تناولنا سابقًا أن إيقاف النشاط الكروى فى مصر هو جريمة بكل المقاييس.. جريمة فى حق الكرة المصرية التى ستفقد من جراء هذا التوقف حلقة هامة فى سلسلة مواهبها الكروية.. وفى حق منتخباتها فى المراحل السنية المختلفة، وجريمة اقتصادية فى حق العاملين فى المجال الذين سينضمون إلى طابور العاطلين والبطالة مع كثير من أبناء هذا الوطن.. وككثير من الجرائم الكبرى التى ترتكب فى وطننا فى واقعنا المعاصر تتفرق حقوقها بين (القبائل)– والقبائل المتناحرة هنا هى جهات وهيئات واتجاهات وروابط تمثل مصالح مختلفة ومتعارضة – تختلف فيما بينها فى كل شىء وتتفق جميعها على تفريق المسئولية حتى لا نعرف من مرتكب الجريمة لمعاقبته أو تنحيته جانبًا من صناعة المشهد العام.. نشاط كرة القدم فى مصر إن عدد أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم حاليًا هو (214) ناديًا.. وهذا العدد من الأندية التى تمارس كرة القدم بشروط الاتحاد ووفق منافسات مسابقاته المختلفة تمثل (12 ضعفًا) لعدد أندية الدورى الممتاز (18) ناديًا.. أى أن نسبة أندية الدورى الممتاز فى خريطة الكرة المصرية لمستوى الدرجة الأولى للفرق هى (8.5%) فقط.. هذا بخلاف المراحل السنية المختلفة التى تمارس كرة القدم.. إننا أمام حقيقة أن الدورى الممتاز لا يكاد يمثل نسبة 5% من إجمالى صناعة الكرة فى مصر.. وليس معنى هذا أن نلغى هذا الدورى أو نهمش دوره.. فكل منظومة الكرة فى النهاية تصب فى غاية الوصول إلى التنافس على هذا الدورى.. لكننا نقول بالأرقام إن جريمة توقف النشاط الكروى فى مصر ليست مقتصرة بحال على عودة الدورى الممتاز – الذى نطالب بعودته بضوابط رياضية وأخلاقية وتنافسية محترمة وواضحة للجميع – ورغم ذلك فإن توقف النشاط الكروى فى نسبة (95%) من خريطته مازال قائمًا!! وإذا سألت عن السبب تبادل الجميع الاتهامات وإلقاء المسئوليات على الغير (الألتراس – أهالى الشهداء – الثوار – اتحاد الكرة – وزارة الرياضة – وزارة الداخلية – رئيس الوزراء – الإرادة السياسية فى مصر!!). يا سادة المسئولية واضحة، فلا تهدروا دم الكرة المصرية بين الفصائل.. المسئولية محددة فى الإدارة الكروية فى مصر.. التى لو قامت بواجبها فى إعادة (95%) من النشاط الكروى، ما اعترض أحد من الألتراس ولا أهالى الشهداء ولا الثوار، وبالتالى لن تعترض وزارة الداخلية ولا وزارة الرياضة ولا رئيس الوزراء.. المشكلة أننا نصر على السؤال العقيم (البيضة أم الفرخة؟).. الدورى الممتاز أم النشاط الرياضى بكامله؟.. ابدأ الآن لو كنت جادًا بالنشاط الكروى فى مختلف درجاته ومراحله السنية.. ثم نبحث بعد ذلك عن أزمة أندية الدورى الممتاز.. أليس هذا هو المنطق السليم؟. أما ما نتناوله فى ملف فضح فساد إدارة منظومة الكرة فى مصر كونها جزءًا لا يتجزأ من النظام السابق الذى قامت عليه الثورة، ومطالبتنا الملحة بتطهير الكرة المصرية كما نطالب بتطهير الرياضة المصرية، وتطهير كل مؤسسات الدولة فى مختلف المجالات والأركان.. إنما هو مطلب ثورى أصيل لا علاقة خاصة له بروابط الألتراس إلا باعتبار هذه الروابط مكون من مكونات الثورة المصرية.. مطالب تطهير إدارة الكرة فى مصر ليست مطالب (ألتراسوية) إنما هى مطالب ثورية عامة.. بما فيها المطالبة بتصحيح مسارات الألتراس ذاته ونبذ التعصب والعنف وكل المظاهر الدخيلة على الرياضة المصرية، والتى من شأنها عرقلة مسيرة الرياضة والمجتمع، والتى نعتبر الثورة المصرية التى قامت لإصلاح الأوضاع فى مصر بصفة عامة وليست الأوضاع السياسية فحسب معنية بتطهير وتصحيح وإصلاح مسارات الألتراس التى ستشارك فى صنع واجهة مشرقة لشباب مصر الثورة.. ولا يفوتنا هنا أن ننوه إلى أن خطايا الألتراس فى زمن ما قبل الثورة كانت تزكيها ممارسات منظومة الإدارة الكروية فى إعلامها المحرض على التعصب والكراهية والعنف أيضًا، وارجعوا إلى حالة الحرب التى أعلنها أركان الإعلام الكروى المرتبط باتحاد الكرة قبل مباراة الجزائر فى تصفيات كأس العالم 2010 لتعرفوا من وراء التعصب والعنف فى مصر.. بل ومن وراء تشجيع وإبراز وتسليط الأضواء على روابط الألتراس، وإفراد المساحات لهم فى الفضائيات الكروية حتى تم تخصيص برامج كاملة لجماهير الأندية المختلفة تماديًا فى صناعة التعصب.. وعندما انقلب السحر على الساحر، وعجز المشعوذون عن صرف العفريت الذى حضروه.. مع تحول واضح وملموس فى سلوك العفريت الذى هذبته وقائع وأهداف الثورة بوضوح.. يحاولون الآن صناعة الأزمات معه وتحميله مسئولية كل أزمات وجرائم إدارة منظومة الكرة فى مصر.. وأخشى ما أخشاه أن يتهموه بأنه هو المسئول عن صفر المونديال!!. [email protected]