كنت أتمنى أن يكتفى الرئيس مرسى بمادة واحدة فى إعلان دستورى نصها (كل من تم تعيينه بالأمر الرئاسى المباشر فى العهد السابق لثورة يناير يحق لرئيس الجمهورية عزله بالأمر الرئاسى المباشر مهما كان منصبه)، فهذه المادة تكفى لحل أغلب مشاكلنا فيما يخص عزل الجاثمين على قلب الثورة المنحدرين بسوءاتهم من العهد البائد، المتسلحين بقوانين عمياء لا ترى الثورة ولا تعترف بها. وهذه المادة منطقية وضرورية لاستكمال تحقيق أهداف الثورة؛ لأنه من المنطقى أن يكون ولاء المرء لمن عينه، ولو من باب رد الجميل، وخاصة أن أغلب المصريين ولاد أصول وجدعان، ولا يخونون العيش والملح، ولا يعضون الأيدى التى تمتد إليهم بالمعروف، ومعروف طبعًا أن فلانًا وفلانة وعلانًا وعلانة قد حظوا بمعروف كبير من الرئيس مبارك، فكيف لا يخلصون له ولنظامه؟ بل لكل مَن هو مِن ريحة الحبايب؟! إنه من الظلم ومن غير الإنسانى أن نطالب إنسانة أو إنسانًا عينهما الرئيس مبارك فى منصب رفيع بأن يرفعا عليه السيف، أو على أحبابه وشلته بالقصاص العادل، أو حتى أن يتعاونا مع الرئيس المنتخب بعد ثورة أطاحت بولى نعمتهم؟ فيكون أكرم لهم أن يلحقوه، فينخلعون كما انخلع، وينقشعون كما انقشع، ونرفع عنهم الحرج، وطبعًا هذه المادة تخول للرئيس مرسى ذلك وهى منطقية وثورية وضرورية. بهذه المادة يتطهر القضاء من المعينين، حتى ولو كانوا مستشارين فى الدستورية، وبها يقال النائب العام، وبها يلتزم كل منحدر من عهد مبارك بأهداف الثورة، وإلا فليتهيأ لأن ينخلع بالذوق واللطافة. ولن يستطيع أحد أن يعارضها نهارًا جهارًا إلا إذا كان معارضًا للثورة ذاتها لأنها مادة ثورية مائة فى المائة. إنه إذا كان المطلوب من الدكتور محمد مرسى استكمال الثورة وتحقيق مطالبها، فقراراته صائبة بلا شك، والإعلان الدستورى الأخير ضرورة لا مناص عنها، وإذا كان المطلوب منه أن يقضى فترته الأولى فى سلام والسلام، وأن يمشى الأمور، وأن تبقى على ما هى عليه عند آخر نقطة. وأن يمشى بجانب الحيط، فلا أعتقد أنه يقبل هذا ولا أعتقد أن ذلك يمثل طموح ومطالب الغالبية الغالبة من الشعب المصري. إننى أتفهم جيدًا موقف الكثيرين من المعارضين للإعلان الدستورى الأخير، ممن ستر النظام القديم عوراتهم وأخفى جرائمهم، ورحيل جميع الرموز القديمة سوف يعرضهم للأذى القانوني، وطبيعى أن يدافع الإنسان بل ويستميت فى الدفاع عن نفسه بأية طريقة مشروعة أو غير مشروعة فلا يعرضها للأذى، حتى لو أضر بوطنه أو بالكرة الأرضية كلها من مبدأ (يا روح ما بعدك روح). ولكن ما لا أتفهمه حقًّا هو أن ينضم إلى هذا المشهد، بعض الثوريين المخلصين الذين عرضوا أنفسهم للهلاك فى ميدان التحرير، فداء للوطن من رموز لم تزل جاثمة على قلب الوطن، وذلك بحجة أنهم لا يثقون فى الرئيس مرسي، أو يخلطون بين الرئيس كمسئول مسئولية كاملة عن استكمال أهداف الثورة وكراهيتهم للإخوان المسلمين، حزب الرئيس الذى دفع به إلى انتخابات الرئاسة من الأصل. ولتلك الطائفة الأخيرة أقول: ما أشبهكم - عافاكم الله- بمريض تأكد لديه فساد بعض أعضائه، ولابد من استئصالها وإلا عرضت روحه للهلاك المؤكد، ولكنه يرفض استئصالها بحجة أنه لا يحب الطبيب، أو يكره عائلته! هل هذا معقول؟ والعجب العجاب من هؤلاء الذين يعيشون فى وهم كبير، ويسيئون التقدير، فيحكمون على القرارات الثورية بالقوانين التى لا تعترف بالثورة أصلاً ولا تبيحها، بل تجرمها! وأقول لهم: سواء شئتم أو أبيتم، أحببتم أو كرهتم، فإن الله تعالى أراد أن يحمل شعلة ثورتنا رئيس انتخبناه ووثقنا به وارتضيناه، واستكمال الثورة أمانة فى عنقه، وأصبح فرض عين عليه ليس سواه. وإذا تكلمت الثورة فليسكت القانون، ولن تسكت الثورة حتى يتم القصاص من المجرمين، ومعاقبة كل الفاسدين، إن شاء الله رب العالمين. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]