فى شبرا الخيمة التعليمية، تم إعداد امتحان عبيط ينشر الجهل والنفاق والتردى الفكرى، أراد صاحبه أن يتقرب إلى السلطان فأساء إليه كعادة المنافقين وأصحاب الصفقات المسيئة والنوايا السوأى.. وتحت عنوان اختبار مادة "النحو" كتب صاحب السؤال العبارة التى نصها: "من المسائل التى اختلفت عليها الناس كثيراً مسألة الدستور وظلت كل فرقة تنادى بحقها والأحزاب محشو كلامها بأسباب، لا الوطن يريدون ولا الله، إنما هى الأهواء والمصالح العليا لهم.. فما أعجبهم". "انتهى النص". وهكذا يظهر النفاق بسمومه فى كل وقت وتحت أقدام كل حاكم، فمنذ أقل من ثلاثة أعوام كان لهذا المنافق زميل ينافق الرئيس المخلوع وأبت واحدة من فتيات مصر أن تجاريه، فأجابت على السؤال فى الامتحان على غير هوى المنافق، مما أدى إلى استبعاد إجابة التلميذة.. إلا أن الرئيس السابق تدخل فى مظهر بطولى ليحمى الطالبة ويظهر هو بمظهر النقى ولو على حساب الموظف المنافق – والذى كان أيضاً ينتمى لوزارة التعليم وقتئذ. وأنا فى الحقيقة، لا أفهم أى تعليم هذا الذى يقدم لنا الجهلاء وأعداء الفكر ليعلموا أطفالنا، فالمنافق بطل مقالنا لا يجيد حتى ترتيب الألفاظ ولا حتى النحو.. وهذا ظاهر من طريقة وضع السؤال على هذه الطريقة الممسوخة وما تبعه من سؤال. النفاق على أشكال وأنواع.. فهناك من ينافق ابتغاء المنصب، وهذا الصنف ولا شك يرى فيمن ينافقه نوعاً من الهطل والهبل، بحيث يصبح المنافَق، بفتح الفاء، فى حالة انهيار نفسى أمام عبارات المديح التى يمطره بها المنافِق، بكسر الفاء طبعاً .. وهناك من ينافق تحقيقاً لصفقة واتفاق، وهذا الصنف يوظف نفاقه لخدمة الصفقة.. فبعد أن كان يصف الحاكم أو المسئول بأسوأ الصفات.. فإذا به يقبل أن يبيع رأيه مقابل عطية الحاكم التى يتم الاتفاق عليها، أما النوع الثالث فهو المنافق بحكم طبيعته وهذا النوع يدفعه دائماً خوفه من الحكام إلى أن ينافقهم حتى أصبح النفاق جزءًا من طبعه.. وطبيعته.. والآن يجب أن نضع هذا الموجه التعليمى فى واحدة من تلك الأنواع، وذلك بعد أن نعلن براءة المواطنين فى شبرا الخيمة من هذا الرجل، فقد علمنا أن هذه المدرسة تقع فى مدينة شبرا الخيمة.. صاحبة البطولات، فإذا انتهينا إلى اعتباره منافقاً ابتغاء المنصب.. من خلال التقرب إلى الحاكم.. فهو أسوأ أنواع المنافقين، لأنهم فى الحقيقة يقتلون الحكام. ومن أسوأ أنواع المنافقين أيضاً من يضعون أنفسهم فى موضع التدين أو الذين يظهرون بمظهر علماء الدين، ويزاملهم فى السوء هؤلاء الذين يتولون أمر التعليم، وكذلك هذا النفر القليل الخاضع والذليل من أهل الإعلام والصحافة، وقد عشت أكثر عمرى فى عصر مبارك، وعشت القليل منه فى عصر السادات، وعشت الأقل فى عصر جمال عبد الناصر، والغريب أن المنافقين فى العصور الثلاثة كانوا هم.. هم.. والذين يفصلون لهم القوانين كانوا.. هم.. هم.. وذلك طبعاً مع تغير طفيف فى الأسماء وثبات كبير فى الصفات.. واستمر ذلك الأمر حتى جاء الدكتور محمد مرسى.. ولم تمر الأيام إلا وبدأ المنافقون فى إعادة ترتيب أوراقهم.. ذلك أن النفاق لمحمد مرسى لابد وأن يختلف عن نوع النفاق لمحمد حسنى.. فارتدى المنافقون اللحية وعلقوا "الزبيبة" على جبينهم.. فإذا صلى الرئيس فإن المنافقين يصلون خلفه ولو كانوا على غير وضوء، وإذا أصدر الرئيس قرارات دستورية باطلة مدحوا إصدارها وهتفوا لحكمته، ثم إذا ألغاها الرئيس نفسه هتفوا أيضاً لحكمته ومدحوا الإلغاء بأشد مما كانوا يمدحون الإصدار.. ومن يحب صلاح الحاكم فعليه أن يدخر له دعوة لله فى وقت استجابة الدعاء بأن يحميه الله من شر المنافقين، فهم قتلة الإخلاص فى الحكام وصناع الفراعنة، وبهذه المناسبة فيروى أن السلطان "شحاتة المفترى" خرج فى رحلة صيد مع الوزراء.. وكان هذا السلطان من أفشل الناس فى الصيد.. فصوب الحاكم طلقة إلى "بطة" من بط الفيوم الجميل وأطلق عليها عدة طلقات، إلا أنها طارت وهى سعيدة بنجاتها، فنظر السلطان إلى الوزراء نظرة هتفوا جميعاً بعدها من الرعب فقالوا: "سبحان الله إنها معجزة.. البطة تطير وهى ميتة" وعجبى..!!