فوري تعلن نتائج مالية قياسية للأشهر التسعة الأولى من 2025    تريزيجيه: اتخذت قرار العودة للأهلي في قمة مستواي    سويسرا تكتسح السويد 4-1 في تصفيات كأس العالم 2026    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    المتسابق محمد وفيق يحصل على أعلى الدرجات ببرنامج دولة التلاوة    محمد وفيق ينال إعجاب تحكيم دولة التلاوة ويكمل المسابقة    الأمم المتحدة: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة إلى مساعدات    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    المشاط: الاستثمار في رأس المال البشري ليس إنفاقا.. وهناك بعد تنموي لكل جنيه يُوضع    البرازيل: الرسوم الأمريكية على البن واللحوم والفواكه الاستوائية تبقى عند 40% رغم خفض ترامب لبعض الضرائب    جميع المتأهلين لدور ال16 في كأس العالم للناشئين وموعد المباريات    وزير الصحة يشارك في حوار عن الثقافة والرياضة والهوية الوطنية    أسامة ربيع: أكثر من 40 سفينة تعبر قناة السويس يوميًا    مجلس الوزراء يستعرض كيف تحولت تلال الفسطاط من بؤرة للمخلفات إلى واجهة حضارية    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    كولومبيا توقع عقدًا لشراء 17 طائرة مقاتلة من طراز "جريبين" من شركة ساب السويدية    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    سلة - قبل مباراة الفريق الأول.. مرتبط الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي الدوري    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    رواتب تصل ل 45 ألف جنيه.. وظائف جديدة في محطة الضبعة النووية    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    "رويترز": لبنان يعتزم تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي بشأن الجدار الحدودي الإسرائيلي    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    موعد مباراة تونس ضد النمسا في كأس العالم تحت 17 عام    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قواعد المنهج في الإصلاح السياسي .. السيد يسين
نشر في المصريون يوم 23 - 06 - 2005


انتقال النظام السياسي المصري من السلطوية إلى الليبرالية والديمقراطية أشبه بالسير في طريق مزروع بالألغام! وأخطر ما في النظام السلطوي أنه عادة ما يركز على عدد محدود من الشخصيات السياسية يدير بهم العملية السياسية بطريقته مع تركيز شديد على رأس الدولة باعتباره هو بمفرده رأس الحكمة ومصدر الإلهام. وفي هذا السياق ووفق خطة مدروسة يتم القضاء أولاً بأول على المواهب الفكرية المبدعة، وعلى الشخصيات العامة الواعدة، حتى لا يبقى على المسرح سوى الشخوص السياسية السلطوية التي لا ولاء لها إلا لرأس الدولة. وإذا أضفت إلى ذلك طبقة عريضة من أصحاب المصالح نجد أنفسنا إزاء بنية بالغة الجمود، تحتاج إلى منهج مدروس لتفكيكها والعبور بها إلى الليبرالية والديمقراطية. علينا أن نتأمل بعمق تجربة دول أوروبا الشرقية التي نزعت عنها أغلال الحكم الشيوعي وانطلقت وفق اجتهادات مختلفة في طريق الديمقراطية، وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حوالى عام 1989. يعجب الإنسان كيف استطاعت مجتمعات دول أوروبا الشرقية أن تتم عملية الانتقال من الشيوعية إلى الديمقراطية في أقل من عقد من السنين؟ لا يعني ذلك أن هذه التجارب الديمقراطية قد اكتملت، أو أنها بلا سلبيات، ويكفي أن نعرف أنه في بعض هذه الدول مازال الحزب الشيوعي قائماً وباسمه القديم، وله أنصار كثر، ويمارس السياسة وكأن شيئاً لم يحدث. ومن أبرز المراجع العلمية التي رجعت إليها الكتاب الذي أصدره عام 1997 عالم السياسة الاشتراكي تسلي هولمز بعنوان "ما بعد الشيوعية! مقدمة". وهذا الكتاب – في نظر عديد من علماء السياسة المقارنة – أعمق دراسة كتبت حول المجتمعات الشيوعية المتحولة إلى الديمقراطية. وبالإضافة إلى ذلك هناك كتاب "إعادة اختراع السياسة: أوروبا الشرقية من ستالين إلى هافل" الذي أصدره عام 1992 فلاديمير بتسهانونو. وقد لفت نظري بشدة في البحث الذي أشرت إليه في صدر المقال عن "السفر خلال طريق غير بعيد" والذي كتبه أستاذ من جامعة مينوسوتا هو جوزيف ستينهاوزر اهتمامي الشديد بصياغة إطار نظري متماسك لدراسة عملية التحول الديمقراطي من خلال مقدمة واسعة وعميقة بتراث العلم الاجتماعي. وهذا الباحث الأميركي الذي كان مواطناً تشيكوسلوفاكياً قبل هربه إلى الولايات المتحدة الأميركية أيام الحكم الشيوعي يبادر بطرح أسئلة مهمة عن التغير تستحق التأمل العميق وهذه الأسئلة هي كما يلى: ما الذي ينبغي تغييره؟ وما الذي ينبغي الإبقاء عليه؟ وكيف نضمن التطورات المستقبلية؟ وماذا نفعل بالثقافة السلطوية القديمة؟ وهل التغيير سيحدث من تلقاء نفسه أم لابد من إدارته؟ وما هي العوامل التي أسهمت في سقوط النظام القديم؟ وكيف انهار بهذه السرعة؟ ومن هو المسؤول؟ وهل الماضي أفضل أم أسوأ من الحاضر؟ وما الذي خسرته البلاد في فترة عزلتها أثناء الحكم الشيوعي؟ وما هي الفترة التي ستستغرقها عملية التحول؟ وما هي أوجه التشابه في عملية الانتقال من الشيوعية إلى الديمقراطية بعملية الانتقال الساحقة من الديمقراطية إلى الشيوعية التي قامت بها النظم الشيوعية ذاتها من قبل؟ وسؤال بالغ الأهمية: هل يمكن لثقافة بكاملها أن تتغير وتحل محلها ثقافة أخرى؟ كل هذه الأسئلة حاول أن يجيب عليها هذا الباحث الذكي في بحثه الذي يزخر بالتحليلات العميقة. وفي تقديرنا أن عديداً من الأسئلة التي طرحها هذا الباحث يمكن أن تثار بالنسبة لعملية التحول من السلطوية إلى الليبرالية والديمقراطية في المجتمع المصري. ويلفت جوزيف ستنهاوزر النظر إلى مسألة بالغة الأهمية وهي أن التحول إلى الديمقراطية ليس مجرد الانتقال من نظام سياسي إلى آخر، بل إنه يتطلب تغييرات عميقة في التوجهات وأنماط سلوك البشر، وفي طريقة أداء المؤسسات المختلفة لوظائفها. وذلك لأن الديمقراطية نظام سياسي يقتضي إصدار قرارات، وتحمل مسؤوليتها، والاعتراف مسبقاً بأن هذه القرارات قد تؤدي إلى صراعات، وضرورة ابتداع وسائل سلمية لحلها. وفي ضوء ذلك يمكن القول إن عملية التحول الديمقراطي تقتضي إعادة صياغة القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى متكاملة من التحولات، ومن بين أهم هذه التحولات ما يلى: - التغير من الاعتماد على السلطة إلى تحمل المسؤولية الفردية في مجال صنع القرارات المختلفة. - التغير من السلبية إلى المشاركة الإيجابية والتي تعني الالتزام بالدفاع عن قضايا قد تؤدي إلى الصراع. - التغير من اتخاذ مواقف المعارضة المطلقة إلى تبني منظورات تعاونية، تميل إلى قبول الاختلاف. - التغير من مناخ اليأس والقدرية إلى مناخ الثقة بالذات والقدرة على التحكم في المصير. - الانتقال من التفكير الذي يقوم على ثنائية الخطأ والصواب إلى المنظور الديمقراطي في التفكير الذي ينزع إلى قبول الحلول الوسيطة. - التغير من التأييد السطحي للنظام إلى التأييد الإيجابي للنظام الجديد، أو على الأقل الانخراط في معارضة بناءة. - الانتقال من القدرية التي يسيطر عليها الماضي إلى التوجهات المستقبلية. - التغير من الشك إلى الثقة الفعالة. - الانتقال من عدم الكفاءة إلى الاقتصاد الحر ليس فقط في مجال الأعمال والتجارة، ولكن أيضاً في التعليم والحكومة والجوانب الأخرى للحياة العامة. - الانتقال من السرية إلى الانفتاح في ضوء الشفافية. - الانتقال من المطابقة المفروضة إلى الالتزام الشخصي والانضباط الذاتي. - وأخيراً الانتقال من الانعزال الثقافي إلى العضوية الفاعلة في المجتمع العالمي. وفي تقديرنا أن هذه القائمة الطويلة من التغيرات المطلوبة في مجال القيم والسلوك، يحتاج كل منها إلى تحليل متعمق ومناقشة نقدية لأنها تمس صميم الثقافة، وأنماط السلوك السائدة. ولو تأملنا المبدأ الأول المقترح بين التغيير من الاعتماد على السلطة إلى تحمل المسؤولية الفردية في مجال صنع القرارات المختلفة، لأدركنا أنه يمس ليس فقط مبدأ من مبادئ الدولة السلطوية، ولكن أيضاً يتعلق بممارسات متكاملة تمت في إطاره. ذلك أن الدولة التسلطية في سبيل منع مواطنيها من العمل بالسياسة بمعناها الحقيقي، ونعني المشاركة في عمل صنع القرار، والضغط بالوسائل السلمية للاختيار بين البدائل، وحرية ممارسة التفكير النقدي للسياسات المقترحة أو المطبقة، آثرت أن تقدم هي بالنيابة عن المواطنين في إشباع حاجاتهم الأساسية في الغذاء والسكن والعمل. وتولد عن ذلك عبر الزمن اعتماد المواطنين على الدولة في كل شيء، وانقراض اتجاهات المبادرات الفردية والخلاقة. وتحول المواطنون في الدولة التسلطية لكي يصبحوا حسب تعبير موفق للاقتصادي المعروف حازم الببلاوى: "عيال الدولة"! غير أن الانتقال غير المنظم من السلطوية إلى الديمقراطية وما ترتب عليه من انسحاب الدولة من أداء عديد من وظائفها التنموية والخدمية قد أدى إلى ترك المواطنين في العراء بدون أي حماية، على أساس أن كل مواطن ينبغي أن يبحث بنفسه عن سكن وعن عمل. وقد ترتب على ذلك استفحال ظاهرة البطالة وخصوصاً بين الشباب. وهكذا يمكن القول إنه قد لا تكفي الصياغة النظرية لقواعد المنهج في التحول الديمقراطى، ولكن ينبغي الالتفات إلى تحديات التطبيق العملي!. ------ صحيفة الاتحاد الاماراتية في 23 -6 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.