* بداية: أود أن أدعوا الكافة إلى احترام شرعية أول رئيس مصرى منتخب، جاء بانتخابات نزيهة، أشرف عليها القضاء، وقام على تأمينها خير أجناد الأرض، وشهد على ذلك العالم بأسره، ولذا وجب أن أنبه الكافة وعامة الشعب المصرى العظيم وخاصته، بوجوب احترام شرعية الرئيس، وفرضية الوقوف وراءه إعلاءً لمصلحة الوطن، وحفاظاً على وحدة ترابه وسلامة أراضيه، مع وجوب نبذ الفرقة بين كافة فصائل الشعب وأطيافه بأن نعتصم جميعًا بحبل الله وإلا نتفرق، وأن نذكر نعمة الله علينا بأن أخرجنا من ربقة الاستبداد ودياجير ظلامه، إلى نور العدل وشمس الحرية. * وإعمالاً لمقتضيات ذلك ومن هذا المنطلق، أناشد أعضاء النيابة العامة أن يستمعوا إلى صوت العقل، وأن يلتزموا حيادهم، الذى هو ذروة سنام وظيفتهم السامقة، وأن يصغوا إلى نصائح شيوخهم الذين يعتلون هرم السلطة القضائية الباسقة. * ولذا وجب أن أنوه إلى وجوب احترام مكانة النائب العام، لأنه لم يأت إلى وظيفته غصبًا لسلطة غيره، وإنما جاء بقرار جمهورى لا دخل له به، أيًا كان وجه اعتراضكم على هذا القرار، فهناك طرق وإجراءات قانونية كفلها القانون، عليكم أن تسلكوها فأنتم أهل القانون وسدنة العدالة، وليس مستساغاً أو مقبولاً أن يكون اعتراضكم على ذلك كاعتراض العامة والدهماء. * أما وإنكم تصرون على أن تسلكون هذا الطريق، وتعلقون العمل بالنيابات، معطلين بذلك أهم مرفق حيوى، لا تعبأوا بمصالح الناس وتعبثوا بها، تناصرون بذلك نفرا من شيوخكم لهم مصالحهم الشخصية، وهو ما لا يخفى على ذوى الفطنة والألباب، وهو الأمر الذى يلقى بظلال كثيفة من الشك والريب حول مسلككم هذا!! وكيف تستحلون مرتباتكم فى ظل تقاعسكم عن عملكم!! * والآن أسوق أليكم السؤال الذى يتبادر إلى الذهن فى هذا الصدد.. أين كان أعضاء النيابة العامة الشرفاء والأحرار هؤلاء وقت أن كان المصريون يعانون شظف العيش فى الوقت الذى كانت تنهب فيه ثرواتهم، وتسلب فيه مقدراتهم، ويعتدى فيه على حرماتهم وتنتهك فيه أعراضهم، وتسرق فيه الأموال والحقوق؟ * أين كنتم أيها الأحرار والشرفاء؟ هل لديكم من رد يشفى صدور هؤلاء ويبرئ ساحتكم أمامهم؟ وأين كنتم وقت أن كنتم تؤمرون من رؤسائكم بأن يحبس هذا؟ ويطلق سراح هذا؟ لماذا لم تعترضوا وقتها على عدم استقلالكم بقراركم؟ أو التدخل فى صميم عملكم؟ أم كنتم كعامة الشعب وقتئذ؟ ولكنى هنا أرد عنكم.. علّي أقدم لأمتكم ما يشفع لكم عندها!!.. كنتم وقتها تسطرون ما يملى عليكم من قرارات.. بل كنتم تزيدون وقتها على ذلك.. بقولكم تؤمر يا باشا!! أو تؤمر دولة معاليك!! * أين كنتم يا حماة العدالة وقت أن كان النظام المستبد الذى انقشع غباره يسوم شعبه سوء العذاب، وقتها صمتت آذانكم فلم تسمعوا صيحات المعذبين وأنين المقيدين فى غياهب سجون أنتم المسئولون عنها؟ وعميت أبصاركم فلم تروا جرائم كاملة الأركان، كانت ترتكب صباح مساء أمام أعينكم، ولكن وقتها غشيت أبصاركم بقطع من الليل مظلمًا، فلم تحركوا ساكناً، وخشعت أصواتكم فلم نر لكم وقفة، أو نسمع لكم همسًا. * أين كنتم يا حراس العدالة وقت أن قدمت بلاغات عن جرائم الفساد التى ارتكبها رموز النظام البائد، وكانت تذهب أدراج الرياح بمعرفة النائب العام السابق، وأنتم ممثلو الادعاء والمسئولون عن تحريك الدعوى العمومية عنها، وأنتم المسئولون عنها أمام المجتمع، فهل القيم والمبادئ تتجزأ؟ أم أنكم كنتم تعيشون فى بلد آخر غير بلدكم هذا؟ والعجب كل العجب أنكم تتباكون الآن على أيام خوالٍ لنائب عام كهذا! * وهنا أود أن أزجى لكم نصيحة، أنكم بتعليقكم العمل بالنيابات تسنون سنة سيئة، فسوف يأتى يوم ما عليكم تعتلون فيه رئاسة نيابة جزئية، أو نيابة كلية، وظيفة محامٍ عام لمجموعة نيابات، وعندما تصدرون تعليماتكم لممثليكم وأعضاء النيابة ممن يعملون تحت رئاستكم، فعندها سوف يأخذون من تصرفكم هذا، مبررًا للاعتصام وعدم الطاعة وتعليق العمل ذريعة بما تصنعون الآن، فاحذروا من مغبة ذلك، ومن خطورة تصرفكم هذا، فإن له عواقب وخيمة وآثار جسيمة، فضلاً عن أن ذلك يشكل فى حقكم المسئولية التأديبية والمدنية، فحافظوا على ملفاتكم ناصعة بيضاء. * وهنا وجب أن أخاطب فيكم وجدان القاضى وحياده، فأقول لكم عودوا إلى شعبكم العظيم ولا تتخلوا عنه أبدًا ولبوا نداءات أمكم الحبيبة مصر، ولا تتخلوا عنها أبدًا، ومدوا أيديكم لها، فهى بحاجة لكم فى محنتها هذه، وقولوها ولا تخشون فى الله لومة لائم.. ها قد عدنا إلى شعبنا العظيم، نرفع عنه ما ينوء به كاهله، فنكون عوناً للمظلوم ونصرة له، لنحق الحق بكلماته، ونقطع دابر الذين ظلموا، وروعوا الآمنين، وعاثوا فى الأرض فسادًا، لكى نعيد إلى وطننا الأمن والأمان، ولا تقبلوا الدنية فى بلدكم أو دينكم أبدًا. * حافظوا على احترام رموزكم ومشايخكم من القضاة أو النائب العام، الذين نجلهم ونحترمهم، ولا نرضى قبلكم المساس بهم من أحد أبدًا احترامًا لقدسية القضاء، دون مغرم أو مصلحة شخصية، وذلك حفاظاً على حيادكم، بعيدًا عن الدخول فى معترك السياسة، وإرساءً لقواعد الحق والعدل، وتحقيقاً للعدالة وإعلاء لدولة القانون.