تدل آثار قدميه علي الطريق أنه اتجه وجهة معينة يميناً أو يساراً، وتدل أيضاً هل أكمل المسيرة أم تراجع أم تخبط في كل الاتجاهات حتى أصبحت آثار قدميه مطموسة المعالم يمحو بعضها بعضاً. من يوفقه الله يهديه سواء السبيل منذ البداية ويمضي بخطوات ثابتة مباشرة في اتجاه أهداف واضحة ومهما كانت إغراءات الطرق الجانبية فهو يمر عليها دون أن يندفع في أحدها ويضيع منه الطريق. مشكلة الاختيار هي من أعقد المشكلات وأكثرها التباساً أمام الإنسان، خاصة أنه لا يمكنه التأكد من صحة اختياره إلا بعد فترة ليست قصيرة، وإذا أدرك خطأه وأراد التراجع وتصحيح المسار فإنه يدفع ضريبة عالية في مقابل ذلك كما أن آثار أقدامه الأولي تظل مطبوعة غائرة لا يمكنه إنكارها أو التخلص منها. لذلك فمن المهم أن يتسلح الإنسان منذ البداية بما يساعده علي امتلاك بوصله هادية تعينه علي حسن الاختيار وتوجه مسيرته دائماً علي الطريق السليم. هذه البوصلة الهادية هي الضمير الداخلي ذلك الرقيب الحازم و" الأنا الأعلى " الذي ينبه الإنسان إلي خطأ اختياراته ويكشف الغشاوة عن عينيه ويضئ له الضوء الأحمر ليقول أحذر هناك مطب في الطريق أو لا تنخدع بالابتسامة الجذابة فهي فخ خادع أو لا تضيع وقتك في هذه الضروب الضيقة فلن تفضي بك إلي شيء. القيم العليا التي يتمسك بها المرء ويتبناها هي قوام ضميره ثم تأتي حكمة الحياة التي يكتسبها من تجاربه المختلفة لتصقل هذا القوام وتزيده تماسكاً وصلابة. هناك أيضاً صفات معينة عندما يتحلى بها الإنسان تدعم قدرته علي حسن الاختيار وتقيه شر التخبط أهمها : الثقة بالنفس إنه ذلك الشعور الأساسي بالثقة والطمأنينة تجاه النفس والآخرين والعالم كله الذي يستقيه الإنسان من بيئة الأولي ويظل يلازمه طوال حياته ثم القدرة علي المبادرة فلا يعيش حياته أسيراً لردود الفعل تجاه الأحداث بل يبادر بفعل ما يقتنع بصحته وصوابه. كذلك فإن القدرة علي التغير من الصفات الهامة التي تساعد علي استمرار الإنسان في طريقه المستقيم وأساسهاً خصوبة الخيال، فلا تقدم بغير خيال مبدع يبني تصوراً لحياة أفضل وهي الخطوة الأولي في أي مشروع للتطوير. لن ينجح الإنسان بغير التحلي بالمرونة، المرونة العقلية والنفسية وتعني التسامح وإمكانية قبول الآخر وانفتاح الذهن وهي تضاد الجمود والرتابة والتعصب الأعمى، فإذا أصاب الإنسان الإحباط فعليه أن يهرب من ذلك الإحساس المدمر، وكما يقول الفلاسفة فإن حياة الإنسان تبدأ من الشاطئ الآخر لليأس، أي أن النجاح يولد من الفشل ولكي تفلت من الإحباط حاول مرة أخري. وكما يقول الحكيم: مشيناها خطي كتبت علينا ومن كتبت عليه خطي مشاها تلك الخطي هي تاريخ الإنسان ومحصلة حياته ، تظل دائماً شاهداً لا يكذب ولا يتجمل، فإذا أردت معرفة حقيقة أي إنسان وتعرف الدروب التي سار فيها والغاية التي يبغيها فتتبع آثار قدميه.