في محاولة لاحتواء الغضب المتزايد من الأداء الأمني السيئ لوزارة الداخلية ، أصدر اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية قرارا بإحالة مجموعة كبيرة من القيادات الأمنية في محافظة جنوبسيناء إلى التحقيق ، على خلفية إقراره بأن الوزارة كان لديها معلومات مؤكدة قبل ثلاثة أيام تفيد أن مدينة شرم الشيخ مستهدفة بسلسلة من الأعمال الإرهابية ، ويفترض أن الإجراءات الأمنية مشددة في المدينة ومداخلها والمنطقة المحيطة بها ، وهو التقرير الذي يؤكد أن المعلومات التي نشرتها " المصريون " أمس والتي أشارت إلى أن الرئيس مبارك كان قاصدا الابتعاد عن المدينة في تلك الفترة واتجه غربا إلى مدينة " مرسى مطروح " على خلفية المعلومات المؤكدة لديه من أجهزة أمنية وسيادية بأن " الشرم " ليست آمنة في تلك الفترة ، والأكثر خطورة في ذلك أن " غموض " المعلومات جعل كل الافتراضات مطروحة حول " الهدف " من هذه العمليات المجهولة . وكان الانطباع السائد لدى معظم المحللين والمهتمين بملف القضية أن الأسئلة التي طرحتها الحادثة أكبر كثيرا من الإجابات المتاحة ، وهو الأمر الذي جعل مساحة الغموض في الحادثة تزداد ، مع نشر معلومات جديدة عن تبني تنظيم جديد يدعى " مقاتلو مصر المجاهدين " للعملية ، وهو ما يناقض المعلومات السابقة عن تبني "تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة" للعملية ، بيد أنه لا يمكن القطع بصحة أحد البيانين أو ترجيحه . وفي إطار التخبط المعلوماتي في أعقاب العملية صرحت مصادر أمنية بأنها تشتبه في تسعة رجال باكستانيين دخلوا مصر بجوازات سفر باكستانية يوم 5 يوليو الحالي ، وهو توقيت متوافق مع تاريخ دخول السيارة ذات اللوحات الجمركية التي تم استخدامها في عملية تفجير فندق غزالة ، وأكد المصدر الأمني أن التحريات تسير بجدية في هذا الاتجاه لمحاولة التأكد من افتراض الربط بين المعلومتين . على جانب آخر أكدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مجددا ، وبإصرار ، على دقة المعلومات التي كانت لديها ونشرتها منذ أسابيع عن وجود خطط لعمليات إرهابية تستهدف المناطق السياحية في مدينة شرم الشيخ ، وزعمت أن هذه التحذيرات أنقذت حياة الآلاف من السياح اليهود ، كما عادت تلك المصادر وأكدت على معلوماتها السابقة وهي أن المتفجرات دخلت إلى مصر عن طريق الأردن وتم تجهيزها في شمال المملكة العربية السعودية ، وهو أمر لافت جدا للنظر تلك التأكيدات الإسرائيلية ودقة التفاصيل ، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل عن " دور " إسرائيلي غامض في تسهيل أو التعتيم على تحركات قوى قدمت دعما خارجيا للمجموعة التي قامت بالعملية ، وجدير بالذكر أن بعضا من المحللين المصرين في تصريحات خاصة للمصريين طرح هذه الفرضية ولم يستبعدها ، وإن كان الأمر متروكا الآن لمسارات التحقيق الذي تشرف عليه أجهزة سيادية مصرية عالية الكفاءة . في السياق ذاته فاجأ رئيس الوزراء الصهيوني " أرييل شارون " الرئيس المصري في اتصال تعزية بعرض أن يتم التنسيق الأمني بين الأجهزة المصرية والأجهزة الإسرائيلية من أجل مواجهة ما أسماه " التطرف الإسلامي الذي يهدد البلدين " ، وإن كانت التقارير لم تشر إلى جواب محدد من القيادة المصرية ، إلا أن " مصادر المصريون " أشارت إلى أن هناك طلبا مصريا قدم إلى " إسرائيل " للسماح بأعداد كافية من قوات الأمن المصرية بتغطية المنطقة الشرقيةالجنوبية من سيناء لتعزيز قدراتها على مطاردة المجموعات الإرهابية ، وعلى الرغم من موافقة الطرف الإسرائيلي مبدئيا على الطلب المصري إلا أنه أصر على ربطه بوجود " آليات " للتنسيق الأمني في المنطقة . وكانت فرضيات وجود " دعم " خارجي للمجموعات التي نفذت العملية في شرم الشيخ قد تزايدت بعد تأكيد المعمل الجنائي المصري على أن نوعية المتفجرات المستخدمة هي من النوع المتطور للغاية ، وغير المعروف في سيناء ، كما أن المجموعات المنفذة نجحت في طمس الأرقام الخاصة بمحركات السيارات المستخدمة في العملية وكذلك أرقام الشاسيهات بما يعني أنهم مدربون بشكل عال وليسوا هواة أو مبتدئين . ويبقى السؤال اللغز ، وهو : كيف تم اختراق كل الإجراءات الأمنية المشددة في المدينة ، وهل تم إهمال التقارير التي وردت ، وهل هناك جهات محددة تعمدت تجاهل هذه التقارير التي كانت أقرب إلى المعلنة منها إلى السرية ، وهل التشدد الأمني في المدينة يكون عادة مرهونا بوجود الرئيس مبارك هناك ، فإذا غادر وقع الاسترخاء الأمني ، وهل هناك ما تردد على لسان " مصدر أمني " في شرم الشيخ من وجود اختراقات للمنظومة الأمنية في المدنية سهلت على المهاجمين الحركة ، وهل كان " الهدف " من العمليات هو فعلا السوق التجاري وفندق غزالة أم أن هناك أهدافا " حساسة " أخرى كانت مقصودة ولما فشلوا في الوصول إليها اختاروا أهدافا أخرى بديلة ، تظل هذه كلها أسئلة معلقة بانتظار أجوبة حاسمة تزيل تلال الغموض عن ملف الحادثة .