باشرت الجزائر تحركاتها باتجاه روسيا لدعم موقفها المعارض لتدخل عسكري في "مالي" عشية اجتماع لمجلس الأمن للنظر في خطة إفريقية لحل الأزمة. وجاء في بيان للخارجية الجزائرية – السبت، أن "الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، سيقوم يوم الاثنين المقبل بزيارة إلى موسكو في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين" دون تقديم تفاصيل حول الملفات التي سيناقشها خلال هذه الزيارة المفاجئة. وقدم البيان إشارة غير مباشرة لأهداف الزيارة بالتأكيد أن "مساهل سيجري خلال زيارته محادثات مع ميخائيل مارجيلوف الممثل الخاص لرئيس الفيدرالية الروسية للتعاون مع الدول الإفريقية" بمعنى أن الأزمة في مالي ستكون محور الزيارة. وأوضح أنه من المرتقب اجتماع مساهل مع الوزير الروسي للشؤون الخارجية سيرغي لافرورف". ويوجد تعاون وثيق بين الجزائروروسيا في مجال التسلح حيث بلغت صفقات التسلح بينهما، خلال الفترة ما بين 2008 و2011، 2.3 مليار دولار حسب تقارير لهيئات متخصصة. وقال مساهل عشية هذه الزيارة في تصريحات إعلامية "إن الحل العسكري في مالي يبقى آخر ورقة يمكن اللجوء إليها، بعد استنفاد كل الحلول السلمية الأخرى، وهذا لم يحدث بعد". وكانت مجموعة دول غرب إفريقيا (إكواس) قررت نشر قوة إفريقية قوامها 3300 جندي شمال مالي عقب قمة بأبوجا النييجيرية الأحد قبل الماضي، وسيتم إحالة المشروع لمجلس الأمن الذي منح المجموعة مهلة 45 يومًا لتقديم مخططها حول التدخل في شمال مالي تنتهي في ال 26 من نوفمبر الجاري. وسيناقش المجلس خلال أيام هذه الخطة الإفريقية بدعم من فرنسا التي تستعجل تدخلاً عسكريًا شمال مالي. من جهة أخرى كشف ليو يويهي، السفير الصيني بالجزائر، في تصريحات لصحف محلية عن اتصالات تجرى بين بكينوالجزائر للوصول إلى تصور موحد لحل الأزمة في مالي. ولفت إلى أن الصين وهي عضو بمجلس الأمن "تتحفظ على التدخل العسكري في مالي تحت غطاء محاربة الإرهاب، وأن الأزمة وليدة أطماع غربية في مقدرات المنطقة". وتتحفظ الجزائر، وهي أكبر قوة اقتصادية وعسكرية مجاورة لمالي، على التدخل العسكري و تدعو لفسح المجال للتفاوض بين حكومة باماكو وحركات متمردة في الشمال تتبنى مبدأ نبذ التطرف والإرهاب. كما تتخوف الجزائر التي تربطها حدود مشتركة مع مالي بطول 1400 كيلومتر، من أن يخلف أي تدخل عسكري واسع شمال مالي مشاكل أمنية معقدة لها، فضلاً عن نزوح عشرات الآلاف من الطوارق الماليين. وعرفت الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة حراكًا دبلوماسيًا كثيفًا من خلال زيارات لمسؤولين غربيين بينهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إلى جانب المبعوث الأممي إلى الساحل رومانو برودي. وقال وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، في تصريحات سابقة إن "الدول التي اختارت التدخل العسكري بدأت بالتراجع تدريجيًا عن قراراتها". وعن سبب ذلك، أوضح أن الجزائر "لمست تطورات مهمة مؤخرًا تتمثل في إعلان أنصار الدين وحركة تحرير "أزواد" عن حوار جاد مع الحكومة المالية وإعلان أنصار الدين عن رفضها للإرهاب والجريمة وعدم مساندتها للتطرف في المنطقة". وأعلن رئيس الحكومة المالية مؤخرًا استعداد باماكو للحوار مع حركتي الأزواد وأنصار الدين اللتين تمثلان طوارق الشمال. فيما أبدت حركة أنصار الدين استعدادها للتخلي عن تطبيق الشريعة في كل أنحاء مالي والبدء بمفاوضات مع السلطات المالية "للتخلص من الإرهاب والحركات الأجنبية". وتتنازع حركتا تحرير أزواد وأنصار الدين النفوذ في شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه منذ أبريل الماضي، وهو تاريخ سقوط شمال البلاد تحت سيطرة هذه المجموعات غداة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي توماني توري وانسحاب الجيش النظامي من الشمال.