* أخذتنا دوامة الحياة، وتتلاطم فى عقولنا الأحداث، وننكب على وجوهنا، ونلهث خلف وهم وسراب، وننسى أو نتناسى أننا لن نخرق الأرض، ولن نصعد الجبال، ولن نبحر فى أعماق البحار، ولكنها الرغبة البشرية فى أن نقبض على كل ما يتاح لنا، من مال، ومجد، فتسرقنا الأيام، ويمر عام وراء عام، ويمضى قطار العمر، منطلقا كالريح، أحيانا نحاول أن نفرمله فى أقرب محطة لنلتقط أنفاسنا، فنجد شيئا ما بداخلنا يوسوس لنا بأننا يجب أن نهرول سريعا نحو محطة أخرى، لأن آخرين قد يسبقوننا، أو يسرقوا منا ما نتوهم أنه حقا مكتسب لنا، ويحل الظلام فنجد الجسد والعقل متعبين من عناء السعى والتفكير، وأحيانا نسقط، صرعى لإعياء جسدى أو انهيار نفسى، كلاهما وجع قاسى لقلب أرهق كثيرا، ويحتاج للراحة والطمأنينة والهدوء والسكينة. هنا فقط يشدنا الحنين لورقة مطوية فى أحد الأدراج أو صورة تمثل ذكرى جميلة أو حزينة أو نبحث عن أغنية كان تدغدغ مشاعرنا، أو نسرح بخيالنا، فنصمت، ثم نسحب تنهيدة كبيرة من أعماق الفؤاد الصابر على الألم والوجع، المتعب من الحزن، فتسقط دمعة من عيون ملتهبة من سهر الليالى تبكى على رحيل حبيب غالى، أو تدوى صرخة تشق صدر طالما يشتاق للحنين، نحتاج حينها لعاصفة تجتاحنا، لزلزال قوى ينسف مشاعرنا المتبلدة بفعل الزمن، نشتاق بلهفة للحظة دفء صادقة تدوب فيها أحاسيسنا التى دفنت فى مقبرة الأحزان نحدث أنفسنا، أين كنا؟ وكيف صرنا؟ وكيف ضاعت منا كل هذه السنوات، فلا نجد إجابة لهذه التساؤلات، فنتوجه سريعا لأقرب خيط من نور لنحجبه قبل أن ينفذ لقلوبنا، لكى نوارى ما ارتكبناه من جرم بحق أنفسنا. * نعطى بلا مقابل، ونفتح سراديب الأمل لمن نحبهم رغبة منا أن يعبروا اليأس لشاطئ الأمل، تمر الأيام ونجد العمر يمر عاما وراء عام، ونحن اكتفينا أن نصبر على الآلام ونرى جراحنا مستباحة من الأحلام بقسوة بل تسقطها صريعة تنزف بلا دواء لهذا الداء العضال صعب الشفاء، ونتساءل ألا يوجد من بين من وهبناهم الحب وزرعنا فى قلوبهم الأمل من يمنحنا وردة تفوح عبيرا مفعما بالحب الصادق، أو يشاركنا لحظة وجع تحفف كثيرا مما أرهق القلب والمشاعر فى رحلة الحياة الشاقة، ونعود لنلوم أنفسنا هل كنا مخطئين عندما فرطنا فى كثير من حقوقنا لإسعاد غيرنا؟ ثم نستعيد كثيرا من الهدوء المفقود، ونقنع أنفسنا أن هناك بشرا يقتنعون دوما بدور الضحية أو أن الأقدار اختارتهم لهذا الدور، فلا هم يقدرون أن يتمردوا ويغادروا بستان المحبة والعطاء، ولا هم يقدرون أن يسعدوا أنفسهم، هكذا حال كثير من القلوب المعطاءة التى تنال جزاء هذا الإحساس المتدفق بالصدق طعنة غادرة فى الظهر أحيانا، أو ضحكة سخرية أحيان أخرى، فى النهاية لن تتغير هذه القلوب مهما نالت من ظلم الزمان، لأنها ينبوع يتدفق محبة ودفئا وحنانا.