بأجواء حماسية وإبداعية.. جامعة بنها تبدأ العام الدراسي الجديد (فيديو وصور)    طب القاهرة 100%.. نتيجة تنسيق الشهادة العربية البحرين علمي 2025    اليوم الأول للعام الدراسي بسوهاج.. نشاط وبهجة في المعاهد الأزهرية (فيديو وصور)    سؤال برلماني لمواجهة التلوث الصناعي وحماية صحة المواطنين    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ارتفاع الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    هجوم إلكتروني على مطارات أوروبية يصيب مطار العاصمة الألمانية    ترامب: الجيش الأمريكي نفذ ثالث ضربة قاتلة ضد سفينة تهرب المخدرات    إسرائيل تعرب عن قلقها إزاء "انتهاك" روسيا المجال الجوي لإستونيا    دفعة قوية للزمالك قبل مباراة الجونة    صلاح أساسياً .. تشكيل ليفربول المتوقع ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي    لمدة ساعتين.. أول تعليق من سيد عبد الحفيظ بعد اجتماعه مع الخطيب    ضبط قضايا اتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه في 24 ساعة    أمام الناس.. ضبط بائع متجول تعدى على زوجته بالإسكندرية    حالة الطقس.. الأرصاد تحذر: أمطار ورطوبة مرتفعة ورياح قوية    ياسمين عبدالعزيز تتصدر التريند لهذا السبب    مي كمال بعد انفصالها عن أحمد مكي: "عمري ما هسامح اللي كان سبب في خسارتنا لبعض"    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    "الصحة" تطلق خطة التأمين الطبي تزامنًا مع بداية العام الدراسي الجديد    رفع عينات مياه الشرب من المدارس بسوهاج للتأكد من مطابقتها للمواصفات    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين وتصفه ب "الخطوة الشجاعة"    هجوم إلكتروني يتسبب في تأخيرات بمطارات أوروبية كبرى بينها هيثرو وبرلين وبروكسل    قرار عاجل من محكمة المعارضات بحق المتهمين بسرقة الإسوارة الملكية    ضمن "سائق واعٍ.. لطريق آمن" النقل تعلن انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج تأهيل سائقي الحافلات والنقل الثقيل    رئيس الوزراء يفتتح مشروعات صناعية وتنموية جديدة بالقنطرة غرب ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    مهرجان الغردقة لسينما الشباب ينظم يوما للسينما الروسية    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    سؤال برلماني عن استعداد الحكومة لاستقبال الضيوف في افتتاح المتحف المصري الكبير    سويم: آلية ديناميكيّة وتدريبيّة فعالة تهدف إلى توسيع نشاط الشركة القابضين    محمد صلاح يقود تشكيل ليفربول المتوقع أمام إيفرتون في البريميرليج    أطعمة ترفع المناعة عند الأطفال وتقلل غيابهم عن المدرسة    العالم يترقب ظاهرة فلكية نادرة غدًا: السماء هتظلم 4 ساعات    البرازيل تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    وزير الرياضة يهنئ هانيا الحمامي ومصطفى عسل على التتويج ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    جرس الحصة ضرب.. انتظام الطلاب في فصولهم بأول أيام العام الدراسي    ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية في المنيا لعام 2025 (تعرف علي الأسعار)    جمال عبد الحميد: الزمالك يتصدر الدوري رغم الأزمات.. ولاعبوه «جعانين كورة»    بلال: شريف بعيد عن مستواه.. ولمصلحة من يجلس جراديشار بديلًا؟    الداخلية تبدأ تطبيق خطة تأمين سير العملية التعليمية مع انطلاق العام الدراسي    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    مصرع سوداني سقط من الطابق التاسع بالعمرانية    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    كارول سماحة تتصدر الترند وتكشف أسرار أيامها الصعبة بعد رحيل زوجها وليد مصطفى    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    «أقوى من كورونا».. استشاري مناعة يوجه تحذيرا عاجلا للمواطنين مع بداية العام الدراسي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في أولى مراحل عصر الفوضى والاضطراب .. دلال البزري
