ولد محمد طلعت حرب في مثل هذا اليوم عام 1867، بمنطقة قصر الشوق بحي الجمالية بالقاهرة، وينتمي إلى عائلة حرب المنحدرة من الشرقية، حفظ القرآن في طفولته وحصل على شهادة الحقوق 1889، عاصر الثورة العرابية وتدرج في السلك الوظيفي حتى أصبح مديرًا لقلم القضايا. في 1905 انتقل ليعمل مديرًا لشركة كوم أمبو ومديرًا للشركة العقارية المصرية التي عمل على تمصيرها فكانت بداية ثورته لتمصير الاقتصاد ليمتلك القدرة على مقاومة الإنجليز، اتجه طلعت حرب إلى دراسة العلوم الاقتصادية كما عكف على دراسة العلوم والآداب. بدأ حياته بتأليف الكتب وعمل بالصحافة، مع نهاية الحرب العالمية الأولى شارك في ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، وكان له معارك فكرية كبيرة، حيث كان أحد المعارضين لفكر قاسم أمين ودعوته لتحرير المرأة، ودعا إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب الاقتصادية على المقدرات المصرية. في عام 1907، كتب مقالًا صحفيًا قال فيه: "نطلب الاستقلال العام ونطلب أن تكون مصر للمصريين وهذه أمنية كل مصري ولكن مالنا لا نعمل للوصول إليها؟ وهل يمكننا أن نصل إلى ذلك إلا إذا زاحم طبيبنا الطبيب الأوروبي ومهندسنا المهندس الأوروبي والتاجر منا التاجر الأجنبي والصانع منا الصانع الأوروبي! وماذا يكون حالنا ولا (كبريتة (يمكننا صنعها نوقد بها نارنا! ولا إبرة لنخيط بها ملبسنا، ولا فابريقة ننسج بها غزلنا، ولا مركب أو سفينة نستحضر عليها مايلزمنا من البلاد الأجنبية، فما بالنا عن كل ذلك لاهون ولا نفكر فيما يجب علينا عمله تمهيدًا لاستقلالنا إن كنا له حقيقة طالبين وفيه راغبين! وأرى البنوك ومحلات التجارة والشركات ملأى بالأجانب وشبابنا إن لم يستخدموا في الحكومة لا يبرحون المقاهي والمحلات العامة وأرى المصري هنا أبعد ما يكون عن تأسيس شركات زراعية وصناعية وغيرها وأرى المصري يقترض المال بالربا ولا يرغب في تأسيس بنك يفك مضايقته ومضايقة أخيه وقت الحاجة، فالمال هو (أس) كل الأعمال في هذا العصر وتوأم كل ملك". وطرح فكرة إنشاء بنك مصر الذي أنشئ1920 والذي يعتبر نقطة البداية لمرحلة الإصلاح الاقتصادي وخطوة علي طريق الحرية من الاستعمار الإنجليزي، فحتى الحرب العالمية الأولى كان الأجانب يسيطرون على جميع البنوك في مصر، حتى إن الحكومة المصرية أودعت أموالها لدى البنك الأهلي بفائدة 1.5% مع علمها بأن البنك يرسل هذه الأموال إلى الخارج، وبلغ الرأسمال الأجنبي في عام 1914م حوالي 91% من مجموعة الأموال التي تُستغل في الشركات المساهمة التي تزاول نشاطها في مصر. وفي ظل هذا الحال كان صوت طلعت حرب هو الصوت الاقتصادي الذي رأى أن السبيل لتحرير اقتصاد مصر هو إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية صرفة، وأخذ يطوف القرى والنجوع داعيًا لإنشاء بنك مصر.. ولكنه قوبل بالسخرية والاستهزاء في أحيان كثيرة، إلا أنه لم ييأس. وبخطوات هادئة وواثقة ظل طلعت حرب يدعو للمشروع، وحين سمع بذلك المستشار المالي الإنجليزي استدعاه لمقابلته، وقال له: "هل تتصور أن المصريين يستطيعون أن يديروا بنكًا؟ إنها صناعة الأجانب وحدهم"، بل نصحه بأن يشرك الأجانب في أي بنك يفكر في إنشائه حتى يعطي المصريين شعورًا بالثقة في هذا البنك، لكن طلعت حرب رد عليه بثقة: لقد قررت أن يكون هذا البنك مصريًا مائة في المائة. نجح طلعت حرب في إنشاء أول بنك وطني، وكانت أول شركة قام بنك مصر بتأسيسها هي "مطبعة مصر" برأسمال قدره 5 آلاف جنيه، وتدرج رأسمالها إلى أن أصبح 50 ألف جنيه، ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى في أغسطس 1927م، وبدأت برأسمال قدره 300 ألف جنيه، ووصل إلى مليون جنيه عام 1936. ثم توالت الشركات والمشروعات العظيمة التي أسسها بنك مصر ووصل عددها إلى 76 شركة كبرى. توفي طلعت حرب في 13 أغسطس سنة 1941م.