لقد جاء ابراهيم سعدة رئيسا لتحرير "أخبار اليوم" بمقتضي قرار اصدره الرئيس الراحل أنور السادات في العام 1979 في واقعة شهيرة انتقل خلالها ابراهيم سعدة من صحيفة "الشرق الأوسط" إلي الموقع الأول في مؤسسة "أخبار اليوم".. لقد جلس ابراهيم سعدة في ذات المكان الذي كان مصطفي امين يجلس فوقه.. ولكن شتان بين ما كان .. وما حدث. لقد تعرض في مسيرته ب"أخبار اليوم" لأزمات كثيرة.. كان أشهرها حين ابدي كبار الصحفيين في المؤسسة اعتراضهم علي العمل معه.. فراحوا يقاطعونه .. وهنا لم يجد ابراهيم سعدة سوي استدعاء جيل الشباب لكي يعاونوه في ادارة المؤسسة والصحيفة.. وبالفعل .. فقد راح جمهرة من هؤلاء الشباب الواعدين يستجيبون للنداء ويقفون بقوة إلي جانب رئيس التحرير كي ينهضوا بصحيفتهم ويواجهوا اي محاولات قد تعرقل مسيرتها خاصة أن "أخبار اليوم" كانت قد بلغت رقما توزيعيا يناهز المليون وربع المليون نسخة .. وهكذا راحت عجلة الشباب تدور بقوة لينخرط عدد منهم في قيادة المؤسسة في هذا الوقت المبكر.. وكان من بين هؤلاء "تهاني ابراهيم محمود صلاح محمود سالم محمد الزرقاني مجدي حجازي احمد السعيد" وغيرهم. وقد كان من المتوقع أن يكون سعدة وفيا لهؤلاء الشباب الذين آزروه في مسيرته الصحفية .. ولكن يبدو أن سعدة الذي كان متيما بالرئيس السادات صاحب الفضل الأول والأساسي عليه وجد في نهجه السياسي خير وسيلة لتطبيق ذات مفاهيمه علي الأداء الاعلامي.. فكما تخلص أنور السادات في بداية توليه الحكم من كل من وقفوا إلي جواره وناصروه ضد من أسماهم مراكز القوي في انقلاب 15 مايو 1971، راح سعدة يسير علي ذات الدرب ليتخلص بضربة واحدة او ضربات متتالية من جيل الشباب الذين وقفوا إلي جواره عند لحظات ضعفه. وراحت الأمور داخل "أخبار اليوم" تسير في مناحي متعددة حتي ظهرت علي سطح الأحداث في المؤسسة "آمال عثمان" التي كانت تتردد علي الأستاذ "السيد النجار" نائب رئيس تحرير صحيفة الأخبار حاليا حيث كانت تحمل إليه أخبار هيئة الآثار حين كان يترأسها المرحوم الدكتور أحمد قدري .. لقد تلقي ابراهيم سعدة تزكية من مسئول حزبي كبير يطلب فيها الاهتمام بالاستاذة "آمال عثمان" .. وراح سعدة يضع التوصية في مكانها المناسب .. ومن هنا بدأت رحلة صعود "آمال عثمان" خاصة بعد أن ساعدتها "عفاف عبد الرازق" مندوبة "أخبار اليوم" في وزارة التعليم العالي للحصول علي منحة من المعهد العالي للدراسات التعاونية والادارية لتحصل علي إثرها علي درجة البكالوريوس التي اهلتها للالتحاق بنقابة الصحفيين. لقد استغل ابراهيم سعدة حفل افتتاح الرئيس مبارك لمطابع 6 أكتوبر والذي تأجل مرتين: واحدة حين اعتذر الرئيس عن عدم الحضور والثانية حين هبت علي مصر عاصفة ترابية أثرت علي المناخ السائد .. وفي الثالثة وبعد أن افتتح الرئيس المطابع واثناء مغادرته المبني الجديد قال له سعدة: "يا ريس عايز اعين شبابا للاصدارات الجديدة عن مؤسسة اخبار اليوم" وبالفعل منحه الرئيس الضوء الاخضر فما كان منه إلا أن راح يرسل باسم "آمال عثمان" لرئاسة تحرير جريدة "أخبار النجوم" علي حساب الكاتب الكبير الأستاذ أحمد صالح الذي اسهم بالقوة في