وكم في مصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء ونحن هنا لا نعلق علي أحكام القضاء, لكننا نحاول قراءة المشهد, ففي كل يوم تعلم مصر العالم شيئًا جديدًا, فاقتحام ميدان التحرير يوم 2فبراير2011بواسطة الجمال والخيول والبلطجية, والاعتداء علي المعتصمين بالتحرير, وإلقاء المولوتوف والذي استمر طوال الليل, وشاهده العالم كله كبث مباشر لم يكن حقيقة, بل كان فوتو شوب! وفيلمًا من أفلام الرعب التي يهوى المراهقون من مدعي الثورة والحرية أن يشاهدوها قبل النوم, خاصة إذا اقترنت بنوع من التشويق كالضرب بالآلات الحادة وبقايا السيراميك والأقفال الحديدية, حتى يتسنى لهؤلاء المراهقين الأغرار, حديثي الأسنان قليلي الخبرة بأفلام الرعب لمبتدعها هيتشكوك, أن يعايشوها على الطبيعة, كي يتفاخروا ويحكوا لأولادهم وأحفادهم كيفية التدليس والتزييف والمؤامرات والخيانات بدون معلم, وبأرخص الدماء, كانت أيضًا أحاديث إبراهيم كامل قبلها بليلة للتليفزيون وتهديده للمعتصمين بما سيحدث لهم غداً حدوته قبل النوم حتى يخاف هؤلاء الصبية ويذهبوا لبيوتهم ويحمدوا الله أن هيأ لهم صدرًا حنونًا ملاصقًا لابن الرئيس لينقذهم من الأحلام المزعجة بالحرية وإسقاط الفساد, ولم يكن تأسف مصطفى الفقى(وهو العالم ببواطن الأمور وكواليس الحكم, والمطبخ السياسى المحيط بأسوأ طباخ في تاريخ مصر), عندما علم بهذا الأمر ونوه إلى الشخصية الكبيرة التي دبرت المكيدة والموقعة والتى حازت علي البراءة في مهرجان البراءة للجميع, الذي أشرف علي تجهيز أسبابه, وأعد حيثياته المجلس العسكري بواسطة أجهزة مخابراته, ورجال شرطة مبارك, والنائب العام, وغيرهم من أعمدة الدولة العميقة, التي نشهد لها بالقوة والتماسك والتغلغل, والكمون حتى التمكن, ثم تضرب فى كل مرة ضربتها فى مقتل, لم يكن تصريح الفقي أن النظام قد انتهى بهذا التصرف الأحمق كافيًا ليقنع أحدًا بشيء, أو يثبت أن الأمر دُبِر بليل, وبأشخاصٍ معروفين ومحددين, كمن ظهروا فى الفيديوهات وهم يدفعون الناس دفعًا لقتل من في التحرير من الغوغاء! والدهماء! الذين صدقوا شعر أبي القاسم الشابي حول إرادة الشعوب, ولم يدركوا أن مصر ليست تونس! كما نبههم مراراً وتكراراً صفوت الشريف وأحمد أبو الغيط!, كل هذا لم يكن حقيقة بل أضغاث أحلام, وأحاديث نفس, ووساوس الشياطين, لا ترقى لمرتبة الفعل أو الجريمة, فالكل مجهولون, القتلة مجهولون وراكبو الجمال الذين كما يقول شفيق(ذهبوا للتحرير ليرقصوا!)مجهولون! والذين حرضوهم مجهولون! والذين مولوهم مجهولون! والقضية كلها مجهولة! تحتاج إلي إعادة نظر! وإعادة الإخراج مرة أخرى, ودماء الضحايا, وأنات الجرحى, والآم الثكلى, وأوجاع المكلومين, وضمائر الشرفاء, ونداء الوطنيين والمحبين لهذا الوطن, تهيب بأصحاب القرار وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الدكتور مرسي والذي تعهد بالقصاص للشهداء, وأن دماءهم أمانة فى عنقه, أن يتداركوا الموقف فالأمر جد خطير, وأعمدة الدولة العميقة تضرب بجذورها في أعماق المجتمع, وفى مراكز اتخاذ القرار, والمناطق الحيوية المؤثرة وسط الجماهير, وأرى أن السياسة المتبعة بمحاولة الإصلاح من خلال ترميم الجهاز والنظام القديم لن تجدى نفعًا, بل كما يقول السياسيون المحترفون إن إعادة هيكلة أجهزة الدولة هو الحل, بمعنى تغيير القوانين لتتماشى مع المزاج والواقع الثورى الجديد, ثم إيجاد وتولى الأفراد المقتنعين والقادرين على تنفيذ مبادئ وأهداف هذه الثورة, وهم فى حقيقة الأمر ليسوا بالقليل, لكن حدث لهم نوع من التهميش والإقصاء لمصالح حزبية, وحسابات انتخابية مستقبلية, وهذا قد يؤثر في المسيرة, وعلى مستقبل الرئيس نفسه, والذي يواجه الآن وضعًا صعبًا وشائكًا, من حيث تنفيذ وعوده قبل وبعد الانتخابات ومنها القضية المطروحة الآن.. حقوق الضحايا والشهداء وكشف الستار عن المذنب والمتهم والمنفذ الحقيقي لهذه الجرائم, فى ظل عدم تمكن الرئيس التمكين التام والسيطرة المطلقة علي المفاصل الرئيسية والمنفذة بالدولة, بل إن أغلب من يسيطر على هذه الأجهزة من أتباع النظام القديم, وإن ادعوا الثورية الآن, وعندنا الكثير من الأمثلة, لكن نقول للدكتور مرسي إن حكم البراءة هذا ناقوس خطر, وجرس إنذار, والوقت ليس في صالحك, وعليك أن تثبت أن ما حدث كان ثورة حقيقية, وأن موقعة الجمل كانت جريمة مكتملة الأركان, ومعلومة الأطراف, وليست بلاي استيشن, أو فوتوشوب !! دكتور جمال المنشاوى باحث إسلامي [email protected]