نشر في المصريون يوم 25 - 09 - 2005


تغيرَ المشهد السياسي المصري. الانتخابات الرئاسية فيه كانت فصلاً مهماً من فصوله. قبلها التظاهرات والفعاليات والصحافة المستقلة «المنطلقة». وبينهما سجال (خفتَ أخيراً) عن تغيرات بفضل «الخارج» أو «الداخل». تغير المشهد المصري، ولم يعُد البطل فيه واحداً، يحوم حوله حمَلة المباخر. صار هناك ابطال عدة. وكل منهم محمول على «دور». لكن المشكلة أن هذه الأدوار غامضة، لا تدرك شيئاً من أفقها أو «أجندتها»... وجمهور المشهد يحدس ان المعنى خلف الكواليس، وعُرضة لإشاعات وأقاويل... فالأرجح أن الفوضى من معالم هذه المرحلة الجديدة من تاريخ مصر. هذه الفوضى تلقتها بمئة إشارة وإشارة، في اليوميات كما في السياسيات. والفوضى ابنة الاضطراب، أي أنها ابنة هذه الحقبة من العصر الجديد - القديم. مثل واحد عن هذه الفوضى، كما تبلورت بعيد الانتخابات الرئاسية. شرعية ثورة تموز (يوليو) والضباط الأحرار انتهت، ولم تنته. الشعوبية والانتي - اميركية ومقاعد العمال والفلاحين في البرلمان... تتعايش مع البزنس ومع أمْركة طرق المخاطبة وكادرات الصور والرموز. الأحزاب الناصرية المناهضة للنظام تستمد هي أيضاً شرعيتها من ثورة يوليو. منها حزبان: الأول في طريقه الى الشرعية الحزبية بعد انتظار (حامدين صباحي وحزب «الكرامة») والثاني من ضمن المعارضة «الشرعية» للنظام، وقد قاطع الانتخابات. شرعية الليبرالية انتهت أيضاً ولم تنته. «الوفد» حزبها التاريخي، حزب ثورة 1919 الوطنية المحفوظة نقية في ذهن المصريين... ترشح رئيسه نعمان جمعة للرئاسة في الانتخابات الأخيرة ضد الحزب الحاكم الخارج عن شرعية الثورة الاشتراكية والداخل، مرتبكاً، الى شرعية نيوليبرالية. و»الوفد» دخل كذلك في تنافس طاحن مع حزب «ليبرالي» آخر، زعيمه كان انشق عنه (حزب «الغد» بقيادة ايمن نور). رئيس حزب «الوفد» لم يخسر امام الرئيس مبارك، فهو لم يترشح لهذا الغرض، بل أمام أيمن نور، شقيقه الايديولوجي، حصل على 200 ألف صوت مقابل ما يزيد على النصف مليون لأيمن نور... أما الليبراليون والليبراليون «الجدد» فموزّعون بين الحزبين الآنفين، وعلى بقية الاحزاب والمؤسسات، وهم متناثرون بين الموالاة والمعارضة... الاخوان المسلمون ايضاً انتهت شرعيتهم ولم تنتهِ. لم يكن الاخوان ناصحين، أو ربما وقعوا ضحية خديعة من خدع التاريخ. اعتقدوا بأنه في لحظة ما من هذا التاريخ سيمكنهم شهر سلاح هيكلهم التنظيمي المحكم الدقة والانضباط، والذي امضوا اجيالا يبنونه ب «حرية» خارج رقابة الدولة وبطْشها. وإذا بهذا الهيكل الثقيل يتحول الى عبء مادي ومعنوي. فيعجز بعد انتكاسة سريعة عن لمْلمة نفسه بوجه سلطة يعاديها ويلعب معها أخبث الالعاب. الانتخابات اجهضت حلمه. لكن المكْلمة الاسلامية، والاحتياط لمفرداتها وطقوسها ورموزها... ما زالت هي هي: النظام غائص فيها، ومعه المؤسسة الدينية الرسمية (الاسلامية والمسيحية) الداعمة له والمدعومة منه. وكذلك أحزاب اخرى غير اسلامية، فضلاً عن ابو العلا ماضي، المنشق عن «الاخوان» والذي حصل على رخصة لحزبه الاسلامي «الوسطي» والمعتدل. الانتخابات الرئاسية فتحت لهذه الفوضى امكانية ان تسمّى وتوصف. اخرجت المسكوت عنه واطلقت العنان لديناميكيات جديدة. بالانتخابات, حلّت حقبة حبلى بالفرز والتلوّن. هي الآن حقبة اضطراب، مثلها مثل تلك التي تشهدها اخواتها العربيات. وفوضى الشرعيات مثلٌ واحد. فالأمر الواقع الحيّ فوضى ايضاً. لذلك فإن السؤال الرائج من قبيل «تغيير حقاً، أم عودة الى الوراء؟» يحتاج الى توقف. فالفوضى