تأسيس هذه الصحيفة وأرسل باسم محمود صلاح لرئاسة تحرير "أخبار الحوادث". ومنذ تلك اللحظات والتي شهدت استبعاد الأستاذة تهاني ابراهيم مديرة التحرير الشرعية الوحيدة ل"أخبار اليوم".. وكذلك العصف بالأستاذ أنور محمد لرفضهما كافة الممارسات الخاطئة وحرصهما علي مصلحة المؤسسة.. راحت الدائرة تدور علي كل من وقف إلي جانب ابراهيم سعدة في الماضي. لقد تقدم عدد من الصحفيين من كبار قيادات المؤسسة الذين ضحي بهم سعدة بمذكرة إلي نقابة الصحفيين يشكون فيها حالهم .. وهمهم .. وما آلت إليه المؤسسة بفعل ما جري.. لقد وصف هؤلاء الأمور في صحيفة "أخبار اليوم" أنها بلغت درجة خطيرة من التردي باتت تهدد كرامة الصحفيين الذين يعملون بها بل وتهدد مستقبل الصحيفة ذاتها واصفين ما يحدث في اخبار اليوم بأنه يعد وبكل المقاييس امتهانا صارخا لكل تقاليد مهنة الصحافة .. يحدث هذا في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس حسني مبارك مرارا ضرورة افساح المجال امام الصف الثاني لتولي مسئولياته. وقال هؤلاء في لغة يغلب عليها الحزن والأسي: "ان المهزلة التي حدثت ومازالت في اخبار اليوم تمثل الشرارة التي تكاد تشعل النار في دارنا التي كبرنا داخلها .. فالغليان المكتوم يشمل الجميع بعد أن اصبح الخوف من البطش والتنكيل يلجم ألسنتهم". وراح كبار الصحفيين يروون وقائع ما وصفوه بالمهزلة والتي بدأت بشكل تدريجي ومخطط حتي وصلت إلي ذروتها وبلغت درجة فاقت الحدود عندما اصبحت "آمال عثمان" رئيسة تحرير "أخبار النجوم" تسيطر فعليا علي مقاليد الأمور في "أخبار اليوم" رغم أن عملها يقتصر فقط علي مجال الفن ومع ذلك اصبحت تتحكم في أقسام التحقيقات الصحفية والمرأة وملحق الأطفال "صبيان وبنات" بجانب الاشراف علي صفحات ملحق الفنون والثقافة والأدب .. هذا بالاضافة إلي أنها تتولي منصب أمين صندوق "أخبار اليوم" لمواجهة الكوارث .. وقبل هذا وذاك رئاسة تحرير مجلة "أخبار النجوم".. ولم تعد القضية في توليها لكل هذه المناصب .. بل تجاوزت ذلك بكثير لأن ما حدث كان علي حساب تنحية جيل كامل عن مسئولياته وابعاده عن تخصصاته بشكل لم يحدث من قبل وبصورة مهينة وغريبة في نفس الوقت. ومضي هؤلاء يقولون في شكواهم الأليمة الي نقابة الصحفيين: "ان كل ذلك يتم تحت سمع وبصر رئيس التحرير وفي ظل تصفيق مستمر من مستشاريه الذين يتم التجديد لهم سنويا .. في ممارسات تعسفية افضت الي وقائع باكية اثرت علي الرموز البارزة في القيادة الصحفية ل"أخبار اليوم"". وراحت المذكرة تروي جانبا من الوقائع الأليمة التي أصابت العديد من هؤلاء القيادات ومنهم علي سبيل المثال لا الحصر: محمود سالم نائب رئيس تحرير "اخبار اليوم" الذي تعرض منذ فترة طويلة لنوع من أنواع التصفية الصحفية وتجريده من كل حقوقه واختصاصاته لمجرد عدم رضائه هو وآخرين علي قرارات اصدرها رئيس تحرير "اخبار اليوم" تتيح لرئيس تحرير "اخبار النجوم" السيطرة علي "اخبار اليوم" بشكل يثير سخرية الجميع داخل "اخبار اليوم" وخارجها.. ومحمود سالم الذي تعرض لهذه الممارسات كان قد تولي، وعلي مدي 25 عاما، تغطية نشاط مجلس الوزراء ورئاسة قسم الاخبار وشارك في