البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    قفزة جديدة في سعر الدولار بالبنوك ويسجل هذا الرقم    وزير النقل يتابع جاهزية محور بديل خزان أسوان للافتتاح خلال الفترة القادمة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    وقف إطلاق النار بغزة وإعادة فتح معبر رفح تتصدران المباحثات المصرية الأمريكية    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج لأداء مناسك الحج هذا العام    انفجار طائرة انتحارية في قاعدة للجيش قرب نهاريا شمالي إسرائيل    حزب رئيس وزراء المجر الحاكم يفوز في الانتخابات الأوروبية بنسبة 44%    روسيا تسيطر على قرية في شمال أوكرانيا    كولر يطمئن على أحوال الدوليين في جلسة خاصة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 12 مليون جنيه خلال 24 ساعة    الإعدام لكهربائي قتل طفلة ب "خرطوم" في الطالبية    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    مصدر مطلع: لا صحة لما تتداوله بعض المواقع الإلكترونية بشأن التعديلات الوزارية    الخضروات ترتفع ب31.9% على أساس سنوي خلال مايو الماضي.. وتتراجع ب8.7% على اساس شهري    "ربطتها في باب الحمام وهي ميتة وعملت علاقة أكثر من مرة".. اعترافات سفاح التجمع عن "أميرة"    أمريكا تقترب من التغلب على الصين كأكبر سوق تصديري لكوريا الجنوبية لأول مرة منذ 22 عاما    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يعمق عملياته العسكرية شمال مدينة رفح الفلسطينية    أمين الفتوى يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة.. فيديو    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    التعليم العالي تعلن تحديث قواعد قبول طلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة في الجامعات للعام 2024/2025    فيديو ل مدرس الجيولوجيا يثير الجدل.. والأمن يتخذ قرارا عاجلا في الواقعة    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في إمبابة    علاقات تاريخية.. تفاصيل مشاركة وزيرة الهجرة في الاحتفال بالعيد القومي لإيطاليا    زادت 100%.. طلب إحاطة بشأن زيادة مصروفات المدارس الخاصة    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    دعوة ضد التنمر، عرض مسرحية غنائية للأطفال على خشبة قصر ثقافة بورسعيد (صور)    "التلاعب والانتهاك".. رئيس مكافحة المنشطات يكشف مفاجأة بشأن إيقاف رمضان صبحي 4 سنوات    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    لمواليد «برج الجدي».. اعرف حظك هذا الأسبوع    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    الخشت: قافلة الجيزة الطبية استكمال لجهود الجامعة ومشاركتها للتحالف الوطني    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة مصرية على الثورة الجزائرية

يأتى الأول من نوفمبر من كل عام ليحمل لنا فى كل مرة إطلالة جديدة على الثورة الجزائرية، التى انطلقت فى الأول من نوفمير عام 1954.. وفى هذه المرة يحمل لنا الإطلالة ال 58 من عبقها. بالتأكيد أننا فى كل مرة نتذكر الاستعمار الفرنسى القمىء، الذى احتل شقيقتنا الجزائر سنة 1830 بتواطؤ من يهودها، واستباحة لدماء أهلها الذين رفعوا شعار المقاومة حتى سنة1874.. فبعد تلك السنة استطاعت فرنسا بالحيلة تارة، وبالتغيير الثقافى تارة أخرى، وبالاستيعاب تارة ثالثة، أن تخترق حصانة هذا الشعب الأبى حتى ثلاثينيات القرن العشرين.. فخلقت خلال تلك الفترة جيلاً يؤمن بالمقاومة السلمية فقط، وبأن الثورة المسلحة ورفع السلاح فى وجه فرنسا ما هو إلا نوع من أنواع الجنون.. فاستطاعت من خلالهم أن تكرس للأمية والتخلف والوهن.. وأن تصنع فريقًا متعاونًا يقف ضد أى رغبة تحاول إخراجها من الجزائر.. وهؤلاء الذين جعلوا المفكر الجزائرى المعروف، مالك بن نبى، يصك بسببهم مصطلحه الشهير"القابلية للاستعمار".. ذاكرًا أن الهزيمة التى تعرض لها الجزائريون وغيرهم فى شتى البلاد العربية والإسلامية المستعمرة، إنما هى هزيمة نفسية.. وأنها لا تزول إلا بتغيير النفوس، استجابة للشرط الإلهى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وإذا كانت هذه هى الاستراتيجية الفرنسية وحيلها فى تغيير هوية الجزائر، تمهيدًا لضمها وجعلها جزءًا من الأراضى الفرنسية، فإن الجزائريين ظلوا تائهين بين تيارات يسارية واشتراكية وليبرالية طيلة فترة العشرينيات من القرن العشرين.. غير أن الله قيض لشعب الجزائر الشقيق رجلاً من رجالاتها الأفذاذ، هو الشيخ عبد الحميد بن باديس.. ليلعب هو وزملاؤه فى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أهم الأدوار فى إعادة بناء الإنسان الجزائرى من جديد.. فراح يقيم المعاهد التعليمية والمدارس القرآنية والعربية التى منعتها فرنسا، وحاربتها بكل قوتها.. لينشأ جيل جديد شاء الله أن يكون هو مفجّر الثورة فى الأول نوفمبر1954.. فمن تلاميذه العقيد عميروش والعربى بن مهيدى وأحمد زبانة ومئات الشهداء من أبطالها وقادتها، وغيرهم الكثيرون من رعيل الثورة الجزائرية، الذين كتبوا المذكرات يشيدون بدور الشيخ فى هذا الإعداد.. فهذا النشء الذى رباه الشيخ، حتى وفاته سنة1940، أقروا بأن تربيتهم على يده كانت تستهدف إعدادهم للتحول من فلسفة الكفاح السلمى للثورة المسلحة، وألا يقوموا بها إلا إذا وجدوا فى أنفسهم الاستعداد الكافى للاستمرار فيها حتى طرد الفرنسيين.
