الرئيس مبارك تحدث عن كل شئ ، عن 5 مليون فرصة عمل جديدة ، و 800000 وحدة سكنية ، و أرقام ضخمة لا أتذكرها و لم أهتم بها ليقيني بعدم جديتها ، و صعوبة الوفاء بها من قبل رئيس أشرف على الثمانين من عمره ، فضلا عن حسبة بسيطة بقليل من تأملها لا تحملنا أبدا على التفاؤل : إذ كيف يصلح الرئيس في ست سنوات إذا افترضنا اكتمالها ما أفسده نظامه على مدى ربع قرن ؟! الرئيس وعد ب"المستحيل" و لا أدري كيف لم يشفق عليه معانوه و جميعهم من مدرسة "لجنة السياسات" سليلة عالم المال و الأعمال والعولمة و الأمركة و النيولوك و التي تضرب بأصولها و جذورها في بلاد الخواجات .. كيف لم يشفقون عليه و ينصحونه بأن هذه الأرقام "واسعة حبتين" و ستضع مصداقيته أمام منعطف خطر ؟!. الرئيس وعد بالمستحيل و الصعب .. وعد بأرقام كثيرة ، أسقط منها الرقم الأهم و الأسهل بالنسبة إليه ، و هو 25 ألف معتقل سياسي في سجونه ، بعضهم تجاوز 15 عاما بلا محاكمة ، فقط لأن مزاج الباشا .. أي باشا .. لا تفرق سواء بالداخلية أو في الرئاسة .. "عايز كده..!" لا تحدثني عن "إنجازات" ! .. أي إنجازات ؟! و النظام لا يقيم وزنا لآلام و مآسي و كوارث عشرات الالاف من الأسر المصرية ؟! لا تحدثني عن فرص عمل و مساكن مثل "العصافير في الهوى" .. فيما لا تقدمه لنا يد النظام ، في الواقع و في الحقيقة إلا الذل و الهوان و السجون و المعتقلات . السكوت على تجاهل النظام لقضية المعتقلين السياسيين جريمة و خيانة للمروءة و لآدمية الإنسان .. و تستر يجعل المتستر الساكت شريكا بالتضامن في هذا الخزي و العار الذي ستدفع مصر كلها ثمنه آجلا أم عاجلا . لا أدري بأي وجه تقابل رموز النظام أسر ضحاياها ، و هم يرونها تطل على شاشات التليفزيون تتحدث عن "إنجازات" و "أزهى عصور الديمقراطية" .. مثل من قتل القتيل ليلا و مشى في جنازته نهارا !! لم يكلف النظام الذي يعض على السلطة بنواجذه خاطره و يرسل من يطيب خواطر زوجات و أمهات و أطفال ضحاياه داخل سجونه و معتقلاته ، و لو من باب المجاملة .. و هن يفترشن الأرض منذ أكثر من شهر ، في نقابتي المحامين و المهندسين .. لا أدري كيف تفتح شهية الرئيس مبارك لمداعبة حفيده ، فيما لا يفكر في عشرات الالاف من أطفال الرعية ، و هم يكابدون عذابات الحرمان من عطف الأباء الذين غيبتهم شرطة الرئيس خلف السجون و نساهم الجميع بما فيهم الرئيس نفسه . لاأدري كيف ينام الرئيس مبارك قرير العين مرتاح الضمير ، و قد ترك خلفه الالاف من خيرة شباب مصر ، في سجونه و معتقلاته يعاملون كالبهائم ، و تحولوا مع الوقت إلى مجرد أرقام و كائنات لا قيمة لها و لا زون عند جنرالاته القاسية قلوبهم . الرئيس مبارك سيلقي اليوم اليمين الدستورية ، و أتوقع أنه سيتحدث عن كل شئ إلا عن ملف المعتقلين .. و سيتحدث بعدها في الحزب الوطني عن أجندته السياسية في الفترة المقبلة ، و أتوقع أن يتجاهل كعادته هذا الملف أيضا ، ليسد كل الأبواب الممكنه في وجه أهاليهم ، لحل هذه الأزمة بقرار مصري خالص ، و ليعطي "شرعية" لأي تحرك يطلب تدخل المؤسسات الدولية للضغط على النظام ، الذي يتلذذ بإذلال أهله و لا يحترم إلا من كان "خواجة" تربطه علاقة حب و قرب و نسب بالبيت الأبيض [email protected]