اعمال مراجعة المواد التحريرية واعداد الطبعة الأولي من مانشيتات واخبار وتحقيقات وكذا الطبعتين الثانية والثالثة طوال السنوات الماضية.. صحفي بهذه المواصفات يتم العصف به لكونه لم يرض عما يحدث في "اخبار اليوم" ويتم تجريده من اختصاصاته المكلف بها من رئيس التحرير ذاته والذي طالما اشاد بأدائه!!. وراحت الخيوط تتدافع سريعا لتتطور بشكل مثير فلم تمض سوي بضعة اسابيع حتي تعرض محمود سالم لاجراءات اخري تمثلت في سحب الاختصاصات الجديدة والغريبة التي منحت له في الحوادث والكوارث والمشاركة في الديسك واصبح مجردا من كل شيء حيث مïنع من ذلك في سابقة تثير الأسي .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل مضي الي اكثر من ذلك بكثير حين تقرر وقف صرف الحوافز الشهرية التي يحصل عليها وكذا الغاء خط التليفون المباشر من مكتبه، بل أصدر ابراهيم سعدة قرارا بمنع محمود سالم نائب رئيس التحرير من دخول مكتبه ونقله إلي مكتب اخر بطريقة مهينة للغاية حيث فوجئ بتغيير "كالون" المكتب وتم نقل أوراقه وملفاته الخاصة بدون علمه وفي غيبته الي المكتب الآخر.. بل الاكثر من ذلك خرجت تعليمات من مكتب رئيس التحرير تقضي بإبلاغ حركة السيارات بالمؤسسة بمنعه من استخدام سيارة المؤسسة.. لقد صدرت التعليمات بطريقة مشينة حيث تم التنبيه علي السائقين بعدم التعامل معه بشكل اثار اشمئزاز وسخرية الجميع. لقد تردي الحال في "اخبار اليوم" ليصبح المحافظ علي كرامته كالقابض علي الجمر .. وينطبق ذلك علي ماحدث مع أحمد السعيد نائب رئيس تحرير "أخبار اليوم" والمشرف والمسئول عن اخراج الصحيفة عندما هب للدفاع عن كرامة احد الزملاء الذين يعملون في قسم سكرتارية التحرير تحت اشرافه معترضا علي امتهان رئيس تحرير "اخبار النجوم" لكرامة هذا الزميل .. وكذا اعتراضه علي تدخلها المستمر فيما لا يخصها حيث دأبت علي تخطي المشرف علي قسم السكرتارية في اختيار الزملاء الذين يقومون برسم ماكيتات "اخبار اليوم" دون الرجوع اليه.. وكذا تغيير الماكيتات واعادة رسمها من جديد دون الرجوع للمشرف علي القسم والمعروف عنه تميزه المهني في تخصصه. يومها لجأ احمد السعيد الي الطريق الطبيعي وقدم شكوي الي رئيس التحرير من كثرة تدخل رئيس تحرير "اخبار النجوم" في تخصصات لا علاقة لها بها.. وبدلا من ان ينصفه رئيس التحرير كان العقاب هو جزاء جرأته علي الشكوي ضد السيدة التي لم يعد باستطاعة احد الاقتراب منها او حتي مجرد الاعتراض عليها حيث العقاب سريعا حتي يكون عبرة لغيره فأمر سعدة بسحب توضيب "ملحق السيارات" منه وهو الملحق الذي كان يتقاضي نظير اعداده حافزا شهريا وأوكل هذه المهمة لاثنين من الزملاء حديثي العهد من الذين يعملون تحت رئاسته في محاولة لزرع الضغينة بينه وبين هذين الزميلين. وظل مسلسل العقاب مستمرا عندما كلف رئيس التحرير مكتبه بنقل تعليماته المباشرة بعدم استخدام احمد السعيد لسيارة المؤسسة بل كان حريصا علي ان يتم ابلاغ هذا الأمر لغرفة السائقين بغرض امتهان كرامته. ولم يكن مجدي حجازي نائب رئيس تحرير "اخبار اليوم" والمشرف والمسئول عن اخراج الصحيفة أسعد حظا .. فقد اصابه ما اصاب احمد السعيد حيث تم استبعاده هو الآخر من اعداد "ملحق السيارات" الذي كان يقوم باخراجه بالتناوب معه وقد ناله أيضا ما نال زميله احمد السعيد عندما رفض تدخل رئيس تحرير "اخبار النجوم" في اخراج غلاف "اخبار اليوم" والتدخل في صفحات "اخبار اليوم" وكشف اعتراضه هذا عدم معرفتها بشخصية غلاف الصحيفة مؤكدا أنه ليس من شأنها التدخل في الاخراج وان ما يحدث مخالف لاعراف العمل الصحفي وهكذا راح مجدي حجازي ينضم الي زميليه محمود سالم واحمد السعيد في تعمد اهانتهم امام السائقين ليمنعوهم جميعا من استخدام سيارات المؤسسة في الوقت الذي يسمح فيه للسعاة العاملين ب"اخبار النجوم" وسكرتير رئيس تحرير "اخبار النجوم" باستخدام سيارات المؤسسة في توصيلهم الي منازلهم! ولم تسلم "اميمة كمال" مساعد مدير التحرير ورئيس القسم الاقتصادي من البطش الذي بدأ بمنعها من حضور اجتماعات مجلس تحرير "اخبار اليوم" وهو الاجراء الذي اتضحت اهدافه بعد أن اصبح مجلس التحرير يضم 5 من الذين يجدد لهم سنويا من جانب رئيس التحرير وهم: بالاضافة إلي ابراهيم سعدة "68سنة"، نبيل أباظة "69سنة"، عبد الفتاح الديب "80 سنة"، محمد طنطاوي "76 سنة"، وكمال عبد الرؤوف "76سنة" .. الذين باتوا يوافقون علي كل القرارات التي كانت ترضيه. ولم يكن الاستبعاد من حضور مجلس التحرير هو الاجراء التأديبي الوحيد، ولكن سبقه فرمان آخر هو الغاء القرار الذي اصدره رئيس التحرير باعفائها من التوقيع اليومي .. وقبل ذلك جاء القرار المثير للعجب بالغاء صفحة الاقتصاد التي ظلت تقوم باعدادها اسبوعيا وبانتظام لسنوات طويلة تحت دعوي ان الاقتصاد مادة ثقيلة الظل وليس لها قراء في محاولة من جانب رئيس تحرير "اخبار النجوم" لضم الموضوعات الاقتصادية الي صفحات التحقيقات الصحفية التي اصبحت هي المسئولة عنها .. ولم يتم الاكتفاء بذلك بل تم الاجهاز تماما علي القسم الاقتصادي وطمس معالمه بحيث يكون كل الزملاء من اعضاء القسم تحت امرتها وينفذون اوامرها دون مناقشة.. ثم كانت العقوبة الأخري الاكثر عجبا وهي شطب اسم "اميمة كمال" من كافة الاخبار التي يتم نشرها.. وعندما حاولت مجرد الاستفسار عن سبب هذا القرار التعسفي في اجتماع عام للمحررين امام السيدة المشرفة علي التحقيقات.. اجاب مستشار رئيس التحرير عبد الفتاح الديب قائلا: "ليس من حقك مجرد السؤال عن سبب القرار.. نحن احرار فيما نفعل". وطالت المهزلة أيضا الأستاذة "هبة عمر" نائب مدير التحرير التي تعمل في "اخبار اليوم" لنحو ربع قرن والتي كلفها رئيس التحرير بالاشراف علي نشاط صندوق "اخبار اليوم" لمواجهة الكوارث الي جانب عملها في اقسام البرلمان والاخبار والتحقيقات وديسك التحقيقات، وكلفها أيضا بتدريب محررين جدد والاشراف علي صفحة الموضوعات الانسانية لصندوق "اخبار اليوم" لمواجهة الكوارث، وقد اشاد بجهدها مرارا ومنحها علاوات امتياز وحوافز شهرية .. ثم انقلب الحال فجأة حيث بدأت خيوط مكيدة يجري تدبيرها في الخفاء تظهر بوضوح للانتقام من "هبة عمر" خاصة بعد أن انسحبت من العمل في ملحق "صبيان وبنات" بعد أن دأبت "آمال عثمان" التي تشرف علي الملحق علي القيام بتصرفات غير لائقة معها وتوجيه اوامر