذين تحملوا عن كاهل الوطن كله عبء ما حدث وكعادة كل الثورات لابد أن تحدث انقسامات بعدها ومن ثم اتهامات بين الفرقاء من الأحزاب والتيارات السياسية المتنافرة أصلا ولكنهم تجمعوا فى يوم 25 يناير على هدف واحد هو الخلاص من النظام السابق بكل رموزه وشخوصه وقد نجح تلاحم المصريين فى ذلك الوقت واتحادهم على الخلاص من هذا النظام وإن بقى جسم هذا النظام المترهل حجر عثرة فى طريق النهوض والسير قدمًا بمصر إلى الأمام فى كل مناحى الحياة ومن كل مَن كانوا مستفيدين من النظام السابق أو ممن كانوا يتوقعون أو يتمنون أن يحظوا برضاء ذلك النظام غير المأسوف عليه، مرت كما جرت الأحداث خلال العامين السابقين بنا أحداث جسام منذ تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة فى 11 فبراير حتى تركه للسلطة وبداية من الاستفتاء وصدور الإعلان الدستورى الأول حتى اليوم مرورًا بتغيير الحكومات والوزراء وانتخابات مجلس الشعب وحله وانتخاب اللجنة التى وضعت الدستور وانتهاء منه وقبلها انتخابات الرئاسة وما جرى بها من أحداث وشطب مرشحين وقبول آخرين رآها البعض ظالمة ورآها البعض الآخر منصفة ومن ثم أيدها ورفضها الكثيرون حتى جيء بالرئيس الدكتور محمد مرسى رئيسًا منتخبًا وشرعيًا وما تلا ذلك من أحداث، وإذ بنا نفاجأ بانسحاب بعض أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور واعتراضهم على بعض المواد قبل التصويت عليها بعد موافقتهم السابقة كتابة, وتشكلت ما سميت جبهة الإنقاذ بعدما ظننا أننا وصلنا إلى مرحلة استقرار نسبى فعلا فى النواحى الأمنية والاقتصادية وما كادت تدور عجلة الإصلاح رويدًا رويدًا إلا وأفصحت جبهة الإنقاذ بالانتفاض والاعتراض حتى على إرادة الشعب وخياراته وجرت اتهامات طالت جميع أفراد الشعب فى ظنى وصفتهم بالجهل تارة وطالب البعض بألا يدلى 50% من السكان بحجة أنهم جهلة تمامًا مثلما قالها بعض ضباط الشرطة سابقا لأفراد من الشعب حين توجههم للانتخابات لاختيار مرشحيهم وكانوا يجدون اللجان إما مغلقة أو ممنوع الدخول بأمر البلطجية وحاملى السنج والمطاوى بأنهم يدلون نيابة عنهم فى الانتخابات لأننا شعب لا يعرف من يختار، وكما قالها أحمد نظيف المسجون حاليًا وكما قالها عمر سليمان بأن الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية رحم الله الجميع. المشهد الحالى عندما نتأمله يذكرنا بأحد مشاهد السينما عندما تكون ممتلئة عن آخرها بالجمهور الجميع هدفهم واحد هو مشاهدة الفيلم المعروض ولكن قلوبهم شتى وبمجرد انتهاء الفيلم يذهب كل فى طريق نحن لا نريد هذا المشهد ولكننا نريد المشهد المعاكس الذى يذكرنا بخطبة الجمعة أو الصلاة فى مكة أو الحرم النبوى فالجميع هدفهم واحد وقلوبهم متحدة هدفهم واحد هو إرضاء الله سبحانه وتعالى وقلوبهم متحدة فى تحقيق هذا الهدف رغم أنهم أتوا من مناطق شتى تمامًا كما حدث فى ثورة 25 يناير رأينا جميع المصريين فى كل محافظات مصر خرجوا فى الميادين قلوبهم متحدة وهدفهم واحد هو الخلاص من مبارك ونظامه. لذلك أن المنقسمين اليوم والذين يريدون أن يخرجوا عن الإجماع الوطنى حول الرئيس أو الدستور من وجهة نظر الكثيرين هم مخطئون لأنهم تسببوا فى أزمة للبلاد تمثلت فى حالة الركود الاقتصادى والانفلات الأمنى والأخلاقى الموجودة فى البلاد الآن، ومن وجهة نظر البعض هم على حق ويرون أن النظام الحاكم الآن لم يفعل شيئًا جديدًا حتى الآن وأنه سبب كل الأزمات التى تعانى منها البلاد وما زال الفريقان يتطاحنان ويتراشقان بالكلام هنا وهناك، يا سادة من الطرفين اتحدوا على ما فيه الخير للبلاد إن كنتم حقا صادقين، تعالوا على مائدة واحدة وأنصتوا لصوت واحد فقط هو صوت مصلحة مصر فى هذه الظروف الصعبة، وإلى الفريقين أقول الفريق الذى فى السلطة لابد من الحسم والإنجاز السريع فى حل المشاكل العالقة التى تهم المواطنين والشباب يوميًا واتقوا الله فى هذا الشعب المنكوب دائمًا بحكامه وقياداته وغيروا من هذه الصورة النمطية التى تسيرون بها اخشوا الله ولا تخشوا العباد كونوا مبدعين فى حل المشاكل وتخلوا عن البيروقراطية العفنة والروتين، ابحثوا عن الشباب لا يهم من أى محافظة ولا لأى فريق ينتمى المهم أن يكون ولاؤه فقط لله ثم الوطن عندئذ سيكتب لكم النجاح والتوفيق، وللفريق الثانى أو جبهة الإنقاذ عليكم بالصبر أنتم لم تعطوا فرصة للنظام الذى لم يكتمل يوما واحدا حتى يلتقط الأنفاس ويعيد ترتيب الأوضاع، أعدوا أنفسكم وتخلوا عن النرجسية والتعالى على الناس وقدموا للناس حلولا يشعر بها المواطن لأننا لم نسمع لكم أى إنجاز على الأرض سوى المؤتمرات الصحفية والشتائم الإعلامية التى لا تقدم ولا تؤخر وبعضكم يحارب الدين جهارا نهارا وتظنون أنفسكم أوصياء على الشعب وسادته، بهذه الطريقة لن يلتفت إليكم أحد ولن يحترمكم أحد واصبروا واحترموا الشعب قد يغير رأيه بعد أربع سنوات إن لم يجد الخير فيمن اختار أما بهذه الطريقة فأنتم الخاسرون، وبمناسبة الذكرى الثانية للثورة أنصح الشباب الذين قاموا بالثورة أن ينزلوا الميادين لإحياء روح الثورة وتذكر الشهداء والاحتفاء بالمصابين ووضعهم فى المقدمة ولتكن ذكرى نعتبر بها كل عام ونتعلم منها ونعلم الأجيال القادمة الدروس الجميلة فى الصبر والتلاحم والوحدة والإيثار وكيف كان سلوك المصريين الحقيقى أثناء الثورة وأبطالها الحقيقيين أما الانسياق وراء دعوات القيام بثورة أخرى والتضامن مع رموز الفساد والمارقين من جهاز أمن الدولة السابق وحرق البلد وإعلان الحرب فهذا سيسيء إلى الثورة ورموزها وهذا غاية ما يتمناه أعداء مصر فى الداخل والخارج، أدعو الجميع من كل التيارات إلى النزول فى ميدان التحرير والاحتفاء بالثورة والتحلى بروح الأيام الثمانى عشرة التى هى عمر الثورة، بارك الله فى مصر وحفظها وشعبها وجيشها دائما اللهم آمين.