تظهر من فترة إلى أخرى للأسف الشديد بذاءات تسيئ للأديان ولمعتقدات الغير مثل الفيلم أو الرسوم المسيئة للرسول (ص) وتسمى إبداعا ، ويتم حمايتها وعدم محاسبة المتسببين فيها تحت إدعاء حرية الرأي والتعبير. ويرفض الغرب بتأثير الفكر الليبرالي المطلق وضع أي حدود على هذه الحريات معللا ذلك بأن هذه الحريات هي من الحريات الأساسية في حقوق الإنسان. وللأسف الشديد يسير على هذه الدرب حتى في بلادنا ، تابعي هذا الفكر وبعض مثقفينا وفنانينا وكثير من المدافعين عن حقوق الأنسان. وسيلاحظ تواري أصوات من كان يصول ويجول للدفاع عن عادل إمام وإلهام شاهين تحت مسمى حرية الرأي والتعبير والإبداع ، مع عدم موافقتي كذلك على ما تم مع هذين الفنانين. ولكن الغريب أن نرى أن هذه الأصوات المدافعه عنهما توارت اليوم ، عندما كانت الإساءه للرسول (ص) أو للإسلام !! فالإساءه للفنانين هي ضد حرية الرأي والتعبير والإبداع ، أما الإساءه للرسول (ص) فلا !! بل يجب حمايتها لأنها هنا هي حرية رأي وتعبير !! بل إنه لو طبقنا إن حرية الرأي والتعبير ليس لها حدود ، لسمحنا لمن تتطاول بالقول على الفنانة إلهام شاهين واعترضنا على تقديم الفنانة بلاغا ضده. فما قاله في هذه الحالة يدخل من باب حرية الرأي والتعبير التى لا يجب ان تفرض عليها قيودا كما يدعون وينادون!! وكأن حقوق الإنسان هي السب واهانة الغير والخروج على الاداب والاخلاق وازدراء أديان ومعتقدات الغير، ودعوه مفتوحه لأن نتبارى في إهانة بعضنا البعض. وقد اعتمد كل هؤلاء في هذا المسخ على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهذا الإعلان من ذلك برئ. فلقد وضع هذا الإعلان ضوابط لهذه الحريات. ولم يقيدها بحريات الآخرين فقط ولكنه قيدها كذلك بالنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق وذلك حيث ذكر بالمادة (29) البند (2) " يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط ، لضمان الإعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ". بل إن الغرب ذاته يضع قيودا على هذه الحريات والتي منها على سبيل المثال :- 1- عدم التعدي على الحرية الشخصية. وما نشر صور الاميرة كيت منا ببعيد. والتى قام القصر على أثرها بمقاضاة الصحيفة الفرنسية ذاكرا ان ما تم ما هو الا تخطى للخط الاحمر للحريات !! 2- عدم الإساءه لليهود (معاداه السامية). 3- عدم إنكار الهولوكست. والتى حوكم وعوقب بسببها كثيرون. وما سجن روجيه جارودى كذلك منا ببعيد لذا فإن إغفال هذا الفهم الصحيح لحرية الرأي والتعبير والإبداع وحدودهم ، سينتج عنه فضلا عن تعديه على حق الغير ، عدم تحقيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأهدافه المطلوبة والمذكورة في دباجته و هى " تحقيق الحرية والعدالة والسلام في العالم ، ... وحماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم ، ... وكان من الجوهري فيه تعزيز تنمية العلاقات الودية بين الدول ". وبالتالي فإن الفهم المغلوط والمبتور للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تسبب فيما نحن فيه. ولم يعصف بجميع أهداف الإعلان فقط ، ولكنه كاد أن يتسبب إلى تحقيق عكس أهدافه بالكامل. وذلك بتسببه في تهديد السلام العالمي وإفساده للعلاقات الودية بين الدول ، بل والتي كادت أن تصبح بين الشعوب أيضا. ولذا فإنني أطالب بإصدار تشريع دولي ب " احترام معتقدات وأديان الغير ، وتجريم المساس بهما أو إزدرائهما " فهو لإظهار حق من الحقوق وعلاقة في حقوق الإنسان ، أصبح يغفل عنها الكثيرون ، وتكاد أن تدمر السلام العالمي. مما يصبح معه إعادة تأكيدها وإظهارها بشكل واضح وصريح في حكم الإلزام. كما أناشد أصحاب الفكر والكلمة بتوضيح حقيقة وجود حدود لهذه الحريات وأنها ليست حريات مطلقه كما يدعي الكثيرون. كما أطالب الرئاسة والمؤتمر الإسلامي والأزهر والكنيسه والمجلس القومي لحقوق الإنسان بدعوة المجتمع الدولي والمجلس العالمي لحقوق الإنسان والأمم المتحدة بضرورة إصدار التشريع المذكور. وكذلك إضافته إلى الدستور المصري. ومراعاة أنه مع أهمية وضع حقوق حرية الرأي والتعبير والإبداع في هذا الدستور ، ولكن يتساوى معه في الأهمية كذلك وضع حدود لهم. وخاصة وان المسودة الاخيرة للدستور تشير الى حذف هذه الحدود والضوابط. وإن لم نفعل فسوف نكون غدا مثل الدانمارك اوأمريكا في هذه السقطة وهذا الخلل. وخاصة مع عدم فهم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشكل صحيح. [email protected]