ليس على طريقة "جحا وحماره" اخترت عنوان المقال، فجحا أينما يوجه حماره يأت بخير، أما أبو حمالات فأينما توجهه هو ومن معه لا يأتي بخير أبدًا. وعلى طريقة الخليع المخلوع: "لم أكن أنتوي" الكتابة يومًا عن هذا الصحفي البغيض، مظهرًا ومنطقًا، ولكن على رأي المثل: "كل ما أقول يا رب توبة، يقول الشيطان بس النوبة"، وشيطان الصحافة ما يترك غزوة ولا صندوقًا ولا برنامجًا إلا ويسدد سهامه المنكسرة نحو مصر وأهلها الطيبين. يسميه الناس الصحفي "أبو حمالات"، وهو عندي "أبو خَطّين"، ليس على التشبيه بالحمار المخطّط، فالأخير –أعزَّكم الله- على خلقته وفطرته، أما الصحفي فانتكس، ولم تعجبه جِبِلَّته وطبيعته، واتبع هواه وقول الشاعر: إن التشبه بالحمير فلاح! مع الاعتذار للشاعر وشعره، والحمار وفطرته. وأما أبو حمالات وحماقته التي أعيت من يداويها! فله قصة أرويها. تختلط الأفكار التي تغلي منها دماغه، فيزيغ قلْبُه، وتدور عينه، ويكفيك الشرّ يبدأ في الحَكَّة، وتأتيه الفكرة بعد السكرة. وفي الاستوديو وقبيل البث المباشر: يتحدث أبو حمالات مع ضيف البرنامج صديقه الرسّام المتواضع عن موضوع الحلقة. الرسّام: بداية: أحب أسجل إعجابي بالقميص الأسود ذي الخطين الأبيضين، بس والله أنا خائف عليك من الخطّين، لو مشيت في الشارع الناس تركبك، خاصة بعد أزمة السولار والبنزين الأخيرة، وبصراحة أنت بدين وسمين، وتتحمل، أيّ ركوبة والسلام. أبو حمالات- بامتعاض-: دمك خفيف يا صديقي الظريف! الرسّام- بثقة مكذوبة-: أنت تعرف أني رسام نظيف وشريف! أبو حمالات-بلؤم وخبث نفس-: صحيح، أنا عارف أنك مِثْلِي. الرسّام– يرتجف فرقاً على الكرسي-:لا لا لا، أعوذ بالله، ليس لي في اللي بالي بالك. أبو حمالات: شكلك فهمت بالغلط، أنا أقصد أنك مثلي، أي تربية وصنيعة أحمد نظيف وصفوت الشريف، ولهذا اخترتك ضيفًا. الرسّام– يتمتم بكلمات مبهمات، ويعود إلى هدوئه-: طيب، إياك تقول إن موضوع البرنامج: رسم كاريكاتيرعلى "إسرائيل"! يقاطعه أبو حمالات: أستغفر الله، بل موضوع الحلقة الاستهزاء والسخرية من صاحبنا الذي لم يذكر إسرائيل على لسانه قط منذ توليه الرئاسة، فما رأيك أن نعمل حفلة "حمرا" على صاحبنا مرسي، ونجعل الرسم على القفا، وأنت تعرف كمْ أحنُّ إلى صفع القفا من أسيادنا في أمن الدولة السابق، وبصراحة أنا معجب بدور محمودعبد العزيز في فيلم "سوق المتعة" يَحنُّ إلى السجن وعذاباته بعد خروجه منه. يتمايل صديقه الرسّام-وهو يهرش قفاه- ويقول: ومن سمعك، وأنا أيضًا فيّ نفس الحنين والاشتياق، الله يرحم أيام زمان، كل ضربة قفا أحلى من التي قبلها، لكن ما رأيك في رسم شيء غير القفا، لأنك بصراحة أعرض قفا في البلد؟! ولا تغضب مني، فأنا حريص على قفاك من السخرية. أبو حمالات -يهرش قفاه أيضًا-: أنا قلت: القفا يعني القفا، والإعلام سداح مداح، شيء من الرسم أو الشخبطة منك يا مبدع، يتبعه قليل من السخرية والغمز واللمز، ثم نختم بكثير من الضحك؛ وكلُّه بأجره، وعلى رأي المثل السائر بعد الثورة: الغاية تبرر الرذيلة. الرسّام: والله فكرة، بس أنا خائف، لا يغرك "مرسي ستان"، أي نعم هو حليم وصبور، لكن لَمَّا يغضب، يكفيك شره، لسعته والقبر؛ وعيب مرسي الكبير أن كله عنده بالقانون، وفي عكاشة عبرة لمن اعتبر، وعلى رأي المثل العامي: "كل شارب له مقص"، وأنا بصراحة خائف يقصنا بالقانون، كما أنك هنا في القاهرة، والناس لا ترحم، وليس العاهرة والناس! أبو حمالات: لا يهمك، الشِّلَّة في حقوق الإنسان والإبداع وجوقة الإعلام والفن مستعدون للمناصرة، ومعنا أيضًا رموز المعارضة الثورية الكرتونية، وأنت رسّام كاركاتير وعارف كيف يرسمون على الناس! الرسّام: طيب لي سؤال: ما موضوع دودة شهوة الشهرة، التي وصفك بها صاحبك الإعلامي والروائي الشهير في مقاله؟! أبو حمالات: لا تذكّرني، دودة شهوة الشهرة مرض ينتابني، بين الفينة والفينة؟ هل تعرف معنى الفينة؟ الرسّام -في حيرة-: الفينة: الأولى أم الثانية؟ أبو حمالات – يقول في نفسه-: رسام كاريكاتير مبتدئ وغبي، حاجة تقرف! ويعود أبو حمالات لشرح دودة شهوة الشهرة: وهذه الدودة إذا أصابت المرء تصيبه في قفاه أو أدنى قليلاً أو كثيرًا، وهي مرض كالجرب، إذا حككت موضعًا ازدادت شهوة الحكّ، وهكذا إلى يَدْمَى صاحبُها. وفجأة تجتاج الاستوديو ومن فيه نوبةٌ من الهرش الجماعي؛ أبو حمالات يُعْدِي صاحبه الرسّام، ويبدأ كل واحد في دعك قفاه وهرشه، شيء من التسخين، لزوم الحفلة؛ ولكن لسوء الحالة تنتهي الحفلة دون البثّ. ويصيح المخرِج: أبو حمالات... حمرا. [email protected]