يرى الكثير من الشباب في العالم العربي فى زماننا هذا أن الزواج التقليدي أو زواج "الصالونات" كما يسميه البعض قد عفا عليه الزمن وأصبح لا يتناسب والمعاصرة والحداثة التى يعيشون في ظلها حاليًا، خاصة بعد خروج الفتيات بمفردهن من أجل التعليم ثم العمل وما يصاحب ذلك من اختلاط بالجنس الآخر، فضلًا عن انتشار وسائل التلاقي والاتصال التكنولوجية الحديثة بشكل كبير ومن بينها: الهواتف النقالة والشبكة العنكبوتية التي لا حدود لها، حيث تحوي الكثير من المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، بل ظهرت أيضًا مواقع خاصة للزواج وتوفيق "راسين في الحلال"!!.. إذ تمنح بدورها الشباب فرصة للتعارف وتبادل الصور والتسجيلات الصوتية والثرثرة وغير ذلك من أمور غالبًا ما تكون بالطبع مزيفة وبعيدة كل البعد عن الواقع!!.. هؤلاء الشباب يرفضون مجرد الحديث عن الزواج التقليدي فى هذه الآونة، ويعتبرونه رجوعًا للوراء أو انتقاصًا من قدر الفتيات وتحويل كل منهن إلى "بضاعة أو سلعة" تخضع لرغبة المشتري إما أن يقبل فيدفع ليشتري، أو يرفض فيتركها دون سبب لمشترٍ آخر وهكذا!!.. كما يتصور البعض الآخر أن الزواج بهذه الطريقة في الوقت الحالي يعد محاولة لسلب وقمع حرية الفتاة في أن تختار شريك عمرها بنفسها أو تخوض تجربة رومانسية معه قبل الدخول كالتى تحفل بها الأعمال الفنية سواء السينمائية أو التليفزيونية المروجة للآلاف من قصص العشق والهيام، وكلها وللأسف الشديد علاقات محرمة داعرة مبتذلة تنشر الفواحش وتبيح الزنا بدعوى الحب، وتقضي على القيم والثوابت والأخلاق بشتى الطرق!.. كانت زيجات الماضى التقليدية زيجات معمرة، تدوم طويلاً إلى أن يَلقى الله أحد الطرفين، رغم أن هؤلاء الأزواج والزوجات لم يعرفوا مسبقًا بعضهم البعض ولكن تزوجوا عن طريق الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران، إضافة إلى أنهم لم تكن لهم قبل الدخول أية تجارب من أى نوع بل كانوا يتزوجون ويتناسلون على الفطرة، تلك الفطرة التى تُحارَب فى زماننا هذا بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، ويتم القضاء عليها باعتبارها تخلفًا ورجعية وجهلًا فى رأي حلفاء الشيطان الذين يريدون أن يشيع الفجور والانحطاط، وتستوطن الفاحشة فى كل مكان على الأرض بدعوى الحرية والانفتاح والعولمة وغير ذلك من أمور ما أنزل الله بها من سلطان!!.. أما معظم زيجات اليوم فعمرها قصير رغم اختيار كل منهما للآخر بكامل إرادته ودون الالتفات إلى نصائح وتجارب من هم أكبر سنًا وأكثر خبرة!، هذا الاختيار الذى غالبًا ما يكون خطأً وغير واضح الملامح أثناء فترة الخِطبة، حيث يُصدَم ويفاجأ كل منهما بالآخر بعد الزواج بإنسان أو إنسانة أخرى لم يعرفها من قبل بسبب التجمل والزيف والتزوير الذي يمارسه البعض، فتبدأ المعارك والصراعات التى غالبًا ما تنتهى بالطلاق فتنهار الأسرة ويضيع ويتشتت على أثر ذلك الأبناء!!.. في رأيي أن الزواج التقليدي هو الأنجح والأطول عمرًا إذا توفرت الصراحة والوضوح والتأني وعدم العجلة فى إتمام الزواج إلا بعد فترة كافية للتعرف على أصل وطبع الطرف الآخر بدون خجل أو خوف أو وضع أي أمور أخرى في الاعتبار سواء كانت أمورًا عائلية أو اعتبارات خاصة بالوسيط مهما كانت درجة قرابته.. فالزواج التقليدي مضمون من حيث النسب والأصل، فالعائلتان تعرفان بعضهما البعض جيدًا، ولا حاجة فيه إلى السؤال عن الأهل، وبذلك يقضي على الخوف الموجود من أصل ونشأة العائلة.. يكون الرأي في الزواج التقليدي قائمًا على المشاركة بين جميع أفراد العائلة، فهم جميعًا متحملون مسئولية نجاح هذا الزواج الذي تم في إطار مباركة العائلة، ولا يتحمل الزوج والزوجة وحدهما تلك المسؤولية.. زواج الصالونات أيضًا يقوي العلاقات الأسرية لأنه غالبًا ما يكون بين عائلتين توجد صلة قرابة أو مصاهرة بينهما.. في كثير من الأحيان قد تختفي فى الزواج التقليدي بعض المشادات المتعلقة بالمؤخر وما يطلق عليه. "قائمة المنقولات" بالنسبة للعروس، فالعريس غالبًا ما يكون مضمون الأصل والنسب، ولذلك لا داعى من تحميله ما لا يطيق وتكبيله بمزيد من الأعباء لضمان حق العروس، فالأفضل التيسير على الزوج حتى تزيد روح المحبة والثقة بين العائلتين. [email protected]