لم أكن أتخيل أن زميلى فاروق جويدة، مستشار الرئيس وكاتب العمود اليومى المقروء بالأهرام، يمكن أن يطلب النص على وضع شرط جزائى ضد الأهرام الذى كان الطرف الآخر فى العقد المبرم بينهما، والذى يتقاضى بموجبه فاروق جويدة الطرف الأول مبلغ خمسين ألف جنيه شهريًا ولمدة 5 سنوات كاملة، عندما عرفت الخبر بالصدفة شعرت بالصدمة وتذكرت على الفور عقد شيكابالا لاعب نادى الزمالك الذى فرض على ناديه المنكوب أن يتكبد قيمة الشرط الجزائى فى حالة الاستغناء عنه.. الأهرام أصدر قرارًا وهو قرار سليم مائة فى المائة بالاستغناء عن 35 كاتبًا كبيرًا، لكنه لا يستطيع الاستغناء عن فاروق جويدة ليس بسبب أنه مستشار الرئيس وليس بسبب أنه لا يوجد له بديل يمكن أن يكتب عمودًا يوميًا على ذات المستوى، وإنما السبب هو شل يد الأهرام فى الاقتراب من فاروق جويدة ولو بالتخفيض فى قيمة العقد؛ لأنه يتعين على الأهرام لو ركب رأسه أن يدفع الآن للأستاذ فاروق جويدة ما قيمته 2 مليون و400 ألف جنيه قيمة الشرط الجزائى الذى وافق عليه ووقع باسم الأهرام كل من الأستاذ عبد الفتاح الجبالى رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق، والأستاذ عبد العظيم حماد رئيس تحرير الأهرام الأسبق، الذى اختار – ونعم ما اختار – فاروق جويدة كى يملأ الفراغ الهائل فى الصفحة الأخيرة، الذى سيتركه الكاتب الكبير أنيس منصور بعد وفاته.. التاريخ سيكتب أن الثلاثة الكبار فى الدار لم يضعوا الأهرام فى الاعتبار رغم الكلام الحلو اللذيذ الذى كتبه ونشره الشاعر فاروق جويدة حول علاقته المتميزة بالأهرام فى 31/10/2012م.. قال الشاعر الكبير فاروق جويدة نصًا: " عشت فى الأهرام أكثر مما عشت فى بيتى وتشهد جدرانه على سنوات العمر التى قضيتها فيه.. دخلت الأهرام كما يقول العقاد والشعيرات البيض تتخفين فى السواد، والآن لا شىء يبدو على مساحة بيضاء تكسو الوجه الشاحب والجسد المتعب.. لم تكن الأهرام مؤسسة عملت فيها سنوات عمرى ولكنها قصة حب من طرف واحد فلا شىء فى هذه الدار لم يتسلل إلى دمى".. فاروق جويدة هو صاحب الامتياز باعتباره الكاتب الوحيد الذى يكتب مقالاً فى عدد الجمعة الأسبوعى، فيما يسأل رئيس التحرير ويكتب فى نفس الوقت عامودًا يوميًا منافسًا لأستاذه وأستاذى صلاح منتصر. ربما تكون الكتابة على مدى 7 أيام مبررًا لرفع قيمة العقد.. والحقيقة أن فاروق جويدة وبسعر السوق يستحق أكثر من 50 ألف جنيه، لكن القضية الجوهرية هى الأهرام الذى بدونه لم نكن جميعًا شيئًا مذكورًا، ولا يستحق أن نضع فى يده الأغلال والقيود التى تحرمه من إنقاذ نفسه من الضياع والانهيار قبل أن يجرى التفكير فى بيعه وخصخصته. فاروق جويدة لم يراهن يومًا على السلطة، رفض أن يكون وزيرًا للثقافة والإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون.. بل وصلت به الشجاعة والصراحة إلى حد الإعلان وعلى الهواء أن الفريق شفيق ما هو إلا صديق يعتز بصداقته على المستوى الشخصى جدًا، وقال إن شفيق رجل فاضل وأنه قد ظلم خلال رئاسته للحكومة.. ورغم ذلك فإن الرئيس محمد مرسى اختاره ليكون أحد مستشاريه الذين لا غنى له عنهم، وفى النهاية فإن اعتزازى بزمالة فاروق جويدة، وهو الكاتب الوحيد فى زمن مبارك الذى هز عرش القضاة، وكشف وقائع الفساد المتفشى فى قمة السلطة، جعلنى أشعر بأننى أنتقد نفسى فى شخص فاروق جويدة، الذى يتوجب عليه الآن وفورًا أن يبادر بإلغاء الشرط الجزائى وتحقيق قيمة العقد ولو بنسبة 50%، على أن هذا التخفيض وطبق الجزاء يمكنه أن يوفر خلال عام 125 فرصة عمل جديدة للصحفيين العاطلين، ومن بينهم المؤقتين بالأهرام منذ 10 و12 سنة.. وهنا نقول للأستاذ فاروق شكرًا فهذا هو المتوقع من كل كاتب فى مقام ووزن ومكانة فاروق جويدة.