منذ 6 أشهر هناك أزمة واضحة مستمرة فى مستشفى الزقازيق العام، أزمة وصلت إلى حد إضراب 12 طبيباً من أطباء المستشفى عن الطعام، سجلوا فى الأوراق الرسمية باعتبارهم 8 مضربين، وعندما تدخل المستشار "يحيى عبد المجيد" محافظ الشرقية قبل رمضان بثلاثة أيام ووعد المضربين بالاستجابة لمطالبهم، وافقوا على إيقاف إضرابهم، وانتظروا تنفيذ الوعد الذى لم يتحقق حتى الآن، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انطلقت شائعات تحاول النيل من سمعة الأطباء الذين أضربوا حماية للمال العام، ودفاعاً عن حقوق المرضى، وكانت أكثر هذه الشائعات غباءً تلك الشائعة "المكارثية" التى اتهمتهم بأنهم "شيوعيون"، فهل يعتقد مصدر هذه الشائعة أن "صحيح الإيمان" يقتضى "الطرمخة" على المخالفات والسكوت عن الحق؟ ولو صح أنهم شيوعيون، فإننا نطالب المؤمنين بالعمل على إصلاح الخلل الكبير فى المستشفى وتحسين الخدمة للمرضى الذين يلقون معاملة لا يرضى عنها شيوعى ولا مؤمن! مطالب الأطباء المضربين ومعهم معظم العاملين فى المستشفى تتلخص فى ضرورة تشكيل لجنة محايدة تحقق فيما يرون أنه "مخالفات مالية وإدارية"، أبسطها أن مدير المستشفى غير متفرغ، فمازال يعمل فى عيادته الخاصة، وأنه يحصل على نسبة من دخل المستشفى، فضلاً عن مخالفات أخرى "ثقيلة" يحتاج الحديث عنها إلى فحص واف متخصص للمستندات التى يحملونها، وهم يؤكدون أن تعدد لوائح وزارة الصحة يقف وراء الخلل فى مستشفياتها، وأن إدارة المستشفى تختار النص الذى يعجبها من أى لائحة لتطبقه، مع أن المفروض أن اللائحة الجديدة تَجُبُ اللائحة القديمة. والمؤكد أن هناك التباسات تحتاج إلى توضيح، فليس من المنطقى أن تشكل جهات تحقيق رفيعة المستوى ثلاث لجان للتحقيق من قبل، ثم تصرفها قبل أن تتم مهمتها وبدون إبداء الأسباب، ولا من المنطقى أن يخاطر أطباء محترمون بحياتهم ويضربون عن الطعام لمجرد أنهم "شيوعيون"! ولا من المنطقى أن يعد المحافظ بتلبية مطالب الأطباء المضربين ثم يكتفى بتشكيل لجنة من أساتذة كلية الطب، وهى لجنة مؤهلة للتحقيق من الناحية العلمية، لكنها تفتقر إلى الكفاءة المناسبة للحكم على الجوانب المالية والإدارية. الخلاصة أن الأمور حتى الآن تسير فى طريق مسدود، وأن حالة التذمر قائمة، ما ينذر بمعاودة الأعمال الاحتجاجية الاعتصام والإضراب من جانب الأطباء، ويؤكد أن الخلل الذى يحتجون عليه مازال موجوداً، ولا أدرى لماذا لا يتم إجراء تحقيق جدى حفاظاً على المال العام وتصحيحا للانحرافات إن كان الأطباء على حق، أو كشفاً لحقيقتهم لو كانوا "شوية شيوعيين"إ إن غضبة أطباء مستشفى الزقازيق لا تكشف الخلل فقط، بل إنها تضع السيف فوق عنق الجميع وتلزمهم الحجة، ونرجو ألا تقع الكارثة التى حذر الأطباء منها مراراً وتكراراً بعد تدنى مستوى الخدمة الصحية فى المستشفى، الكارثة التى لن يستطيع واحد من المسئولين التبرؤ منها لو حدثت، فكلهم يعلمون، وكلهم حتى الآن متقاعسون عن إجراء التحقيق المطلوب.. يا مؤمنين .