مللت السياسة, وملت السياسة من رجالها, فلا الرجال واعون, ولا السياسة شريفة. ورقة بيضاء أفتحها, كم تمنيت لو حياتى مثل تلك الصفحة, لا قديم يؤلم, ولا جديد يقلق, نعمة هى راحة البال, لا إساءة ارتكبت ولا ألمًا فيه تسببت.. هيهات هيهات لما يحلم المسىء والمؤذى ويكذب. لك أن تخطئ مرة دون أن تتهم نفسك بالغباء, وإذا كررت نفس الخطأ, فسأتهمك بالغباء, لك أن تؤذى مرة, وسأقول إنه لا يقصد, وإذا كررت الإيذاء, فأن تقصد وتعرف محل الوجع, ولا تخجل أن تغمس فيه عصا كلامك الغليظ. تدركنا الحقائق وقد فارقتنا الوقائع, فلا إدراك الحقيقة نافع, ولا الوقائع تغادر..., والمحظوظون فقط, هم أولئك المراقبون لدنيا الله, يتأملون أحوال البشر دون التورط فى أفعال البشر, يستفيدون من تجارب الآخرين, ويحزنون للآخرين, ويساعدون الآخرين. هؤلاء المحظوظون ملائكة, والملائكة فى السماء... ونحن بالأرضِ. ابتسم وأنت تتلقى الضربة, فذلك الضارب جاهل, والمضروب لديه فرصة لا تعوض لاكتناز واحة السماحة. كم مرة جاءت الضربة على الرأس, وكم مرة أفقت فإذا لا شيء. الضربة التى لا تقتل تقوى. تعطى مساحة جديدة بالعقل للعافية, بينما كفٌ تضربك تزداد ضعفا. فمن القوي؟.. ومن الضارب ومن المضروب؟ ورقة بيضاء.. حياتى ورقة بيضاء, ذلك من تغافيل يقظان الغرقان ببحور الوهم. تلزمنى أعمار فوق عمرى القصير, وعقول فوق عقلى المحدود حتى أفهم مقولة الفاروق "ليتنى شعرة فى صدر الصديق". أبو بكر ترون أكبر مآثره أنه ثانى اثنين إذ هما فى الغار, وأنه صدق حينما كذب الناس,وأنه أعطى ولم ينتظر, وأراه صفحة قلب أبيض من كثرة سطور الصفح. الشافعى فقيه والشافعى محب والشافعى شاعر, والشافعى أديب, والشافعى هو الشافعى ملأ الدنيا علما وشغل الناس تفكيرا, وأرى الشافعى شابا نجح فى أن يلمح خطا لا يكاد يُرى, بين جفاف فقيه, وخيال متصوف: فقيهاً وَصوفِياً فَكُن لَيسَ واحِداً / فَإِنّى وَحَقُ اللَهِ إيّاكَ أَنصَحُ// فَذَلِكَ قاَسٍ لَم يَذُق قَلبُهُ تُقىً/ وَهَذا جَهولٌ كَيفَ ذو الجَهلِ يَصلُحُ// لو لى فرصة فى ورقة بيضاء حقيقية, لكتبت فيها: المحبة والصفح وعلم لا يتجاوز فطرة مولود.. فهل هذا صعب؟ رحماك يا رب. عين الشباب حادة الإبصار, لكنها لا ترى غير لونين: الأبيض والأسود, وإذا ما زارها رمد الشيوخ عرفت أن بين اللونين طيفا من الألوان, سبحان من جعل عافية العينين فى بعض الرمد. [email protected]