هناك تربص لايمكن إغفاله أو تجاهله من جانب الحزب الوطني الحاكم بعملية الإصلاح السياسي في مصر ، فحتى اليوم لا توجد قوائم صحيحة بأسماء الناخبين الذي يحق لهم التصويت في انتخابات مجلس الشعب القادمة والتي ستبدأ اجراءاتها الشهر القادم ، فبدء فتح موعد الترشيح سيكون 12 أكتوبر ويستمر المرشحون في تقديم أوراقهم والطعون لمدة أسبوع ، وسوف تعلن أسماء المرشحين النهائية في حدود يوم 19 أو 20 أكتوبر القادم ، وذلك في عز أيام شهر رمضان المبارك حيث يكون اهتمام الناس في هذا الشهر الكريم بالعبادات والصيام والقيام ، كما أن فترة الدعاية الانتخابية ستكون عشرة أيام وخلال شهر رمضان أيضاً ، ثم يأتي العيد بعد ذلك حيث يسافر أغلب الناس ، وعموماً فهذه الفترة حرجة جداً ولا أظن أنها مناسبة أبداً لإجراء عملية الانتخابات البرلمانية ومايتصل بها ، كما أن نسبة التصويت علي الأقل في المرحلة الأولي من ا لانتخابات ستكون ضعيفة جدا ، ويخشي مراقبون أن يكون ذلك مقصوداً من جانب الحزب الوطني حتي ينفسح له الطريق لتزوير إرادة الناخبين . فلماذا لا تؤجل الانتخابات كلها إلي مابعد العيد ويمكن تمديد فترة الدعاية الانتخابية لأن عشرة أيام يتيمة لا تكفي بالمرة للدعاية الانتخابية ، ولست أعرف أنا شخصيا هل ستكون هناك لجنة عليا للانتخابات البرلمانية هي التي تكون مسئولة عن تنقية الجداول ومطابقتها للواقع أم أن مصير الجداول الانتخابية سيبقي في يد وزارة الداخلية ، فلربما وهذا مؤكد – أن الحزب الوطني لا يريد أن تكون هناك لجنة تتابع الانتخابات البرلمانية كما حدث في الانتخابات الرئاسية حتى تنطلق يد الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية في تزوير ماتريد . الانتخابات البرلمانية القادمة في تقديري هي أهم انتخابات تخوضها مصر ، ولا شك أن الحزب الوطني مرعوب من نتائجها خاصة وأن القوي السياسية وكثير من التيارات الإصلاحية سوف تخوض هذه الانتخابات ، ويبدو أن صوت القوي التقليدية والمحافظة العتيقة في الحزب الوطني سيكون هو الأعلي في تقرير خطط الحزب لهذه الانتخابات ، خاصة وأن مسألة المحليات والمحافظات والأقاليم وتربيطاتها وإدارتها أظن أنها بعيدة عن أيدي لجنة السياسات ومن يسمون أنفسهم التيار الإصلاحي داخل الحزب الوطني . وأشعر أن هناك حالة ترقب وسكون تشي أن هناك أمر يدبر من جانب الحزب الوطني ، كما أن القوي الاجتماعية والسياسية هي الأخري لم تعلن شيئاً مما ستفعله ، لم نسمع تواصلاً بين قوي المعارضة لإعلان أن الانتخابات البرلمانية القادمة سيتم خوضها يخطة واحدة واضحة من جانب المعارضة في مواجهة الحزب الوطني الذي أثبت أنه ليس له عزيز ، وما أمر الدكتور نعمان جمعة عنكم ببعيد . أظن أن عملية إصلاح سياسي مأمونة يمكن أن تتم في مصر عن طريق حصول المعارضة علي ثلث أعضاء مجلس الشعب ، بحيث يمكن لهذا الثلث أن يقف حائلاً قوياً أمام مغامرات الحزب الوطني ، كما أن عمليات الإصلاح الدستوري تحتاجها مصر بكل قوة ، ونحن نحتاج دستور جديد تماماً يحرر البلاد والعباد من هيمنة حزب الأغلبية علي الإدارة وعلي الدولة ومواردها ، ولن تستطيع المعارضة أن تناضل فقط عبر المظاهرات والسلام ولكن لابد من إضافة أداة النضال الدستوري داخل البرلمان من خلال الإصرار علي الحصول علي مقاعد حقيقية وليس كما هو الأمر في البرلمان الحالي . فصل الدولة عن التغلغل في كل مظاهر الحياة المصرية من آثار الحكم الشمولي وهيمنة الحزب الواحد في الفترة الناصرية لا بد من التخلص منه ، هذا لن يتم إلا بنضال برلماني عبر الحصول علي عدد لا يقل عن ثلث مقاعد البرلمان في الانتخابات البرلمانية القادمة . نريد تحرير المجتمع من هيمنة الدولة ونريد فصلاً كاملاً بين حزب الأغلبية وبين الدولة ، ولذا ليس معقولاً أن يبقي رئيس الدولة رئيساً لحزب الأغلبية ، المفروض بعد حصوله علي ثقة الناخبين به بعد انتخابات نزيهة يحوز فيها ثقة أكثر من نصف عدد المقيدين في الجداول الانتخابية يعلن استقالته من رئاسة حزبه ليكون رئيساً للجميع ، وحتى لا تستغل سلطته الحزب الذي ينتمي إليه ومن المفروض أنه يعمل لمصلحته . نريد تحرير النقابات من هيمنة الدولة عليها بتحطيم القانون الحالي للنقابات لتكون قوة حقيقية وفاعلة ، وفي انتخابات نقابة الصحفيين حسناً مافعلته الدولة في عدم دعمها لمرشح ولكن النفوذ الهائل لبعض المرشحين الذي جعلهم يحصلون في أربع وعشرين ساعة علي موافقات من وزراء في الدولة يضع علامة استفهام كبير علي القواعد المؤسسية التي تتم بها إدارة الدولة المصرية ، كما أن حجم الفساد المرعب في المؤسسات الصحفية والذي كان يعلم به الرئيس مبارك وتغاضي عنه وباركه بالسكوت عنه حتي اليوم يضعنا أمام ضرورة إعادة القواعد المؤسسية للدولة المصريه ، هذا لن يتم إلا عبر برلمان قوي ولذا المعركة القادمة هي معركة حياة أو موت بالنسبة لمستقبلنا جميعاً .