نفسها تنفي الجمود. بل مجرد العودة الى الوراء تنطوي على محاولات ومقاومات، كفيلة وحدها بتحريك الاشياء والكلمات. اما السؤال الآخر «تغيير حقيقي» أو «تغيير كاذب»، فهو بدوره ناشئ عن انقسام حاد بين ضفتي التفكير السياسي السائد الآن. ضفة الألترا معارضين، اصحاب خطاب من نوع «دعوة ديموقراطية في خدمة الامبريالية»، الذين لا يرون في الانتخابات سوى تمثيلية رديئة (مع انها كانت مسلية) ثم ضفة الألترا موالين، الذين يتحدثون عن «حتمية التطور الديموقراطي» أو «أزهى عصور الديموقراطية». والشعار الأخير، بالمناسبة، كان رائجاً ايضاً قبل الانتخابات، واثناء المبايعات الرئاسية المتتالية... والحال ان التغيير حاصل، وارتدادات ما بعد الانتخابات، وكلها جديدة،تشير اليك بما صار ممكناً وصفه. لكنه يحتاج الى من يصغي اليه، الى من لا يؤمن بطيبة التاريخ، الى من يتمرن على وتائره المتفاوتة. وهذه مهمة منوطة بأصحاب الادوار الجديدة، أو الصاعدة او الخلافية او المثيرة للجدل او حتى المتأمّلة... فهؤلاء دشنوا ادوارهم على تغيرات المرحلة، ويحتاجون الآن الى مدد من المعاني, تفْعم هذه الادوار. عادة الركود من أسوأ نصائحهم. الاعتياد على الركود، على لغة الركود،جسد الركود... يضعف يقظتهم لما يدور ويتحرك حولهم. ان تكون في قلب معْمعة التغيير، ان يصيبكَ التغيير شخصياً... التغيير الفوضوي وليس البسيط، السلس على الفهم... وان تبقى في الوقت عينه ملتزماً بترداد ان «شيئاً لم يتغير في هذه البلاد» إنما هذه من العادات الذهنية السيئة المترسّبة من عهود الركود المديدة. كثيرون من أصحاب الأدوار الجديدة يزاوجون بين إرث الركود وإرث النرجسية، وكلاهما ثقيل. فيتصرفون مع هذا التغيير وكأنه لا يعني سوى الكلمة المعهودة السرية:» الحل هو انا». أو بمعنى مباشر، انه لا يعني سوى ترؤسهم او تزعمهم او تصدرهم للقول او للشاشة. هؤلاء كُثر: سنوات الركود عزّزت أوهامهم الشخصية وسمحت لهم الشاشة الصغيرة، الفطرية بتكاثرها، باشفاء غليلهم ورؤية صورتهم في المشهد تزاحم صورة البطل المطلق. والبعض من هؤلاء حدد (سلفاً؟) دروه في المشهد، عن طريق نفي مطلق للتغيير. فما لم تكن هناك انتفاضة جماهيرية منظمة،يقودها حزب اكثر جماهيرية وقائد صنْديد، وكوادر من الطاهرين... نحو السعادة أو العدالة المطلقة، تقضي على الاخضر واليابس، وتعود فتبني من جديد... ما لم يتوفر في التاريخ «لحظة» تجتمع فيها كل هذه «الشروط»، فسنبقى «كما كنا...». وكأن الإمعان في نفي التغيير لا يعني تغييرا بحد ذاته: تغييرا في الدور، او تعديلا في حجمه... ثمة إرث مباشر يتقاسمه معظم التواقون الى التغيير والمهمومين بعراقيله، وقوامه التغيير هو حتماً نحو الافضل. وان لم يكن «افضل» فهذا ليس تغييراً، بل عودة الى ماض مرذول، إرث من أجداد الايديولوجية الحداثية. التغيير الذي تدشن الانتخابات الرئاسية أول فصوله قد لا يأتي بالاصلاح المنشود، ولا بالرخاء الاقتصادي الموعود جداً في برنامج الفائز بالرئاسة. لكن المشهد الذي أتى بموازاة هذه الانتخابات وبعيدها لا يختلف عن السابق بتعدد الادوار والابطال فحسب، بل ايضا بتعقّد معطياته، باهتزاز شرعياته وانطلاقة فوضاه. مصر في دائرة الاضطراب. وحظها الجغرافي والتاريخي أعفاها حتى الآن من اضطراب تُراق فيه الدماء. فلا هي تحت ضغط دولي كاسح، ولا بين تكويناتها العضوية فصائل مسلحة، ولا أرضها محتلة مباشرة... نظام كانت له منهجية خاصة بالمناورة والقمع والاحتواء. وهو الآن بصدد إرساء منهجية خاصة بمقاومة التغيير ومجاراته في آن. والرهان الآن ان تتغير مصر نحو الاكثر تعقيداً، وبأقل الآلام الممكنة. فهل تنجو؟ وتتفوق على اشقائها وتعود رائدة؟ ------ صحيفة الحياة اللندنية في 25 -9 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.