كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اليوم "الأربعاء" الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة خلفا لحكومة الدكتور فايز الطراونة التي قدمت استقالتها للملك اليوم. وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي أن الطراونة قدم استقالة حكومته للعاهل الأردني تمشيا مع التعديلات الدستورية الأخيرة والتي نجمت عن خريطة الإصلاح السياسي والتي تستوجب استقالة الحكومة بعد حل مجلس النواب الأردني حسب المادة "74" من الدستور. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد أصدر مرسوما يوم "الخميس" الماضي بحل مجلس النواب تمهيدا لعقد انتخابات نيابية مبكرة حيث ستقوم الهيئة المستقلة للانتخاب بإدارة الانتخابات والإشراف عليها وتحديد موعد إجرائها. وبإنتخاب المجلس النيابي القادم السابع عشر سيبدأ الأردن إرساء مفهوم التحول نحو الحكومات البرلمانية وستكون حكومة الدكتور النسور الحكومة الانتقالية الأخيرة قبل انطلاق مرحلة بدء تجربة التحول نحو الحكومات البرلمانية. وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في خطاب التكليف لرئيس الوزراء المكلف الدكتور عبد الله النسور "إن تحملك المسئولية بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة يأتي في مرحلة وطنية وإقليمية دقيقة، والبناء على ما تحقق من إنجازات عبر السنوات الماضية والنهوض بالمهمات والواجبات التي تتطلبها المرحلة". وأشار الملك عبد الله الثاني إلى مسيرة الإصلاح في الأردن وما أنتجته من قواعد دستورية وقوانين ومؤسسات ديمقراطية ستساهم بشكل ملموس في جعل المواطن في قلب عملية صناعة القرار. وأضاف " منذ عشر سنوات ونيف دعونا إلى الإصلاح والتحديث وحققنا إنجازات لا بأس بها على هذا الصعيد"، مشيرا إلى أنه تم تعديل وتطوير قانون الاجتماعات العامة وتأسيس نقابة المعلمين وتشكيل لجنة وطنية للحوار للتدارس في شأن قانوني الانتخاب والأحزاب حيث قاد التوافق الوطني المتاح إلى قانوني أحزاب وانتخاب نتطلع إلى استمرار تطويرهما عبر القنوات الدستورية والمؤسسية. وتابع العاهل الأردني" لقد جاءت التعديلات الدستورية التي طالت حوالي ثلث الدستور حيث رسخت الحريات ووفرت المزيد من الضمانات للسلطة القضائية والتشريعية إزاء السلطة التنفيذية وألغت إمكانية تعطيل الحياة البرلمانية وقيَّدت حل مجلس النواب حيث نعيش اليوم الأثر الإيجابي لهذه التعديلات على حياتنا السياسية كما نتج عنها مؤسسات ديمقراطية جديدة، أبرزها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب". وقال الملك عبد الله الثاني" لقد نفذنا جملة الاستحقاقات التي شكلت محاور رؤيتنا لعملية التجديد الديمقراطي والسياسي حيث أنجزت القوانين الناظمة للحياة السياسية وحلَّ البرلمان ودعونا لانتخابات مبكرة.. ونتطلع قدما للبرلمان القادم الذي سيؤسس لإرساء مفهوم التحول نحو الحكومات البرلمانية"، مشيرا إلى أن المواطن الأردني سيحدد بصوته البرلمان القادم والحكومة المنبثق عنه عبر صناديق الاقتراع وسيتمتع بأجواء أكثر ديمقراطية عبر رقابة عدة مؤسسات تحمي الحقوق والحريات والتوازن بين السلطات. وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في خطاب التكليف لرئيس الوزراء المكلف الدكتور عبد الله النسور "إن حكومتك التي ستضطلع بمهام وطنية جليلة معقود عليها الأمل بتقديم أداء وطني رفيع"، مشيرا إلى أنه في المجال السياسي يتصدر أولويات هذه الحكومة تعزيز التعاون مع الهيئة المستقلة للانتخاب ودعمها حيث أنها الجهة التي ستتولى إدارة الانتخابات المبكرة والإشراف عليها وفق أفضل المعايير الدولية للنزاهة والحياد والشفافية وعدالة العملية الانتخابية وصولا إلى انتخاب مجلس نيابي يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب وتطلعاته في مستقبل أفضل. وأضاف أن مسئولية هذه الحكومة الرئيسية في هذه المرحلة الانتقالية هي التأسيس لنقلة نوعية في تاريخ الأردن السياسي وتحوله الديمقراطي ومواصلة الحوار مع جميع شرائح المجتمع والأحزاب والقوى السياسية لتشجيعها على المشاركة الفاعلة في الانتخابات ترشيحا وانتخابا، والاستمرار في حث الأحزاب والقوى السياسية على تبني برامج عملية ومنطقية تقنع الناخبين وتستجيب لطموحاتهم، وتمكنهم من التأثير بفاعلية في عملية رسم السياسات خاصة فئة الشباب لدورها الريادي في مسيرة الإصلاح والتحديث. وطالب العاهل الأردني الحكومة الجديدة بالإسراع في البناء على ما تم إنجازه في موضوع الانتخابات البلدية بما يرسخ النهج الديمقراطي ويثري العملية التمثيلية في كل مستوياتها لتمكين المواطنين من صنع قرارهم الوطني والمحلي وتعزيز ثقتهم بدولتهم ومؤسساتها. وقال الملك عبد الله الثاني" لقد بادرنا منذ انطلاق الربيع العربي وتجلياته الأردنية إلى تحويل التحديات إلى فرص وحوافز للإصلاح وترسيخ الديمقراطية"، مشيرا إلى أن التاريخ والذاكرة الوطنية سيسجلان أن الربيع الأردني كان حضاريا ومسئولا وواعيا ونموذجا في السلمية. وأكد على مسئولية الحكومة الجديدة في احترام حق المواطن في التعبير عن الرأي في إطار القانون، والتأكيد على حقه في التظاهر السلمي الذي لا يعتدي على الممتلكات العامة أو الخاصة ولا ينتهك حقوق الآخرين أو ينتقص منها بل يحترم اختلاف الرأي وتنوعه دون التهاون في حفظ أمن الوطن والمواطن وفرض النظام وسيادة القانون. وشدد على أن الجهاز القضائي هو الضمانة لتحقيق العدالة والمساواة وسيادة القانون بين الجميع، مطالبا الحكومة الجديدة بتقديم كل أشكال الدعم لتمكين الجهاز القضائي من تنفيذ خططه وبرامجه وتحسين أداء مرافقه وأجهزته وسريع إجراءات التقاضي.وقال "إننا ننظر بكل اعتزاز إلى المنجز الديمقراطي والدستوري الذي سجله الأردن مؤخرا، والذي تمثل في تشكيل ومباشرة المحكمة الدستورية لمسئوليتها"، داعيا إلى توفر سائر أشكال الدعم لها لتتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه وبما يحفظ مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات وسيادة القانون وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية.