حذر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند من أن استمرار الرئيس السورى بشار الأسد في الحكم يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية ، مؤكدا أن بلاده لم ولن تقدم مساعدات عسكرية أو أسلحة للمعارضة السورية . ودعا أولاند في حوار مع قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية وقناة "تى فى 5" مساء اليوم الخميس - المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها والاستعداد لمرحلة ما بعد الأسد ، مشيرا إلى أن بلاده لعبت دورا مهما في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في الأردن. وأضاف الرئيس الفرنسي أن بلاده تسعى جاهدة لإقناع روسيا والصين بضرورة استصدار قرار أممي يندد بالنظام السوري والجرائم الإنسانية التي يرتكبها يوميا ، موضحا " لقد تحدثت كثيرا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقلت له نحن أيضا لا نريد أن تتحول سوريا إلى ملجأ للارهابيين أو تدخل في حرب أهلية، لذلك على بلادكم أن تغير موقفها من النظام السوري". وشدد أولاند على ضرورة بذل كافة الجهود لكي لا تنتقل الأزمة السورية إلى جيرانها في لبنان والأردن وخاصة تركيا التي تقوم بكل ما بوسعها من أجل تجنب الحرب مع دمشق. وبشأن الدور الذي تلعبه دولة قطر في سوريا ، أكد أولاند أنه تحدث طويلا مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وحذره من مصير المساعدات المالية التي تقدمها دولته . وقال الرئيس الفرنسي - عشية الزيارة التي سيقوم بها إلى السنغال ، ثم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لحضور أعمال القمة الفرانكفونية - إنه سيتوجه إلى أفريقيا "لكي يطمئن شعوب هذه القارة النشيطة ولرد الجميل لكل ما قدمته هذه الشعوب من تضحيات، منها الحفاظ على اللغة الفرنسية التي ينطق بها ملايين من البشر " . وأضاف أولاند أن زيارته إلى جمهورية كونغو الديمقراطية تدخل في إطار تحسين العلاقات مع هذا "البلد الكبير" الذي يعاني من "مشاكل حدودية" ، مشيرا أنه سيتحدث بكل صراحة مع الرئيس جوزيف كابيلا حول وضع حقوق الإنسان والديمقراطية في بلاده وضرورة احترامهما. وأوضح الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أنه سيلتقي أيضا خلال زيارته إلى الكونغو الديمقراطية بالمعارض البارز إتيان تشيكيدي وبعدد من أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ، مضيفا أن مهمته "ليست التدخل في الشؤون السياسية لهذا البلد أو المساس بسيادته، بل خلق الظروف الملائمة لدعم المسار الديمقراطي به ". وبالنسبة للخطاب الذي سيلقيه في العاصمة السنغالية داكار ، أكد الرئيس الفرنسي أن الهدف "من هذه الخطوة ليس محو خطاب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي جرح الأفارقة، بل لتدوين صفحة جديدة في التاريخ مع القارة الأفريقية والاعتراف بمعاناة شعوبها خلال فترة الاستعمار الفرنسي". وقال الرئيس الفرنسي إن أفريقيا هي قارة المستقبل والشباب ، وفرنسا تريد أن تقف إلى جانب هذه القوى الحية وإلى جانب هذه القارة التي تعرف نموا اقتصاديا كبيرا في حين تراجعت اقتصاديات الدول الأوروبية ، معربا عن رغبته فى التحدث مع الشباب (الأفريقى) وبناء علاقة صداقة وثيقة معهم. وأضاف أولاند أن "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تريد فرنسا ترويجها في أفريقيا وفي العالم لن تكون على حساب حقوق الإنسان والديمقراطية ، مؤكدا على أن الشركات الفرنسية التي تستثمر في أفريقيا يجب أن تكون شفافة في حساباتها وأن لا تتورط في قضايا فساد كما أن عليها أن تستثمر جزءا من أرباحها المالية في الدول التي تعمل بها. وتابع " في كل مرة استقبل فيها زعيما أفريقيا أو أزور بلدا أفريقيا ما، أثير دائما ملف حقوق الإنسان والديمقراطية وأدافع عن سياسة تحترم حقوق الإنسان ". وبخصوص الوضع فى مالى ، أكد الرئيس الفرنسي أن بلاده تعمل جاهدة من أجل استصدار قرار أممي يسمح بتشكيل قوة عسكرية مكونة من الاتحاد الأفريقي ومن دول مجموعة غرب أفريقيا "إيكواس " كخطوة أولى ثم قرار أممي آخر من أجل السماح لهذه القوة العسكرية بالتدخل فعليا في شمال مالي من أجل دحر (تنظيم) القاعدة والإرهابيين واستعادة وحدة أراضي مالي. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إن بلاده لن تساهم بأي شكل من الأشكال في القتال في مالي ولن توفر الغطاء الجوي مثلما كان الحال خلال الثورة الليبية "بل ستقدم الدعم اللوجستي والتقني إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية للجنود الأفارقة إذا طلبت مالي والدول المشاركة في العملية العسكرية ذلك". وبالنسبة لدور الجزائر التي تناضل لحل هذه المشكلة عبر الحوار والطرق الدبلوماسية ، أكد الرئيس الفرنسي أنه سيحاول أن يقنع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بضرورة مكافحة الإرهاب عسكريا ، مضيفا أنه لا يعتزم إعطاء أي درس للجزائر لأنها تعرف أكثر من أي جهة أخرى معنى العنف والإرهاب وعانت منهما لسنوات. وبخصوص خلايا الإرهاب التي فككتها الشرطة الفرنسية مؤخرا والعواقب التي يمكن أن تنتج في حال هاجمت قوات أفريقية الإسلاميين في شمال مالي ، أكد الرئيس الفرنسي أن القضاء على تنظيم القاعدة في منطقة الساحل وعلى جماعة أنصار الدين وكل الإرهابيين هو الذي سيضمن سلامة فرنسا والفرنسيين ، محذرا من أنه " طالما لم يتم القضاء على هذه الجماعات، سيبقى الخطر على فرنسا وأوروبا قائما ". وقال أولاند إنه ينبغي أن نقطع الطريق أمام الإرهابيين وأن ندرك أيضا أن هناك مخاطر من الإرهاب الداخلي ، موضحا أن مهمتي هي حماية الفرنسيين وفرنسا مهما كان الثمن ،مشددا على أن بلاده تعمل بكل ما تملك من قوة دبلوماسية من أجل تحرير الرهائن الفرنسيين بمنطقة الساحل الافريقى "في أسرع وقت ممكن". وفيما يخص المساعدات المالية التي تعتزم قطر تقديمها لشبان فرنسيين من أصول عربية (50 مليون يورو) والذين يقطنون الضواحى الفرنسية ، أكد الرئيس الفرنسي أنه اقترح أن تشارك فرنسا في هذا المشروع وذلك من خلال تقديم مبلغ مماثل ، مضيفا أن القرارات ستأخذ بشكل ثنائي "وهو ما نقوم به في إطار برنامج اقتصادي ثنائي آخر يجمع الصين وفرنسا ".