المباراة تسعون دقيقة بخلاف الوقت بدل الضائع وليس خمسا وأربعين دقيقة كما تخيل نادي الزمالك ففرط في فوز سهل ومستحق على منافسه البنزرتي التونسي على أرضه وبين جماهيره في تونس! كان الزمالك فائزا بهدفين نظيفين فتوقعنا أمام قدرته على الوصول إلى مرمى المنافس أنه سيحرز المزيد وسيخرج بفوز تاريخي يدخله موسوعة جينيس للارقام القياسية بالنسبة لمباريات الأندية المصرية والتونسية في تونس. لكنه خذلنا تاركا الشوط الثاني لفريق أقل منه كثيرا في المستوى والسمعة والخبرة، تراجع الزمالك إلى منطقة مرماه مع أنه بسهولة ظل قادرا على الوصول إلى مرمى البنزرتي كلما أراد ذلك وهو ما فعله لاعبوه أحيانا، وأبرزهم جونيور، فقد كانوا يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام حارس المرمى البنزرتي، ومع هذا يصوبون الكرة بغير اكتراث في يده أو جسمه! عندما يكون فريق كبير مثل الزمالك فائزا بهدفين نظيفين ولديه الأسلحة الهجومية التي يستطيع بها تعزيز فوزه، ثم يتعادل الفريق المنافس خلال دقائق معدودة ويكاد يفوز، فإن هذه مشكلة كبرى يجب أن يقف أمامها فاروق جعفر طويلا، خاصة أن دفاعه لا يزال الأضعف بين خطوط الفريق ويخطئ أخطاء ساذجة، مثل هذا الهدف الغريب الذي أحرزه مدافعه في مرماه ليتعادل البنزرتي مع أنه لو لم يرتق للكرة لكانت ذهبت في الاتجاه الآخر خارج الملعب أو ذهبت إلى لاعب في منطقة مكشوفة لحارس الزمالك الذي لم يتوقع بالطبع أن يتمركز مدافع الزمالك في الموقع الخطأ ويتصدى للكرة برأسه بطريقة المهاجم الذي يريد أن يسدد في المرمى، وهذه لا يقع فيها شبل صغير في مدرسة الكرة او لاعب كرة هاو في الحواري! لن أهلل لتعادل الزمالك باعتباره نصف الطريق في التأهل للدور الثاني لكأس الأندية العربية وأن المباراة الثانية في القاهرة ويكفيه التعادل سلبيا أو بهدف لكلا الفريقين، فالمفروض أنني اتحدث عن فريق كبير يضم نجوما في جميع خطوطه، وهو أقرب الفرق لاحراز البطولة. فالحقيقة أن البنزرتي ليس له سجل يذكر بين الأندية التونسية، فمدربه لم يكن يريد من المباراة سوى الأداء المشرف وقد تحقق له ذلك، والصيت وقد حققه له لاعبو الزمالك عندما قرروا أن يكتفوا بالهدفين ويضيعوا الفرص السهلة، ثم ينامون في نصف ملعبهم ممسكين بكنز القناعة، مع أنه في الكرة يفنى ويدمر الفريق الذي يلعب على أساسه! نعم لقد طور جعفر من الكرة الهجومية لفريقه واستطاع أن يجعل جميع الطرق سالكة أمامه للوصول إلى المرمى وتهديده، وكسب لاعبا سيكون له دور كبير في نتائج الزمالك وهو جونيور الذي يذكرني بلاعب الزمالك السابق النيجيري الفذ ايمانويل وان كان ينقص جونيور لياقة ذلك اللاعب واعتقد أن الجهاز الفني للزمالك قادر على اكسابه هذه الميزة. لكن المشكلة هي خط دفاعه الذي يهتز عندما يتعرض للهجوم، ولم يشعرنا جعفر في هذه المباراة والمباريات السابقة أن هناك جديدا طرأ لسد هذه الثغرة. مطلوب من جعفر مجهودا لنرى لمساته في هذا الجانب مثلما بدت لنا بوضوح في خط الهجوم. ومن حقنا أن نسأله - وهو أفضل لاعب خط وسط في مصر في السبعينيات - كيف تاه خط وسط فريقه في الشوط الثاني وتسبب في الشلل الذي أصاب اللعب الهجومي مما جعل البنزرتي يضغط بكل خطوطه؟! على لاعبي الزمالك أن يستفيدوا من تجربة "البنزرتي" الضعيف وهو ليس أكثر من ضيف شرف في كأس الأندية العربية، خصوصا أنهم سيلاعبون في دوري ابطال أفريقيا، النجم الساحلي التونسي الأقوى والأكثر خبرة والذي يستطيع مدربه قراءة المباراة وتغيير دفتها بمهارة شديدة. لكن من حق الزمالك أن يبرر سوء الأداء في الشوط الثاني بأن هناك شعورا تسلل الى لاعبيه بانحياز الحكم الليبي الواضح أو أنه جاهل في التحكيم، فقد ألغى هدفا صحيحا للزمالك ولو كان قد احتسبه، فربما تغير أداء الزمالك كليا وحقق الاكتساح الذي كنا نتمناه. والغى ضربة جزاء صحيحة مائة في المائة لا يتردد أي حكم مصري عن احتسابها، فالواضح أن يد اللاعب التونسي كانت في شبهة تعمد للمس الكرة! وهنا أسأل الاتحاد العربي لكرة القدم لماذا لا يجيد اختيار حكام الساحة في تلك البطولة، وما هي مقومات اختيار الحكام. إن المستويات التي نراها تؤكد لنا ان ذلك الاختيار ليس له أي معايير من الكفاءة والخبرة والشارة التي وصل اليها الحكم، ومن نراهم – ما عدا القليل - بالكاد لا يزيد مستواهم عن التحكيم في دوري المظاليم في بلادهم! لست قاسيا فالحقائق تؤكد هذه النظرية وتؤيد وجهة نظر الذين يطلقون على هذه البطولة مسمى "التليفزيونية" نسبة إلى أنها لا تزيد على كونها مسابقة لصالح قناة مشفرة تتولى رعايتها لتكسب بواسطتها المزيد من المشتركين، ودليلي انها استبعدت ناديا جعل للبطولة صيتا وطعما وجمهورا وهو الاسماعيلي، فهذه القناة تعتقد أن جمهوره أقل عددا من جمهور الزمالك سادس الدوري العام المصري في الموسم الماضي، مع أن جمهور الاسماعيلي ينتشرون في العالم العربي ومن غير المصريين أيضا، وهذه ميزة لا يملكها الا الاسماعيلي فقط