لست واثقا من نوايا الاضطرابات والمظاهرات والاحتجاجات التى تضرب القاهرة والتى زادت فى العشر الأواخر من مئوية مرسى وتكاد تصيب الحياة بالشلل التام. لو كنت ناصحا لنصحت الرئيس محمد مرسى بترك قصر الاتحادية وكل القصور الرئاسية فى العاصمة ويتجه إلى مدينة أخرى يدير منها أمور البلاد ويأخذ حكومته معه. إنه الاضطرار، فالناس لا تريد أن تعمل ولا ترغب فى الديمقراطية وتطلب عصا الجلاد، وطبعا لا تنازل عن الديمقراطية ولن نرضى بالعودة للمعتقلات، ولا نقبل على شعب مصر النظرية التى قالها الإنجليز عنه عندما احتلوا بلادنا، تجمعه الطبلة وتفرقه العصا! قد يكون الانتقال لمدينة أخرى ينطلق منها بهدوء وبدون وجع رأس هو التمهيد النموذجى لحلم راود السادات بنقل العاصمة إلى مكان آخر وجعل القاهرة عاصمة اقتصادية. كثير من الدول فعلت ذلك ونجحت وتغير شكلها أمام العالم، فالعواصم دائما هى البقعة المرئية التى تتركز عليها الأنظار. طبعا مرسى لم يترشح ليكون رئيسا لمدة 100 يوم فقط، وليس منطقيا أننا نعيش العشر الأواخر منها كما تتحدث صحافة القاهرة وبعدها يرحل مرسي. وحكاية الوعود مردود عليها، بأن بلدا كمصر لا يملك موارد كافية ويحتقن بالمشاكل والتردى الاقتصادى والاجتماعى والانفلات والبلطجة والفساد، لا يمكن لأى حاكم مهما أوتى من السحر والخيال إخراجها من نفقها المظلم فى هذه المدة القصيرة. الإنصاف يقتضى القول إن فترته الرئاسية الأولى كأربع سنوات لا تكفى للوفاء بربع الوعود التى قطعها على نفسه، وهى فى الأول والآخر وعود انتخابية يقول مثلها كل مرشح فى حملته ليربح النتيجة، وبعدها يحاول بكل جهده تحقيق ما وعد به، فإذا فشل يكون حسابه بعد نهاية فترته بأن يدير الناس عنه ظهورهم فى الانتخابات الجديدة. لكن الملاحظ أن هناك إصرارا على إفشاله ودفعه دفعا إلى الهروب من المنصب بواسطة ضغط الاضطرابات والاحتجاجات. ولو كان غيره فى المنصب للجأ إلى قرارات استثنائية وهى حق له للمحافظة على الاستقرار الذى سيتهاوى بشدة إلى أسفل سافلين إذا استمر انسداد شرايين الحياة فى القاهرة من الأطباء إلى سائقى الميكروباص. ولا حل أمامه سوى الهروب بحكومته من القاهرة وليس الهروب من المنصب. ليختار أى مدينة بعيدة يمارس منها مهمته ويعالج مشاكل هذا البلد الفقير الذى يطلب منه شعبه أن يطبع الورق النقدى ويوزعه على المحتجين والمضربين، وأكثر الله من المطابع ومن الورق! لا حول ولا قوة إلا بالله.. كان الله فى عونك يا مرسي. [email protected]