وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة    رئيس الوزراء يستعرض آليات تعظيم موارد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة    الجيش السوداني يفرض سيطرته على مدينة الحمادي بجنوب كردفان بعد معارك عنيفة    خروج 69 ألفا من إسرائيل خلال 2025.. إحصاء للاحتلال يكشف التفاصيل    نجم الزمالك السابق يطالب باستقالة مجلس الإدارة ورحيل جون إدوارد: النادي ينهار وأصبح حقل تجارب    أبناء القوات المسلحة يحققون المراكز الأولى خلال مشاركتهم فى عدد من البطولات الرياضية    إخماد حريق اندلع داخل مخزن أوراق في الساحل دون خسائر بالأرواح    ضبط قائد سيارة تصادم عمداً بدراجة نارية فى الشرقية بعد تداول فيديو    تطورات الحالة الصحية للنجم الكوري آهن سونج كي بعد نقله إلى العناية المركزة    حصاد 2025| تراجع في نتائج مودرن سبورت.. وتغيير الجهاز الفني    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    محافظ القليوبية يبحث إجراءات تحويل قرية القلج وتوابعها بمركز الخانكة إلى مدينة مستقلة    المحكمة العربية للتحكيم تطلق ملتقى الوعي الوطني لشباب الصعيد    الحكم على 60 معلمًا بمدرسة بالقليوبية بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية    رئيس جامعة المنوفية يتابع امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية العلوم    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال أعياد رأس السنة وعيد الميلاد المجيد    حملات مستمرة لإعادة الإنضباط للشارع الشرقاوي    «التضامن»: تسليم 567 طفلًا لأسر بديلة وتطبيق حوكمة صارمة لإجراءات الكفالة    بيت الزكاة والصدقات يعلن دخول القافلة الإغاثية 13 لغزة عبر منفذ رفح فجر اليوم    إنجازات التجديف في 2025، ميدالية عالمية ومناصب دولية وإنجازات قارية    مستشفى إبشواي المركزي بالفيوم يطلق مبادرة "المضاد الحيوي ليس حلا"    دفاع متهم «أطفال فيصل» يطعن في الاعترافات ويطالب بالبراءة    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وأصلح ولاتتبع سبيل المفسدين 000؟!    عاجل- مجلس الوزراء يوافق على تخصيص قطع أراضٍ للبيع بالدولار لشركات محلية وأجنبية    محافظ الدقهلية: دراسة تطوير منزل أم كلثوم بمسقط رأسها    مدبولي يوجه بسرعة الانتهاء من الأعمال المتبقية بمشروعات «حياة كريمة»    اجتماع مفاجئ بين الرئيس السيسي والقائد العام للقوات المسلحة    «التموين» تسلم مقررات يناير ل40 ألف منفذ استعدادا لصرفها غداً    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    بيراميدز بطل إفريقي فوق العادة في 2025    حصاد 2025| ألعاب صالات الزمالك تخرج بخفي حنين.. والطائرة تحفظ ماء الوجه    بنهاية 2025.. الاحتلال يسيطر على نحو 55% من مساحة غزة ويدمر 90% من البنية العمرانية في القطاع    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    البنوك إجازة في أول أيام 2026 ولمدة 3 أيام بهذه المناسبة    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    برنامج " لا أمية مع تكافل" يسلم 100 شهادة محو أمية للمستفيدين بالمناطق المطورة    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    الرقابة المالية تقر تجديد وقيد 4 وكلاء مؤسسين بالأنشطة المالية غير المصرفية    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    استهدف أمريكيين أصليين وخط مياه.. تفاصيل فيتو ترامب الأول بالولاية الثانية    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة الحرة فى الشريعة الإسلامية
نشر في المصريون يوم 18 - 11 - 2012

يقول أعداء الشريعة الإسلامية الكارهون لها إنها لا تتضمن حلولا لكل الموضوعات التى قد تعرض فى حياة الناس، ومن ثم فكيف يصر السلفيون على أن يكون النص فى الدستور الجديد (الشريعة الإسلامية مصدر التشريع)، وماذا تفعل الدولة لو أرادت إصدار قانون فى مجال ما، ثم يتبين أنه لم يرد له حكم فى الشرع؟
البعض يسأل هذا السؤال بحسن نية نتيجة عدم أو قلة العلم والتأثر بالدعاية المضادة للشريعة، والبعض يدّعون من باب الكبر والمعاندة والكراهية للشريعة أن الشريعة بهذه المثابة قاصرة ولا تصلح للتطبيق فى العصر الحالى، وهؤلاء وصفتهم محكمة النقض المصرية بأنهم كفرة مرتدون عن الإسلام وزنادقة يموهون بكفرهم ويروجون لعقيدتهم الفاسدة ويبطنون الكفر ويدّعون الإسلام.
هذا الموضوع يتعلق بحدود سلطة المشرع فى إطار السياسة الشرعية، وهو العلم الذى يبحث فى تدبير شئون الدولة الإسلامية بما تتخذه من نظم وقوانين وسياسات تتفق مع الشريعة الإسلامية.
يقول الدكتور يوسف القرضاوى فى مؤلفه "السياسة الشرعية"، إن الفقهاء قد حددوا مجالات ثلاثة يجوز للمشرع أن يجتهد فيها، ويصدر التشريعات التى تتفق مع مصالح الناس ويعمل فيها برأيه، وهى:
1- ما لا نص فيه.
2- ما يحتمل وجوها عدة.