وكان من الطبيعى أنه بعد سلسلة من الفشل لكل أنواع المقاومة السلمية التى أبداها الجزائريون بعد هذا التاريخ، أن نراهم وقد حزموا أمرهم على تغيير آلية الكفاح للقيام بثورة مسلحة.. وعبر لجنة الستة التى عقدت اجتماعاتها فى10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر، اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطنى الجزائرية، وأن يكون جناحها العسكرى متمثلاً فى جيش التحرير الوطنى.. وذلك لحث التيارات السياسية، وتجنيد الجماهير الجزائرية على الانضمام لركب الثورة.. واختاروا الأول من نوفمبر عام 1954 كتاريخ لانطلاق عملهم المسلح ضد جيش الاحتلال.. كون هذا التاريخ يمثل عطلة نهاية الأسبوع، وما يعقبه من انشغال الفرنسيين بأحد الأعياد المسيحية.. وهكذا انطلقت الثورة الجزائرية بمشاركة 1200 مجاهد جزائرى للقيام بحوالى ثلاثين عملية فى الليلة الأولى فقط من قيامها. وهى الثورة التى استمرت قائمة ضد قوى الاحتلال الفرنسى طيلة 7 سنوات، من سنة 1954 حتى الاستقلال سنة 1962.
ومن المؤكد أن مصر لم تكن غائبة عن هذا الحدث المهم فى تاريخ الشقيقة الجزائر.. سواء فى الترتيب والاستعداد له، أو فى ضمان استمراره لتحقيق غايته المنشودة، وهى الاستقلال.. فقدمت السلاح والتدريب لوحدات الجيش الجزائرى، فضلاً عن دورها الدبلوماسى والسياسى بتوحيد تنظيماتهم السياسية، ومناشداتها للشعب الجزائرى بالانخراط فى صفوفها طوال فترة الثورة.. بل إن بيان الثورة نفسه قد أُلقى من إذاعة صوت العرب، التى خصصت فقرة إذاعية يومية عرفت ب "كلمة الجزائر".. ولعبت الصحافة المصرية دورًا هامًا فى إبراز صورتها الحقيقية للعالم، واستضافت حكومة المنفى حتى حانت لحظة الاستقلال سنة 1962.. وهو الأمر الذى جعل الأشقاء الجزائريين يردون الجميل لها فى حرب 1973.. حينما حاربوا إلى جانب أشقائهم المصريين، ودفعوا 100 مليون دولار للاتحاد السوفييتى نقدًا، ثمنًا لصفقة سلاح لها.. وما قدمته مصر لا يعد منًا منها، ولا الحديث عنه يعد أذى للأشقاء الجزائريين، بل هو واجب فعلته مصر تحريرًا لشقيقتها من ربقة الاستعمار، وإفشالاً لأى محاولات لإقامة حلف شمال إفريقيا وحلف غرب البحر المتوسط، المعروضين على منطقة شمال إفريقيا طيلة الفترة من 1954-1958.
ولعل الحديث عن الثورة الجزائرية الآن لا يهدف للتذكرة بالتاريخ فقط، وإنما لغسل الأخطاء التاريخية التى وقعنا فيها جميعًا، مصريون وجزائريون، عبر مباراة الكرة الشهيرة بين البلدين سنة 2009، والتى أساءت لتاريخ الثورة الجزائرية وشهدائها.. فراح الجهلة من الرياضيين فى البلدين يعايرون بعضهم البعض دون فهم حقيقى لتاريخ العلاقات بينهما.. فراح بعض الرياضيين المصريين يتحدثون عن الفضل والمنة فى تقديم المساعدات وتعليم العربية بشكل فج.. فى حين راح بعضهم من الجزائريين، يتنكرون للمساعدات المصرية لثورتهم.. بل ويدعون بأن مصر سرقت الأموال التى خصصتها جامعة الدول العربية للثورة، وأرغمتها بأن تحصل ما تريد من أسلحة وبضائع من السوق المصرية، عينًا لا نقدًا.. وهو الأمر الذى جانبهم فيه الصواب.. حفظ الله الجزائر وشعبها الشقيق، ورحم شهداءها الأبرار وأسكنهم فسيح جناته، وحماها من كل سوء.
د. أحمد عبد الدايم محمد حسين- أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر- جامعة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.