أعرب المستشار سعد النزهي، رئس نادى أعضاء هيئة النيابة الإدارية، عن شعوره بالقلق والخطر إزاء ما تتجه إليه الجمعية التأسيسية للدستور من حرمان النيابة الإدارية من اختصاصاتها القضائية. وأشار النزهى فى رسالة بعث بها إلى المستشار أحمد مكي، وزير العدل، نيابة عن أعضاء النيابة الإدارية بالإسكندرية إلى أن هذا الأمر يمثل إحياءً لعقيدة سابقة لرئيس الجمعية التأسيسية بأن النيابة الإدارية ليست من الهيئات القضائية، وإنما فرع من جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل. وأكد أنه قد خاطب المستشار حسام الغريانى، قائلا له (( عقيدة تعيدون طرحها بغير حرج من التصدى لأمر كان لكم فيه قرار مسبق، تم رده بتفسير دستورى، فهل تعيدون التاريخ من جديد بالإقصاء من الدستور؟ ...)) وقلت إنه يثير قلقنا. كما أشار إلى أنه سأل المستشار ناجى دربالة، عن سنده القانونى، بالنصوص القانونية، والسوابق القضائية والدستورية، لما ذهب إليه بالجمعية التأسيسية من أن النيابة الإدارية هيئة رقابية، ولا مكان لها فى السلطة القضائية، أخذًا فى اعتباره نص المادتين 93 ، 125 من قانون السلطة القضائية، حيث تم نقل النص الأخير إلى قانون النيابة الإدارية بالتعديل رقم 12/ 1989 . وأضاف النزهى أن الذين يميلون الميزان إلى جانبهم، يفقدون صلاحية أن يكونوا رمانة ميزان العدل الذى لا يستقيم إلّا بكفتى الاتهام والدفاع، ولا يكتمل إلّا بممثل الاتهام، باعتباره جزءاً أساسياً من تشكيل المحكمة، وهو دور النيابة الإدارية المماثل لدور النيابة العامة، تحقيقاً واتهاماً وتمثيلاً، وجزءاً لا يتجزأ من تشكيل محاكم السلطة القضائية ومن ثم لا يجوز، ولا يمكن القبول بهدم مركز قضائى مكتسب ومستقر لكل عضو بالنيابة الإدارية، بنقله من مركزه القضائى إلى مركز غيره، مثل المحكوم عليهم فى جريمة تأديبية بعدم الصلاحية. وشدد على أن الوطن والمواطنة تبدأ من انتماء شخصى، وتلك النيابة هى وطننا الأصغر، ومن خلالها كان لنا دور مشهود، وذلك من خلال دور وقائى تضمن به النيابة بسلطانها التأديبى حق كل مواطن فى المرافق العامة ( كالمياه ، والكهرباء ....) وفى الخدمات العامة ( مثل التعليم والصحة ...) والحق فى المحافظة على المال العام، وذلك بالتزام الجهاز الإدارى بأداء دوره بانتظام، خوفا من التعرض للمساءلة التأديبية، لما لها من تأثير مالى مؤثر فى الأجر والحوافز والبدلات، وفى المركز الوظيفى، بتجميد الترقيات والإعارات والبعثات وكل المميزات الوظيفية طوال مدة المحاكمة. وتابع، أن الدور الثانى هو دور إصلاحى عقابى ، حين يقع الاعتداء على أى حق للمواطن، أو على المال العام، وذلك بالتحقيق والكشف عن أسباب الخلل الإدارى، ومعالجته بالتوصيات، وردعه بالعقوبات مع تتبع المال العام لاسترداده، أو تحصيل قيمته من كل من ساهم وتسبب فى ضياعه. ونفى النزهى أن تكون المشكلة مشكلة الدستور، والفتنة المشتعلة والمفتعلة بين أهل القضاء، فى تعريف أو تفسير مصطلح السلطة القضائية، من يدخل فيها، ومن يخرج منها، فلا جدوى ولا منفعة للناس فى ذلك التمييز الشكلى، وإنما فى أعناقنا جميعاً عهد وقسم، برعاية مصالح الشعب بضمير مستقل، قادر على الانتصار على نفسه، ليقترب من صفتى الله: الحق والعدل، من أول خطوة فى التقاضى تحقيقاً واتهاماً، ومحاكمة، وطعناً، دون اختزال الحق فى منصة الحكم وحدها، حيث البراءة متاحة فى الخطوة الأولى بغير محاكمة، ومن ثم تتطلب جميع خطوات التقاضى، جميع الضمانات المقررة للقضاة، باعتبارهم جميعاً يشكلون نسيج السلطة القضائية، دون استئثار أو إقصاء، مما يستعصى على الضمير القضائى. واختتم النزهى رسالته لوزير العدل بأن الأمة بأسرها تتطلع إلى قضاء خادم، يعلو ولا يستعلى، وليس من حق أحد أن يختزل الوطن فى ذاته وميزاته، تكريساً لتمييز دستورى، وإخلالاً بالعدالة الدستورية.