إليها عن طريق محررين تحت التمرين واختلاق وقائع وهمية للوقيعة بينها وبين رئيس تحرير "اخبار اليوم".. ورغم ذلك استمرت "هبة عمر" في العمل رغم استمرار مسلسل تدبير المكائد الذي تصاعد باخراجها من مجلس التحرير خلال اجتماعه باسلوب مهين ودون اخطار رسمي واتبعه الغاء الاستثناء من التوقيع في الساعة الذي حصلت عليه "هبة عمر" مع بقية الزملاء الاعضاء في مجلس التحرير امعانا في العقاب. ورغم كل ما تعرضت له .. استمرت "هبة عمر" في العمل ولكنها فوجئت برفع اسمها عما ينشر لها من اخبار واعقبه خصم 10 % من الارباح والحوافز السنوية بما يساوي 800 جنيه بحجة واهية وهي عدم تقديم كشوف انتاج وتوجيه لفت نظر متعسف اليها. نفس المهزلة حدثت عندما فضلت الاستاذة دينا ريان رئيس قسم المرأة ب"اخبار اليوم" والصحفية المتميزة بشهادة الجميع منذ عدة سنوات الانتقال الي مؤسسة "الاهرام" لتواصل مسيرتها الصحفية بعيدا عن حرب الأعصاب والمؤامرات اليومية التي تعرضت لها.. والصحفي الموهوب ياسر محب الذي كان يعمل في "اخبار النجوم" و"اخبار اليوم" الي الهروب من الجحيم إلي جريدة "الاهرام ابدو" فيما راح اخرون ينتقلون الي مؤسسات وجهات اخري .. او يبقون بعيدا عن مؤسستهم انتظارا للحظة التغيير التي يبدو أنها علي وشك الحدوث. يضاف إلي ذلك ضحايا آخرون ليس أولهم ولا آخرهم الاستاذان رفعت فياض المشرف علي التعليم العالي ومجدي عبد العزيز المشرف علي الاذاعة والتليفزيون والفن. لمثل هذه الأسباب وغيرها .. لم يكن غريبا أن تتعرض "أخبار اليوم" لهذا الانهيار الذي رافق مسيرتها منذ سنوات بعيدة وخاصة منذ ترك طلعت الزهيري رئاسة مجلس الادارة حيث غادر موقعه وللمؤسسة وديعة في البنوك تبلغ قيمتها نحو 160مليون جنيه .. وقد جاء سعدة الي موقع رئيس مجلس ادارة المؤسسة بعد فترة انتقالية تقلد فيها المرحوم سعيد سنبل رئاسة مجلس الإدارة بعد مغادرة الزهيري ولمدة عامين .. ومابين الزمن الذي كان .. والواقع الحالي تحولت مؤسسة "اخبار اليوم" من صاحبة وديعة بنحو 160مليون جنيه إلي مؤسسة خاسرة بأكثر من 450 مليون جنيه إضافة إلي فقدان المبلغ الذي كان مودعا. لقد ارتكبت المؤسسة في عهد ابراهيم سعدة العديد من الاخطاء الفادحة والتي ادت إلي تدهور احوالها .. فدراسات الجدوي التي وضعت حول المطابع التي تم انشاؤها بمدينة السادس من اكتوبر كانت قد قدرت حجم التكلفة شاملة المباني بنحو 300 مليون جنيه .. وبينما تقضي احكام القانون بأن أي زيادة علي دراسة الجدوي تكون فقط في حدود 10 إلي 15 % إلا أن التكلفة الاجمالية للمطابع جاوزت ال650مليون جنيه.. وهكذا راحت اوضاع مؤسسة "اخبار اليوم" تنتقل من سيئ إلي اسوأ لتتراكم مشكلات ارض اركاديا مع ارض "اخبار اليوم" في مرسي علم الي المشاكل المتفجرة في شركة "اخبار اليوم" للاستثمارات والتي لا يعرف أحد كيف تتم إدارتها.. ولا فائدتها للمؤسسة.. الي ارض الماظة، الي مشكلات المبني الجديد للمؤسسة في شارع الصحافة والذي يتطلب للبدء في بنائه نحو 170مليون جنيه إلي أرض الهيئة العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة بشارع الصحافة.. والتي ارتفعت تكلفتها علي