3- المصالح المرسلة.
وموضوعنا اليوم هو أول هذه المجالات (ما لا نص فيه). ماذا يفعل المشرع إذا عنّ له أمر من الأمور لم يجد فيه نصا شرعيا؟
1. فهذا المجال يمثل (منطقة حرة) أو (منطقة فراغ) من النصوص، الشرعية الخاصة وهى التى تسمى (منطقة العفو) أخذا من الحديث النبوى الشريف الذى رواه أبو الدرداء عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أحل الله فى كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو - وفى رواية "عافية"- فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا "وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّا"، وأكد هذا ما رواه أبو داود من حديث ابن عباس قال: (كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء، فبعث الله نبيه، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. وتلا "قُل لاَّ أَجِدُ فِى مَا أُوْحِى إِلَى مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ..."، وهو موقوف على ابن عباس.
فدل الحديث النبوى، وحديث ابن عباس على أن هذه المنطقة متروكة (قصدا) من الله تبارك وتعالى، عفوا وتوسعة على عباده، ورحمة بهم، من غير نسيان منه، (لا يَضِلُّ رَبِّى وَلا يَنْسَى) كما جاء فى الحديث الآخر الذى رواه أبو ثعلبة الخشنى عن النبى صلى الله عليه وسلم (أن الله حد حدودا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها)، رواه الدارقطنى وذكره النووى فى الأربعين النووية الشهيرة، وحسنه، وهو يؤكد ما ثبت بحديث أبى الدرداء المرفوع، وحديث ابن عباس الموقوف، وما أيده الاستقراء، وهو: أن الشارع الحكيم لم ينص على كل شىء، بل هناك أشياء ترك النص عليها مطلقا، وأشياء نص عليها بإجمال على وجه كلى، وأشياء نص عليها بالتفصيل المناسب لها.
وبالاستقراء عرفنا أن ما يتغير بتغير الزمان والمكان والإنسان تغيرا كليا وجذريا ترك الشارع النص عليه، وهو منطقة (العفو) التى تحدثنا عنها، وهى متروكة لاجتهاد العقل الإسلامى، يشرع لها ما يناسب زمانه ومكانه فى ضوء النصوص ومقاصد الشريعة العامة.
وما يتغير بعض التغير نص عليه بإجمال دون تفصيل، بما يضع المبادئ ويؤسس القواعد، ويدع التفصيلات لاجتهادات المسلمين.
وما لا يتغير كثيرا بتغير الزمان والمكان والإنسان، مثل: شؤون الأسرة، والجرائم الأساسية؛ هو الذى جاءت فيه النصوص وفصَلت فيه الأحكام.
فإذا قلنا (ما لا نص فيه) احتمل أن يكون معناه: ما ليس فيه نص أو دليل قط أو ما فيه دليل على وجه كلى، مثل النص على الشورى فى قوله تعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، وقوله: (وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ)، فإن هذين النصين لم يبينا؛ من هم الذين يستشارون؟ وكيف يختارون؟ وفيم تكون مشاورتهم؟ وما الحكم إذا اختلفوا فيما بينهم، أو اختلفوا مع ولى الأمر... إلخ.
وكثير من أدلة الشرع يأتى على هذه الصورة من الكلية والإجمال فيقرر (المبدأ) أو (القاعدة) ويترك التفصيل والتطبيق لاجتهاد المجتهدين، وهذا من رحمة الله تعالى بالناس، وتوسعته عليهم؛ لأنه سبحانه لو ألزمهم بنص جزئى تفصيلى، لوجب عليهم أن يلتزموا به بمقتضى عقد الإيمان: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ...).
وإذا ألزمهم بأمر مفصل فسيكون مناسبا لعصرهم وبيئتهم وظروفهم، ومعنى هذا؛ أنه يجَمدهم فى تلك الصورة الملائمة لمكانها وزمانها، والتى قد لا تصلح لزمان تال، ولا لبيئة أخرى.
والنص- بهذا المعنى الذى شرحناه - يشمل ما يعرف عند الأصوليين فى أقسام الواضح الدلالة من نصوص الكتاب والسنة، وهى: الظاهر، والنص، والمفَسر، والمحكم، على تفاوت فى وضوح دلالتها على الحكم الشرعى، ابتداء بالظاهر، وانتهاء بالمحكم، الذى لا يحتمل تأويلا أو نسخا.
وعلى ذلك فإذا اجتهد الإمام، (الحاكم أو السلطة التشريعية بالمفهوم المعاصر) وأعمل رأيه فى هذه المنطقة التى لا نص فيها، ولا يوجد فيها كتاب ولا سنة، فرأيه معتبر، ما دام مبنيا على أساس سليم من أسس الاجتهاد: من قياس على أمر منصوص عليه بموجب العلة الجامعة، أو عمل بالاستحسان فى موضعه، أو بالمصلحة بشروطها، أو بسد الذرائع، أو بمراعاة العرف، أو غير ذلك مما هو معروف لأهل الاجتهاد.
وبهذا تبطل حجة أعداء الشريعة الذين ينسبون إليها النقص ،وما النقص إلا فى عقولهم.
أما الأمر الذى ورد فيه نص شرعى ولكن هذا النص يحتمل وجوها عدة فى التفسير فسنعرض له فى المقال القادم إن شاء الله تعالى، لنرى ما يجب على السلطة التشريعية فعله إزاء اختلاف التفاسير، وهى بصدد إصدار قانون لا يخالف الشرع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.