السؤال الذى يجب علينا أن نواجه به أنفسنا مع بداية عام ميلادى جديد: لماذا نعانى من التخلف العلمى والفكرى والتدهور الاقتصادى الذى يهدد مستقبلنا وكيف لنا أن نخرج من هذه الأزمات دون تعليق الفشل على النظام السابق أو أن نمد أيدينا طلبًا للمساعدة من الآخرين، لأن تعليق الفشل على شماعات الآخرين يلجأ إليه العجزة والكسالى، كما أن طلب العون والمساعدة لا يبنى دولاً وهذا الأمر يتطلب أن نبدأ بوضع خطة وبرنامج وطنى شامل يجتمع حوله الجميع، إننا بحاجة إلى حالة من التعبئة العامة أشبه بحالة المجتمعات فى وقت الخطر والحرب ومداهمة العدو، وهذا حق علينا أن نعترف به جميعًا، فإننا فعلا أمام عدو الجهل والتخلف والأزمة الاقتصادية والأخلاقية وانعدام ثقة بعضنا ببعض، وهذا يحتاج إلى مجاهدة وجهاد من نوع خاص، مجاهدة النفس من الطمع وشهوة الاستئثار وجهاد بكل طاقاتنا للعبور من هذه الأزمات وعلى رأسها الاقتصادية بالعمل الجاد والإنتاج حتى نضع أقدامنا على الطريق ببناء مشروعنا الوطنى بسواعد أبناء مصر من كافة الطوائف والفصائل دون إقصاء أو تخوين، أو اتهامات تعطل المسيرة وتبث الفرقة وتشيع روح الإحباط واليأس من الأمل فى الإصلاح وفى المستقبل. وفى هذا الإطار، يجب علينا مراجعة موقفنا من قرض صندوق النقد الدولى وشروطه ووضع خطة تقشف عاجلة يلتزم بها الجميع بدءًا من رئيس الجمهورية وحتى أصغر عامل فى مصر، منها على سبيل المثال لا الحصر، تحديد السقف الأعلى للدخل ب25 ألف جنيه شهريا كحد أقصى، ويسرى هذا على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وجميع المسئولين فى الدولة، وتُمنع جميع البدلات والحوافز لمدة خمس سنوات وتلغى جميع الانتدابات والمستشارين إلا فى حالة الضرورة القصوى، إن تطبيق هذا القرار لا يحتاج سوى أن يخرج رئيس الجمهورية ليصارح الشعب بخطورة الوضع الاقتصادى وضرورة أن يتكاتف الجميع فى مصر، إن بندا كهذا يوفر للدولة فى حدود عشرة مليارات دولار سنويا ويغنينا عن مد يدنا للصندوق الدولى طلبا للمعونة بشروط مجحفة أنكرتها الحكومة فى أول الأمر ثم انصاعت لها صاغرة برفع الدعم عن مجموعة من السلع وتخفيض سعر الجنيه وفرض مزيد من الضرائب ستطبق بداية من العام الميلادى الجديد، وكل التجارب تؤكد أن الدول التى سارت خلف البنك الدولى وصندوق النقد الدولى سارت فى سكة الندامة ووقعت فى براثن التبعية الاقتصادية والسياسية، أما الدول التى رفضت ذلك كماليزيا بعد الأزمة الاقتصادية التى ضربت بلاد شرق آسيا فى نهاية القرن الماضى بفعل المخابرات الأمريكية التى دبرت ذلك الأمر بالاتفاق مع المضارب الأمريكى الصهيونى جورج سورس بشراء أسهم كثيفة من تلك الدول وبيعها جملة واحدة، فأحدثت انهيارا فى سوق الأسهم وحدثت أزمة مالية كبيرة، حينها ذهب صندوق النقد يعرض شروطه على رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد فرفض بإباء وشمم، لأنه يعرف ضريبة هذا القرض، وهى الخضوع الاقتصادى والسياسى للدول الكبرى المتحكمة فى صندوق النقد والبنك الدوليين، واستطاع أن يعتمد على الجهود الذاتية للمواطنين والشعب الماليزى ويوظفها فى مشروع وطنى صحيح نجح فى خلال فترة وجيزة أن يعيد الاقتصاد الماليزى لسابق عهده ويسترد عافيته وينهض بجهود أبنائه دون أجندات ولا مساعدات خارجية. وهذا يتطلب من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى أن يختار شخصية اقتصادية ذات كفاءة وخبرة عالية، وما أكثرهم فى مصر، لتحمل هذا العبء أمام الشعب ويكون له كافة الصلاحيات والدعم ويكلف للقيام بمهمته لمدة زمنية كافية يستطيع أن يبنى فيها اقتصاد الوطن بمعاونة كافة الفصائل والاتجاهات، وأن يكون شخصية وطنية مستقلة ونزيهة ومتفقاً عليه من الجميع لوضع برنامج اقتصادى ينهض باقتصاد البلد ويخرجه من أزمته الاقتصادية التى عجزت الحكومة الحالية أن تقدم لها حلاً مرضيًا كما عجزت أن تنال رضا المواطن والشعب عمومًا. Ahelkady2yahoo.com