علمت "المصريون " من مصادرها أن جهاز مباحث أمن الدولة وضع خطة تحرك سرية تشمل حملة اعتقالات واسعة النطاق كما حدث في سبتمبر 1981 قبل وبعد انتخابات رئاسة الجمهورية ، تضم رموزا وقادة من مختلف ألوان الطيف السياسي المعارض للرئيس مبارك وسياسات حكومته ، فيما أبدت المصادر تخوفها من أن يؤدي تنفيذ تلك الخطة لبث الفوضى وإشعال ثورة شعبية في مختلف المحافظات . وقدرت المصادر أعداد من ستشملهم الاعتقالات بأكثر من 5 ألاف شخص تم تحديد عناوينهم الأصلية بدقة لسرعة الوصول إليهم ، وتضم قائمة الأسماء المرشحة للاعتقال رموزا سياسية وحزبية وصحفية ورجال قضاء ومحاميين وأطباء ومهندسين بالإضافة إلي قيادات عمالية . ووصفت أجهزة الأمن في تقاريرها ، التي رفعتها للقيادة السياسية ، هذه الحملة بأنها مجرد حملة وقائية لحفظ الأمن ، بعد أن رصدت استطلاعات الرأي الأمنية دلائل مؤكدة على وقوع اضطرابات شعبية قبل وبعد الانتخابات الرئاسية بسبب التشكيك في نزاهتها . وكشفت المصادر أن القيادة السياسية أجلت البت في هذا الموضوع سواء بالرفض أو القبول حتى يطرح الموضوع للمناقشة الأمنية المستفيضة في اجتماع أمني موسع نظراً لوجود انقسام كبير في الرأي بين القيادات حول هذا الموضوع ، حيث يري البعض أن تنفيذ تلك الاعتقالات من شأنه إسقاط النظام وإشعال ثورة شاملة قد تدخل البلاد في حالة من الفوضي والعنف ، بينما يري الفريق المؤيد لتلك الخطة أنها يمكن أن تؤدي إلي نزع فتيل الاحتجاجات والمظاهرات وتعمل علي تهدئة الشارع . ورجحت المصادر أن تبدأ حملة الاعتقالات علي خلفية بعض المظاهرات التي سيتم دس بعض المأجورين داخلها للقيام بأعمال شغب وتخريب ، يتم إلقاء مسئوليتها على المعارضة وتنظيماتها . وتشمل الخطة السرية التي أعدها جهاز أمن الدولة لإسكات المعارضة وتهدئة الشارع المصري أيضا ، استخدام ما يسمي في لغة الأمن بالعمليات أو الأساليب القذرة وأهمها تلفيق الجرائم اللا أخلاقية لبعض رموز المعارضة لتشويه صورتهم أمام الرأي العام أو التهديد بها لإرهابهم . ولمواجهة الانتقادات الحادة التي يتوقع انطلاقها حال تنفيذ حملة الاعتقالات ، طلبت الأجهزة الأمنية من أنس الفقي وزير الإعلام وضع خطة إعلامية لتبرير هذه الاعتقالات عند وقوعها ، على أن تكون لغتها الإعلامية مناسبة لمخاطبة الخارج قبل الداخل . وكانت تقارير متطابقة نشرت مؤخرا ، قد رجحت أن تشهد الساحة السياسية في الفترة المقبلة ، وبالتحديد خلال ثلاثة أسابيع إلى شهر ، توترا وتصعيدا غير مسبوق من جانب النظام المصري ، تكون إدانة أيمن نور زعيم حزب الغد المعارض في قضية التوكيلات المزورة نقطة البداية فيه ، إذ أن هذه الإدانة تعني إقصاء نور نهائيا عن دخول انتخابات الرئاسة المقبلة ، فضلا عن إنها تعني نهاية تجربة الصعود السريع لحزب الغد إلى واجهة المشهد السياسي . وتوقعت التقارير أيضا ، أن تقوم الحكومة بفتح ملفات أخرى يتم إعدادها حاليا ، بهدف التضييق على المعارضين وإرهابهم وإخافتهم ، إضافة إلى محاكمة بعض الصحفيين بتقديم بلاغات ضد بعضهم في قضايا سب وقذف ، سيتم الدفع بها أمام دوائر خاصة للحكم فيها سريعا . ولم تستبعد التقارير أن يتمادى النظام في ردود فعله ويذهب به الشطط إلى تصعيد الأمور والوقوع في نفس الفخ الذي وقع فيه الرئيس الراحل أنور السادات في نهاية فترة حكمه تحت ضغط الحفاظ على الأمن ووضع حد للانفلات السياسي والأمني وأنه آن الأوان للانقضاض على القوى السياسية الفاعلة وتوجيه ضربة قاصمة لها والإبقاء فقط على القوى الخاملة والميتة للحفاظ على الديكور الديمقراطي . ولفتت التقارير إلى أن هناك من يدفع الدولة والنظام إلى اتجاه التصعيد وإلى تنفيذ هذا المخطط الذي قد تكون له – في حال تنفيذه – عواقب وخيمة ونتائج خطيرة ، ليس فقط على مستقبل حالة السيولة السياسية التي تشهدها البلاد وإنما على مستقبل نظام الحكم الحالي نفسه . وفي مقابل هذه التقارير ، حذرت مصادر صحفية من أن هذه التقارير قد تكون رسالة من أجهزة النظام الأمنية ، تم تمريرها عبر بعض الصحفيين المقربين منها ، من أجل إرهاب المعارضين والصحفيين الذين صعدوا في الفترة الأخيرة من انتقاداتهم للرئيس مبارك وعائلته بشكل غير مسبوق ، ودفعهم إما للتوقف أو على الأقل التخفيف من حدة هذه الانتقادات ، التي طالت حتى الذمة المالية لعائلة الرئيس مبارك ، فضلا عن تضمنها اتهامات تمس شخصيات نافذة في النظام . وتساءلت المصادر عن الهدف من وراء نشر هذه التقارير ، وما إذا كان هذا التهديد والترويع غير المباشر يفهم منه أن على المعارضين ، وبشكل خاص الصحفيين ، التوقف عن حملات فضح الفساد والمطالبة بالتغيير ، مشددة على تمسكها بمواصلة نهجها المعارض ، باعتبار أن للإصلاح ثمن لا بد أن يدفعه الساعون إليه .