كان مساء السبت الموافق 24نوفمبر الجاري مساءًا أسود بالنسبة لي وأعتقد بالنسبة لكثير من المصريين الغيورين على هيبة ووقار القضاة في وطنهم، ذلك أننى بت أضرب كف بكف من هول ما شاهدته وسمعته في ساحة نادى قضاة مصر الأجلاء، ذلك أن ما حدث به لم يكن متوقعًا بنادي يفترض أن تسوده أجواء الوقار والهدوء والحكمة. فمن كان يصدق أن اجتماعًا طارئًا لنادي قضاة مصر الأجلاء يعقد في ظروف عصيبة يحضره فنانون وسياسيون ومحامون وأعضاء في الحزب الوطني المنحل،بل ويحضره من كان متهمًا في قضية قتل المتظاهرين ومن تطاول على القضاة يومًا ما وأدين وسجن بسبب ذلك، ذلك كله أدى إلى أن يفقد الاجتماع خصوصيته وينقص هيبته ويصيب عملية التصويت على قراراته بالعوار، وهو الأمر الذى نبه إليه المجلس الأعلى للقضاة في اجتماعه اللاحق عندما أشار إلى أن حضور اجتماعات نادى القضاة يتعين أن يقتصر على أعضاء النيابة العامة وقضاة مصر . ومن كان يصدق أن أعضاء نادى قضاة مصر لا يتسع صدرهم لرأى مخالف صدر عن قاضٍ موقرٍ عضو بالنادي اعترض على كلام المنصة فما كان من أحد زملائه إلا أن دفعه بعنف فطرحه أرضًا وعندما تحامل على نفسه ووقف مرة أخرى سمعنا من يأمره بصوت حاد وخشن "اخرج بره"(!!)، هل من المعقول أن تنتهك قيم الديمقراطية في نادى قضاة مصر(؟؟) الغريب والمريب أن الفضائيات تجاهلت الحادثة وكأن شيئًا لم يحدث، أين المدافعون عن حرية الرأي؟ ولماذا التزموا الصمت وابتلعوا ألسنتهم الطويلة(؟؟) ومن كان يصدق أن رئيس نادى القضاة المستشار الزند يتخلى عن وقاره ويقوم بتوجيه السادة القضاة للتصفيق بين الحين والآخر في حركات عصبية لا تليق بسنه ولا مكانته وبما لا يليق بهيبة ووقار الصورة الذهنية للقاضي المصري في الذاكرة المجتمعية، ومن كان يصدق أن السادة القضاة هكذا يستجيبون للإشارات الصادرة من المنصة فيصفقون بالأمر ويمتنعون بالأمر وكأنهم أعضاء في فرقة للفن الشعبي، أن سلوكًا كهذا نقبله من جمهور الكرة المتحمس في مدرجات الدرجة الثالثة بيد أننا نندهش ونتحسر عندما نشاهده في نادى قضاة مصر، وهل هذه المشاهد التي نقلتها الفضائيات تصب في اتجاه تعزيز هيبة القضاة ووقارهم أم العكس(؟!) وهل اهتزاز الصورة الذهنية لقضاة مصر إجمالًا يصب في اتجاه تعزيز مكانة مصر ويدعم قوتها الناعمة أم العكس(؟!) من كان يصدق أن نادى قضاة مصر الرفيع يتحول لساحة للهتافات سواء المؤيدة للنائب العام السابق أو المعارضة للإعلان الدستوري الأخير، لم نكن نتوقع أو لم نكن مهيئين أصلًا لأن نشاهد قضاة مصر يقومون بهذا الدور الذى لا يليق بهم وبقاماتهم وبقيمتهم في الذاكرة والوعى الجمعي، لا يهم عندنا موضوع الهتاف أو مضمونه، لا يهم عندنا لمن توجه الهتافات أو ضد من، الأمر غير مقبول أصلًا أن يتحول قضاة مصر لهتيفة(!!) وهل فكرت إدارة النادي في الآثار السلبية التي قد تترتب على ظهور قضاة مصر بهذا الشكل غير اللائق(؟؟) وأخيرًا، من كان يتصور أن ينتهى اجتماع نادى قضاة مصر بتوصية يدعو فيها حراسة العدالة إلى تعطيل عملهم بالمحاكم وتعطيل عملية الفصل في قضايا العباد الذين يلتمسون العدالة في ساحاتهم، وهل يا ترى سيستجيب ضمير القضاة لهذه الدعوة؟ وهل إذا عطلوا العمل بالمحاكم سيتوجهون في نهاية الشهر لاستلام مرتباتهم ومكافاتهم المجزية أم سترفض ضمائرهم تقاضى أجر بلا عمل(؟؟) إن إدارة اجتماعات نادى قضاة مصر على هذا النحو غير اللائق من شأنه أن يحول هذا النادي الرفيع من نادى للقضاة إلى نادى للهتيفة، فهل يرضى ذلك السادة قضاة مصر الشرفاء(؟!) [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]