الترقب يخيم على المؤتمر العام لحزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الإخوان، والذى من المقرر عقده فى أكتوبر المقبل، لاختيار رئيس للحزب، فضلاً عن شغل عدد من المواقع التنفيذية بالحزب، وهو ترقب مشوب بالحذر، وبالآمال، فى وقت واحد بحثاً عن تجربة ديمقراطية حقيقية، يشيد بها العدو قبل الصديق. منذ أكثر من عام، عنونت مقالتى التى نشرتها "بوابة الوفد" ب 3 خطايا فى حزب الإخوان، أوجزها سريعًا فى اختيار الدكتور محمد مرسى رئيسًا للحزب، دون أن تبث لقطة واحدة لما قيل إنه عملية اقتراع، وبدا الأمر أشبه بحركة "تعيينات" أقرها مكتب إرشاد الجماعة وصدق عليها مجلس الشورى، فى الوقت الذى كان البعض يترقب فيه - وفقا للقواعد السياسية المتعارف عليها - إجراء انتخابات بين مؤسسى الحزب لاختيار هيئته العليا، والتى بدورها تنتخب رئيسًا للحزب. الخطيئة الثانية - من وجهة نظرى - تمثلت آنذاك فى اختيار ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد لتولى أبرز المواقع القيادية فى الحزب، ما اعتبره البعض قصورًا سياسيًا، الأمر الذي أثار المخاوف من أن الحزب فى طريقه ليكون صورة مستنسخة من مكتب الإرشاد، أو بشكل أصح سيخضع لوصايته. الخطيئة الثالثة ترتبط بتغييب دور جيل الوسط والشباب، فرئيس الحزب كان الدكتور محمد مرسى من مواليد عام 1951، ونائبه العريان مواليد 54، والأمين العام الدكتور محمد سعد الكتاتنى من مواليد 1952، أى أن قيادات الحزب الثلاثة تجاوزا الستين أو فى طريقهم نحو ذلك، في الوقت الذي يظل الحديث فيه عن دور جيل الأربعينيات والثلاثينيات حبرًا على ورق. الأزمة لا تتعلق بالإخوان فقط، ويمكن القول إنها أزمة مجتمع.. جميع وزرائه ومحافظيه ورؤساء الهيئات والشركات والتنظيمات السياسية فيه بين الخمسين والستين والسبعين، وبعضها فوق الثمانين، الأمر الذى يعزز القول بأنه لكي تصل لموقع قيادي في أي مؤسسة لابد أن يبيض شعرك، وتبدو عليك علامات الشيخوخة. هناك تساؤلات مكتومة داخل الصف الإخوانى عن غياب القيادى جمال حشمت، والدكتور حلمي الجزار، والنائب البرلماني محمد البلتاجى، وأشرف بدر الدين، ومحسن راضي، والصيدلي أحمد رامي، والصحفى عامر شماخ، والكاتب مصطفى كمشيش، وغيرهم من الكوادر والكفاءات والباحثين المخضرمين، لكن يبدو أن شعرها لم يبيض بعد!!. أكتب اليوم وقبل ساعات من اجتماع الهيئة العليا للحزب يوم السبت لتحديد ميعاد المؤتمر العام للحزب الذى سيتولى انتخاب رئيس جديد للحزب، والأمل يحدونى فى اقتراع نزيه تبثه الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية، آملا إجراء عملية انتخابية حرة، بعيدًا عن "الشورى الموجهة"، والرسائل السلبية التى تتسرب إلى القيادات الوسطى بأن الجماعة تريد "فلان" أو "علان" تحت شعار "إخوانك شايفين كده". نريد أن نشعر بكيان حقيقى يقدم تجربة ديمقراطية تذهل العالم فى اختيار قياداته، دون توجيه، أو إسقاطات سلبية، من عينة أن "البلتاجى" مثلاً "شارد" ويجب وضعه تحت السيطرة " under control"، وهى تعليمات صدرت بالفعل من بعض قيادات الجماعة ضد الرجل، وأتحدى مَن ينكرها. أيا كان القادم.. العريان أم دراج أو البلتاجى أو حسين إبراهيم أو غيرهم.. المهم أن تكون عملية انتخابية نزيهة تتوافق مع المعايير الديمقراطية، دون أن تخضع لتوجهات رجل حديدى أو نحاسى، أو لمجموعة بعينها دون غيرها. بالله عليكم لا تضيعوا الفرصة.. وأرونا على أرض الواقع حرية وعدالة.