المؤسسة وبقدرة قادر من 5 ملايين جنيه إلي 15 مليون جنيها. لقد تراكمت المشكلات وتكاثرت الديون وتحولت "أخبار اليوم" الي مؤسسة تتقاذفها التطورات من كل اتجاه .. الأمر الذي أسهم في حالة من التغييب المتعمد للعناصر الفاعلة داخل المؤسسة .. وهو ما انعكس علي مجمل الأوضاع في مؤسسة باتت تستغيث بحثا عمن ينقذها .. إن الكثير من المشروعات التي أقدمت عليها "أخبار اليوم" منيت بخسائر فادحة.. ومن بين هذه المشروعات مركز صيانة السيارة "فيات".. والذي أعدت له دراسة جدوي بنحو 2 مليون جنيه.. ولكن التكلفة قفزت إلي نحو 11 مليون جنيه، فيما استنزف هذا المركز من أموال المؤسسة ما يقارب ال 37 مليون جنيه. يحدث كل ذلك بينما يصرخ حاكمها الأوحد ابراهيم سعدة في البرية .. مدعيا الشهادة ومرددا المثل الذي يقول: "آخر خدمة الغز علقة".. بينما الحقيقة أن ما عانته "أخبار اليوم" تحت رئاسته اكبر من أن يïحكي .. وأكثر من يïروي .. فالمؤسسة باتت في حاجة الي من يبدأ خطوات اصلاحها من أولي درجات السلم.. ويكفي للتدليل علي ذلك أن الصحيفة "أخبار اليوم" والتي كانت توزع في آخر عهد موسي صبري نحو مليون وربع المليون من النسخ اسبوعيا انهارت اليوم لينحسر عدد النسخ الموزعة منها إلي ما يقارب ال 400 ألف نسخة بقليل وهو ما انعكس علي الإصدارات الأخري.. حيث لا يتجاوز توزيع "الأخبار" اليومي الربع مليون نسخة.. بينما لا توزع مجلة "آخر ساعة" أكثر من 3000 نسخة. لقد بلغت الأزمة حد تحميل الإدارات المختلفة أعباء الخسائر.. ففي الآونة الأخيرة جري تحميل إدارة التوزيع بمليوني جنيه من الخسائر.. وعشرة ملايين علي إدارة النشر.. وغير ذلك علي إدارة الإعلانات.. وسط تقديرات تتحدث عن جملة من الأعباء والخسائر السنوية تتكبدها المؤسسة ما بين ديون وفوارق مالية تتجاوز ال 50 مليون جنيه.. وعلي الرغم من كل ما نïكبت به المؤسسة من خسائر علي مدي سنوات.. إلا أن "سعدة" واصل تكبيلها بالمزيد من الخسائر عبر نفقات لا لزوم لها.. كالهدايا السنوية التي كانت تكلف المؤسسة ثلاثة ملايين من الجنيهات وغير ذلك من نفقات راحت تتراكم علي مدي سنوات.. ولذا.. وفي ضوء هذه السياسة لم يكن غريبا أن يحمل "سعدة" المؤسسة الخاسرة تكاليف صيانة سيارته المرسيدس التي تعرضت لحادثة خلال عودته من رحلة بالإسكندرية قبيل عدة سنوات.. حيث تم إنفاق نحو ثلاثمائة ألف جنيه من أموال المؤسسة لزوم إعادة إصلاحها. إن تساؤلات شتي تطرح نفسها حول المتسبب في كل ذلك.. ومن يقف وراء كافة تلك الخسائر الباهظة.. أليس هو إبراهيم سعدة رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وأعوانه ممن اصطفاهم عن الآخرين ليخوض بهم رحلة انهيار تلك المؤسسة العريقة في سماء الصحافة المصرية؟! وتلك خير شهادة علي الطموحات والانجازات التي حققها ابراهيم سعدة في مؤسسة كانت يوما ملء السمع والبصر. لقد قلنا في الأسبوع الماضي أن "سعدة" باستقالته الدرامية يسعي للقفز من سفينة تغرق.. وهو قول أطلقناه بلا مبالغة في مواجهة رجل يلملم أوراقه هذه الأيام ليغادر إلي خارج البلاد.. إلي هناك.. في سويسرا.. تلك التي انطلق منها في بداياته.. وإليها يعود.