جاء في (المصريون) أن وزير الداخلية أقال عددا من القيادات الأمنية من مختلف الرتب في سيناء على خلفية تفجيرات شرم الشيخ . فهل يتحمل ضباط الأمن مسئولية ماجرى أم أن المسئولية تتجاوزهم إلى واضعي السياسات الأمنية .. هذه السياسات التي وصفتها منذ أيام بالحمق ؟ ما أراه هو أن الإختراق الأمني ما كان ليقع لو أن الرئيس مبارك لم يغادر شرم الشيخ . فالأمن لا يُستنفر كما ينبغي إلا من أجل الرئيس . وفي أنظمة الحكم المتخلفة نجد الهوة شاسعة في موقف الأجهزة الأمنية بين أمن الحاكم وأمن المواطن . ومايحدث في مصر هو أن جهاز أمن الدولة يتطرف في حرصه على أمن الرئيس وحاشيته ومراكز القوى والنفاق التابعة له. وحيث أن لكل فعل رد فعل مساو له ومضاد في الاتجاه ، فإن التطرف في الحرص على أمن الحاكم لابد وأن يقابله تطرف في الاستهتار بأمن المواطن وضيوفه. إن ضباط الأمن في سيناء وشرم الشيخ معذورون على إسترخائهم الأمني في غياب مبارك . فالاسترخاء رد فعل بشري طبيعي على الشد العصبي المتواصل الذي يعيشونه عندما يكون مبارك أو ابنه في شرم الشيخ أو أية بقعة في سيناء. الطبيعة البشرية تفرض على أي إنسان مستنفر على مدى أسابيع متواصلة ومشدود عصبيا خوفا من حدوث أي خطأ يؤاخذ عليه مهما كانت تفاهته ، هذه الطبيعة تفرض على الإنسان فور إنتهاء ظرف الاستنفار أن يسترخي ويستريح. والاسترخاء والراحة يتناسبان طرديا في حدتهما مع ما سبقهما من شد واستنفار، تماما كما تتناسب فترة النوم مع حجم المجهود الجسماني المبذول في العمل. عندما يرى ضابط الأمن في إحدى كليات جامعة القاهرة مجموعة من الطلبة تعرض شرائط عمرو خالد ، فيهرول إلى وكيل الكلية طالبا مصادرة هذه الأشرطة ، فيستجيب الوكيل فورا ، لابد وأن نتساءل ما الذي يفرض على ضابط أمن أن يضيع الوقت والجهد في هذا الهراء . إن ضباط الأمن المشغولين بمراقبة الطلبة والأساتذة وكأنهم جواسيس أو مجرمين ، كان يمكنهم سد بعض الثغرات الأمنية التي مكنت الإرهابيين من إستهداف شرم الشيخ (على الأقل في الفترات التي يغيب فيها مبارك عن المدينة) لتعويض حالة الاسترخاء الطبيعية التي تمر بها إضطرارا القيادات الأمنية المشدودة. غير أن السياسة الأمنية الحمقاء هي التي جعلت ضباط الأمن ينشغلون بالطلبة والأساتذة والنقابيين والمعارضين وكل من يثير إمتعاض مبارك عن سد الثغرات وحماية السياح وصناعة السياحة. الخطيئة إذن هي خطيئة واضع السياسات الذي يفرض على جهاز أمن الدولة الهوس بأمن الرئيس إلى درجة لابد وأن تقود عاجلا أو آجلا إلى ثغرات أمنية خطيرة تهدد مواطني مصر و ضيوفها. الخطيئة هي خطيئة من يضع الضباط في أوضاع نفسية سيئة قد تؤدي إلى الإصابة بأزمات قلبية أو تنعكس على تعامل الضابط مع الجمهور، حيث يرى الضابط أحيانا في المواطن الضعيف فرصة للتنفيس عما يعتمل في صدره من ضغوط نفسية. الخطيئة هي خطيئة من فتح سيناء لعشرات الآلاف من الصهاينة سياحا وجواسيس ومهربي متفجرات يعربدون فيها كما يشاؤون . هي خطيئة من يرفض تعمير سيناء وملئها بمئات الآلاف من المصريين لتخفيف الضغط عن القاهرة والمدن المصرية الملاصقة للنيل ، وترك سيناء منذ أن عادت إلينا خالية حتى تظل آمنة للإسرائيليين. هي خطيئة من منح حكام إسرائيل حق الفيتو على تعمير سيناء وزرع كثافة سكانية فيها حتى لاتشكل هذه الكثافة عائق لهم عندما يقررون إعادة إحتلالها.