مزقوا مصر نصين.. مزقوا وحدة العروبة.. شقوا وحدة الصف.. شقوا قلب الثورة.. نزعوا قلوب الثوار.. نزعوا قلب مصر وقلوب المصريين الموجوعين.. مصر الآن تبكى دمًا.. مصر الآن تعلن الحداد على الثورة الممزقة نصين.. مصر الآن تأكل نفسها.. علمانى ليبرالى حزبى إسلامى ثورى، الكل يأكل بعض، الكل يتبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة.. وإلا لم تكن مع فصيل معين فأنت عدوه وأنت متهمًا بالعمالة والخيانة وكوكتيل آخر من الاتهامات التى لا تصح أن تكيل فى بلد الألف مئذنة وسبعة آلاف سنة حضارة، بينما لم نصنع لأنفسنا حضارة جديدة واعتمدنا فقط على حضارة الأجداد.. هذا لا يحدث إلا فى مصر فقط بعد الثورة مثل قبلها.. إعدام أو إعلان دستورى جديد، قل ما تشاء أو ما يحلو لك أن تقول، مزق قلب العروبة إلى نصين بين مؤيدين ومعارضين.. طرف ثالث يشعل النيران ويثير الفتن الطائفية.. مصر رايحة على فين؟.. على حرب أهلية أو حرب شوارع؟.. هل هذا وقته؟.. ولماذا فى هذا التوقيت بالذات؟!.. إعدام أو إعلان دستورى جديد.. شىء يجنن.. حاجة تغيظ.. البعض ينظر إلى نصف الكوب المقلوب بينما لا يرى النصف الآخر.. إقالة النائب العام وإعادة محاكمة قتلة الثوار الذين أفلتوا من العقاب الدنيوى لكنهم لن يفلتوا أبدًا من العقاب الإلهى.. ألم يكن هذا مطلبًا ثوريًا وشعبيًا.. فلما تحقق هذا المطلب قامت ثورة مليونية فى الميدان لماذا؟!.. هل لأن الإعدام الدستورى الجديد كما يصفه البعض يحصن حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من أية طعون قضائية أو من القضاء نفسه.. أليس هذا الإعلان أو الإعدام الدستورى مؤقتًا ولا أدافع عنه ولا يهمنى فى شىء ولا يهمنى إلا معاناة المواطن اليومية.. غريب أن تنتفض النقابات المهنية والقوى الوطنية والسياسية على الإعدام الدستورى ولا تنتفض على الفساد الذى مازال يعشش داخل مؤسسات الدولة.. بل ولم تنتفض تلك النقابات حتى على هذا الفساد الذى ينخر كالسوس فى عظامها النقابية حتى يتحول إلى أخطبوط متوحش لا يستطيع أحد إيقافه.. غريب أن ينتفض الثائرون الآن على إعدام دستورى مؤقت فى الميدان أو الميادين.. ولا ينتفضون على الفساد والإفساد الذى أصبح فوق كل شبر على أرض المحروسة، ولا أعرف حتى الآن هى "محروسة من إيه"! فى ظل إخطبوط الفساد هذا الذى أكل الثورة والثوار والشعب وتحولوا إلى وحوش كاسرة على بعضهم البعض.. البلطجة والفساد والنهب والسلب وإهدار الحقوق وعدم الانصياع للأحكام القضائية والدوس بالنعال على العلم والعلماء والابتكارات والاختراعات بعد الثورة مثل قبلها.. لم يتغير شىء.. أى إعدام أو إعلان دستورى هذا ينتفضون من أجله.. بينما يأكل الفساد والإفساد والفاسدون والمفسدون كل خيرات الثورة وثمارها.. قل لى طرف ثالث ولا رابع ولا عاشر.. قل لى إعلان أو إعدام دستورى جديد يفيد أو لا يفيد.. يغير أو لا يغير.. يقدمنا أو يؤخرنا.. يرجعنا لعهد "المخلوع" أولا يرجعنا.. المهم هنا أن المواطن المطحون والمغلوب على أمره والمقهور قبل الثورة وبعدها لم يشعر بأى تغيير.. لم يستفد شيئًا من الثورة مثل قبلها.. الفقير ازداد فقرًا.. والغنى ازداد ثراءً.. والفاسدون ازدادوا فسادًا.. والظالمون ازدادوا ظلمًا.. والبلطجية ازدادوا نفوذًا وسطوة.. إن مصر الآن فى قبضة البلطجة والانفلات الأمنى .. إن مصر الآن فى قبضة العشوائيات والفقر والجوع والحرمان والبطالة والضياع والنسيان.. إن مصر الآن فى قبضة الانهيار.. إن مصر الآن فى قبضة الموت.. إن مصر الآن تحتضر وتموت.. فلا إعلان دستورى حقيقى جديد ولا ألف إعلان غيره ولا إعدام دستورى جديد.. غير شىء ولم ولن يغير شيئاً.. لم يشق إلا وحدة الصف ولم يثير إلا الخلافات والفتن.. مليونية تشتعل الآن فى الميدان أو الميادين اعتراضًا على الإعدام الدستورى كما يصفونه.. ومليونية أخرى تشتعل للإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية مؤيدة للإعدام الدستورى كان مقررًا لها أمام جامعة القاهرة وتم تأجيلها لأجل غير مسمى حقنًا للدماء.. مليونيات تجتمع فى ثانية بين مؤيدة ومعارضة على إعدام دستورى مؤقت لحين تشكيل الدستور الجديد.. ولا تجتمع أبدًا تلك المليونيات فى ثانية فى قلب الميادين على تفاقم وتوحش غول البطالة والأسعار وتدنى الأجور وغياب العدالة فى توزيعها ونهب أموال المعاشات وإتاوات الضرائب وأزمات الإسكان والمواصلات الطاحنة والقاتلة أحيانًا وتسمم مياه الشرب وانفجار شبكاتها وشبكات الصرف الصحى فى الشوارع ليل نهار وانهيار الطرق وتحويلها إلى مصائد للموت أو قل مقابر جماعية موازية لقطارات الموت وانهيار السكك الحديدية ولن أضرب الأمثلة لأنها كثيرة ولا حصر لها وإن كان آخرها كارثة قطار أسيوط الذى دهس أتوبيساً مدرسياً راح ضحيته "51" تلميذا فى عمر الزهور وأصيب العشرات.. إنهم ينتفضون على إعدام دستورى جديد مؤقت لن يقدم ولن يؤخر.. ولا ينتفضون على معاناة المواطنين فى المرافق والخدمات التى تقتلهم يوميًا.. إنهم ينتفضون على إعدام دستورى مؤقت بينما إسرائيل تدق طبول الحرب على الأبواب وتقصف قطاع غزة من أجل تهجيره لسيناء.. بينما ينهش بعضنا البعض على إعدام دستورى مؤقت.. انتبهوا أيها المصريون ولا تنهشون بعضكم حتى لا تنهشكم إسرائيل.. قلبى موجوع على مصر المحروسة الممزوقة نصين.