ما أجمل تعبير المولى عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِى إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾. فنور المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مثل نور الشمس، بل هو أفضل وأنفع. وما أروع الإمام الشافعى حين قال فى رسالته المشهورة: "فلم تُمسِ بنا نعمةٌ، ظهرت ولا بطنت، نلنا بها حظاً فى دين ودنيا، أو دُفع بها عنا مكروه فيهما، أو فى واحد منهما: إلا ومحمد - صلى الله عليه وسلم - سببها". أجل فقد قال رب العزة فى محكم التنزيل: ﴿إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِى﴾. وقال الحكيم الخبير فى موضع آخر: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ .وجاء فى "الدر المنثور" للإمام السيوطى منقولاً عن ابن عباس فى تفسير هذه الآية قوله: "فضلُ الله العلم، ورحمتُه محمد صلى الله عليه وسلم". فمحمد - صلى الله عليه وسلم - هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة. غير أن بعض النفوس لا تقدر القيمة الغالية لما وهبها الله عز وجل من نعم، كما أن بعض الأفراد لا يدركون ما منحهم الله من هبات. فترى نفراً ممن فقدوا نور العلم وانطلقوا على غير بصيرة يسخرون من النبى المعصوم. ويتناسى هؤلاء فضل سيد ولد آدم على البشرية كلها. وإن كان بعض الجهلاء قد تطاولوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم، إلا أن الأمر الأكثر إيلاماً من وجهة نظرى هو سوء أدب كثير من المسلمين مع نبى الله. ويتجلى سوء الأدب هذا فى إهمال سنته وعدم العمل بها. فأين نحن من أحاديث رسول الله التى تدعو كل مسلم إلى أن يكون شامة فى المجتمع وقدوة صالحة يشار إليها بالبنان؟ أين نحن من الأخلاق الحميدة التى دعانا رسول الله إلى التمسك بها؟ إننى أتساءل: ألم يقرأ المسلمون قول النبى: "إن من أحبكم إلىّ أحسنكم أخلاقاً"، (رواه البخاري) .إننى أتعجب وأفكر أين المسلمون من قول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة) .رواه الترمذي). والعجيب أن يدعى بعض الناس حب النبى العدنان ثم يتجاهلون قولته الخالدة: «إِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا». ثُمَّ أَعَادَهَا مِرَاراً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»، مِرَاراً قَالَ – أى عكرمة - يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّةٌ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ فَلْيُبْلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». (رواه أحمد). لقد أمرنا المولى عز وجل بأن نقتدى بالرسول –صلى الله عليه وسلم - فقال الملك القدوس: ﴿لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «والذى نفسى بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا». (رواه النسائى). والسؤال الذى يلح ويتكرر لماذا تسيل دائماً دماء المسلمين الأبرياء؟ ولماذا يعتدى بعض المسلمين على أجساد وأموال إخوانهم المسلمين؟ ألا يعلم هؤلاء أنه قد اتّفق الفقهاء على حرمة مال المسلم والذّمّيّ, وأنّه لا يجوز غصبه ولا الاستيلاء عليه, ولا أكله بأى شكلٍ كان وإن كان قليلاً, لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾. ألم يقرأ المسلمون وصية رسول الله: «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه حقّه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ منه, فأنا حجيجه يوم القيامة». إننى أتساءل أين المسلمون من قول النبى: «بلغوا عنى ولو آية»؟ أين هو جهد المسلمين فى التعريف بالنبى – صلى الله عليه وسلم – فى الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ إننى أتساءل: كم كتاباً نشرته الدول الإسلامية باللغة الإنجليزية لتعريف غير المسلمين فى أمريكا الشمالية بجوانب العظمة فى شخصية الرسول الهادى الأمين؟ إن هناك أكثر من 600 قناة فضائية عربية، والسؤال هو: كم قناة من هذه القنوات تخصص برامجها للتعريف بالرسول الكريم باللغات الأجنبية فى الدول الأوروبية؟ يقول تعالى: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾. فهل حمل المسلمون أمانة تبليغ هذه الرسالة العظيمة بالحكمة والموعظة الحسنة إلى الناس كافة؟ وكم محاضرة نظمتها الدول الإسلامية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتعريف الشعب الأمريكى بعظمة الرسالة المحمدية؟ لقد ناديت فى يناير 2010 بتخصيص عام كامل لتعريف الشعوب فى أمريكا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا والصين واليابان بالنبى الحبيب، ترى هل من مجيب؟ لقد طالبت بإرسال دعاة على قدر عالٍ من العلم والثقافة إلى هذه الدول الست لتعريفهم بجلال وكمال الإسلام حرصاً على مصالحنا السياسية والاقتصادية فى هذه الدول، وتأسياً بوصية النيى الكريم: «فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم». إننى أناشد علماء المسلمين فى وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بتخصيص عام 2013- 2014 للتعريف برسول الله فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولتكن البداية بجولة يجوب فيها علماؤنا أكبر 50 مدينة, وأكبر 50 شركة وأفضل 50 جامعة أمريكية. إننى أتساءل متى سنفيق من غفلتنا التى طالت؟ ومتى سوف نخاطب العالم بلغته التى يفهمها؟ ومتى سوف نقيم المحاضرات ونعقد الندوات فى الدول الغربية مع السياسيين وقادة الفكر لكى نبصرهم بعظمة النبى – صلى الله عليه وسلم؟