كانت هذه العبارة هى شطر بيت من قصيدة للشاعر العراقى / مظفر النواب، وهى بحق جملة معبرة تعبيراً حرفيّاً عن الواقع الذى تعيشه بلادنا المخطوفة لحساب النخب المخملية التى استوطنت استديوهات القنوات الفضائية، والتى ما لبثت تطلّ علينا بوجوهها البهيّة صباحَ مساءَ، وبنظرة سريعة على أبطال المشهد الإعلامى اليوم يتبين للناظر دون بذل أدنى مجهود أنّهم يرفضون أى دستور يشارك الإسلاميون فى الإشراف على كتابته ولو كتبته ملائكة من السماء، حتى أنه لم يعد عجيباً أن ترى أحدهم يذم بالليل ما كان يمتدحه بالنهار، بل ويعارض إعلامياً نفس ما كان يؤيده فى الغرف المغلقة، إى والله ليس هذا لغزاً يحتاج إلى حلّ، بل هذا هو جزء من المشهد العبثى الذى تعيشه بلادنا البائسة المنكوبة على يد من يسمّون بدعاة الدولة المدنية، فعلى سبيل المثال لا ترى المناضل الناصرى حمدين صباحى، والقطب الليبرالى د.محمد البرادعى يقاتلان وبشراسة إلا من أجل مادة دستورية مفادها: يجب إعادة انتخاب رئيس الجمهورية فور الانتهاء من الاستفتاء المرتقب على دستور البلاد الذى تتمّ كتابته هذه الأيام، ويعتبران أنّ هذه المادة تحديداً هى أول ما يقاضيان اللجنة المخولة بكتابة الدستور عليها، وللرجلين مبرراتهما فإنّ استمرار الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى منصبه حتى انتهاء فترته التى تم انتخابه على أساسه قد يحقق نوعاً من النجاح فى إدارة عجلة القيادة مما يؤهله لأن ينافس وبقوة فى سبيل فترة رئاسية ثانية وهو ما يُعتبر بدوره خصماً حقيقياً من فرصتيهما بالفوز بهذا المنصب، ولذا لا بأس من التشغيب والتأليب على التأسيسية ومكوناتها الفُسيفسائية مادامت لا تحقق لهما هذه الرغبة الملحة وهذا المعنى الخفى، ولا ضيرَ من تغليف هذه المطالب والطموحات بامتطاء صهو شعارات معلّبة، وعبارات سابقة التجهيز عن الحرية والمدنية والعدالة الاجتماعية وغيرها، وغيرها من المفردات المبغى عليها، والمفترى على مضامينها الأساسية، لقد تاهت العلامات، وكُسرتْ الإشارات، وذابت الفواصل، وخُرجَ على النصوص حتى ما يكاد المرء يفرق ما بين الحيّة والحبل، ومابين التبر والتراب، وذلك فى ظلّ غياب كامل للمعاير الثابتة، فحبة الإسلاميين عند خصومهم من دعاة المدنية وغيرها قبة!! وخردلتهم جبل!!! فنزوة النائب السلفى على ونيس - إن صحتْ - كارثة قومية قد أنست ما تقدمها وما لها من طويل الدهر نسيان!! يبدأ فيها الإعلام ويُعيد فى الوقت الذى يَعتبر فيه الفجور والشذوذ والهيام والغرام وما يحدث فى الظلام فى أفلام القوم ومسلسلاتهم فنّاً يستحق الإشادات والتقدير وهذا أمرٌّ عجيب تكاد لا تقف له على قدم ولا ساق. وأزيدك من الشعر بيتاً، أحد القضاة يرتدى زى الثوار ويهاجم مؤسسة الرئاسة بشراسة قلّ نظيرها، وندر مثيلها، يهدد ويتوعد الجميع بالويل والثبور وعظائم الأمور ما لم يتراجع الرئيس عن قراراته الأخيرة التى يعتبرها هذا القاضى ومن نسج على منواله تعديّاً سافراً على المؤسسة القضائية، ومن عجيب المفارقات أن يعثر الإعلاميون فى أرشيفاتهم الإعلامية على مقال لهذا القاضى الثائر يمدح فيه الرئيس المخلوع حسنى مبارك متمثلاً قول الشاعر؛ أنت شمس والملوك كواكب إن طلعت لم يبدُ منهنّ كوكب ومع ذلك مازال القاضى صاحب هذا النفاق الرخيص، والتملق الأرخص لكل مسئولٍ ولو كان مخبراً فى جهاز مباحث أمن الشيطان!!! يملأ الدنيا ضجيجاً ونهيقاً وكأنّه كان المخطط لقيام ثورة25 يناير!!! أما نصيحتى للرئيس مرسى والحالة هذه وفى ظلّ هذا التربص العلمانى السافر، والابتزاز السياسى الواضح أن يرفع فى وجه هذه الكائنات اللبلابية الغريبة معنى ما تضمنه قول الشاعر؛ إذا عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضرة!! أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]